أعلن المجلس الرئاسي الليبي، اليوم الخميس، عن مبادرة لحل الأزمة السياسية في البلاد، تستند إلى عقد لقاء تشاوري يجمع المجالس الثلاثة (النواب، والمجلس الأعلى للدولة، والرئاسي) بالتنسيق مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة.
وأوضح المجلس أن هذه المبادرة تهدف إلى "التهيئة لحوار دستوري كأولوية لإنهاء المراحل الانتقالية، تضمن فيه المبادرات والأفكار والرؤى التي طرحتها الأحزاب والقوى الوطنية على المجلس الرئاسي"، في إشارة منه لإشراك الأطياف السياسية الأخرى.
وقال الرئاسي، في بيان عبر "فيسبوك"، إن المبادرة تعد مقاربة لتجاوز الانسداد السياسي وتحقيق التوافق الوطني، مشيرا إلى أنها تأتي اتساقا مع نصوص خارطة الطريق، والحرص على إنجاز التوافق بين مجلسي النواب والدولة على إصدار قاعدة دستورية تؤسس لانتخابات برلمانية ورئاسية وتعالج النقاط الخلافية العالقة، في ظل استمرار تعثر إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور بموجب التعديل العاشر للإعلان الدستوري واتفاق الغردقة الذي تم بين المجلسين برعاية أممية واستضافة مصرية.
خلافات مجلسي النواب والدولة
وتتماهى مبادرة الرئاسي مع ما طالب به المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي، السبت الماضي، حول ضرورة إطلاق حوار بين المجالس الثلاثة، كما أنها تأتي بعد يوم من تصاعد الخلافات بين مجلسي النواب والدولة بعد إعلان رئيس مجلس الدولة، خالد المشري، أمس تعليق التواصل مع رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، وتعليق أعمال اللّجان المشتركة بين المجلسين، على خلفية اعتراضه على إقرار مجلس النواب قانون إنشاء محكمة دستورية تحال إليها اختصاصات الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، ويكون مقرها بمدينة بنغازي.
وبإصدار مجلس النواب قانون إنشاء محكمة دستورية توسعت الأزمة الدستورية لتتجاوز حدود الأطر الدستورية للانتخابات وتطاول المؤسسات القضائية، ما حدا بالمشري إلى اشتراط "إلغاء القانون" لعودة التواصل مع مجلس النواب.
واعتبر أن إصدار القانون "محاولة غير بريئة ومتكرّرة للزّجّ بالقضاء الليبي في التّجاذبات السياسية"، وأن "الآثار المترتبة على القانون قد تودي بالبلاد ووحدتها، وتجرها إلى مزيد من الانقسام والتّشظّي، وتضرّ بشكل مباشر باستقلالية القضاء"، داعيا القضاء الليبي إلى "عدم العمل به أو تسمية أيّ من رجال القضاء لعضوية المحكمة الدستورية المستحدثة".
ولم يعلق رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح من جهته على تعليق التواصل من طرف مجلس الدولة، إلا أنه أشار ضمن بيان أمس الأربعاء إلى أن إصدار المجلس لقانون إنشاء المحكمة الدستورية "تأكيد على حماية الحريات والحقوق، وتعزيز القضاء المتخصص في الشأن الدستوري".
وأوضح أن القانون يعد تأكيدا لما تضمنته مسودة الدستور "التي توافق عليها أعضاء لجنة المسار الدستوري المُشكلة من المجلسين، دون أن يعترض عليها أحد، مما يؤكد رغبة الجميع في إنشاء قضاء دستوري يحمي الحقوق والحريات"، معربا عن استغرابه من "عدم فهم المقصود والهجوم ضد قانون إنشاء المحكمة".
وأكد صالح أن خطوته "تحقق العدالة، ولا تأثير لها على المسار الدستوري الذي عندما يصدر من خلاله الدستور، ستلغى كافة القوانين المخالفة لنصوصه". على حد قوله.
وكان من المقرر أن يستمر المجلسان في بحث بعض المسائل العالقة، على رأسها مسألة القاعدة الدستورية، وملفا: المناصب السيادية، وتوحيد السلطة التنفيذية، خصوصا عزم رئيسي المجلسين، صالح والمشري، عقد لقاء في الزنتان الأحد الماضي لمناقشة الملفات الثلاثة.
المجلس الرئاسي يحاول العودة للمشهد
وقال عضو مجلس النواب وعضو اللجنة الدستورية المشتركة، الهادي الصغير في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، إن لقاء صالح والمشري في الزنتان، كان سيناقش تغيير السلطة التنفيذية، بما فيها المجلس الرئاسي، وهو ما يجعل مبادرة الأخير الحالية محاولة منه للرجوع للمشهد.
ولمّح مستشار رئيس المجلس الرئاسي لشؤون الانتخابات، زياد دغيم، خلال تصريحات صحافية الأحد الماضي، إلى عزم المجلس الرئاسي المشاركة في حوارات المسار الدستوري.
وقال دغيم: "مجلسا النواب والدولة لا يملكان الاستمرار وحدهما في المسار الدستوري، وفق خريطة الطريق" المنبثقة من ملتقى الحوار السياسي نهاية عام 2020، مشيرا إلى أن المادة رقم 4 من خريطة الطريق، أحالت أمر التشاور حول المسار الدستوري "إلى القوى السياسية في ليبيا بشكل أوسع من المجلسين".
وأضاف: "المادة الرابعة منحت المجلسين مهلة 60 يومًا تنتهي في 21 يناير/ كانون الثاني 2021، للاتفاق على قاعدة دستورية، ثم ينتقل الاختصاص لملتقى الحوار السياسي"، مشيرا إلى إمكانية توسيع دائرة المشاركة في الحوار حول المسار الدستوري في "الأيام القادمة" في إشارة لمبادرة الرئاسي.