تمكنت اتحادات القبائل المختلفة في محافظة شمال سيناء، شرقي مصر، من تحقيق إنجازات حقيقية وملموسة على أرض المعركة المستمرة منذ عام 2013 ضد تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش".
فقد تمكن "اتحاد مجاهدي سيناء" المنتمي لقبيلة السواركة، من دخول مناطق واسعة في جنوب مدينة رفح المصرية لم يتمكن الجيش المصري من دخولها طيلة السنوات الماضية، في حين تمكن من قبله "اتحاد قبائل سيناء" المنتمي لقبيلة الترابين، من دخول مناطق جنوب الشيخ زويد لم يدخلها الجيش أيضاً، على الرغم من الكثافة النارية من الجو والبر.
ويمهّد ذلك، بحسب ما يرى متابعون، لعودة سكان هذه المناطق إليها بعد سنوات من تهجيرهم منها. ولا تمتلك المجموعات القبلية سوى مركبات دفع رباعي حصلت على جزء منها من قيادة عمليات الجيش المصري، وبعض الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، في حين يملك الجيش في سيناء مئات الدبابات والمدرعات والمركبات المحصنة ضد الرصاص، وآلاف العسكريين، وتشكيلات متعددة من القوات الخاصة المدربة على حرب الشوارع ومكافحة الإرهاب.
تمكن "اتحاد مجاهدي سيناء" من فتح طرق رئيسية كانت مغلقة من قبل تنظيم "ولاية سيناء"
"اتحاد مجاهدي سيناء" يدخل مناطق واسعة بجنوب رفح
وحول الوضع الميداني جنوبي مدينة رفح بشمال سيناء، قالت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، إن "اتحاد مجاهدي سيناء" الذي برز أخيراً، ويقوده الشيخان موسى وعبد المجيد المنيعي من قبيلة السواركة، تمكن من دخول مساحات جغرافية واسعة في جنوب المدينة.
وفي مقدمة هذه المناطق نجع شيبانه والمهدية والجورة والعجراء وما يتبع هذه المناطق من قرى ومربعات، بالإضافة إلى فتح طرق رئيسية كانت مغلقة من قبل تنظيم "ولاية سيناء" طيلة السنوات الماضية.
ووفق المصادر، تمكن الاتحاد خلال العمليات العسكرية التي قام بها "من قتل واعتقال عدد من عناصر تنظيم ولاية سيناء ونسائهم وأطفالهم، فضلاً عن العثور على مخازن أسلحة وأدوية ومواد متفجرة وسيارات كان يستخدمها التنظيم".
وبحسب المصادر القبلية، فإن كل ما تحقق موثّق بالصور والفيديو من قبل عناصر الاتحاد، في حين أعلن التنظيم أخيراً عن مقتل عدد من عناصره بشكل رسمي نتيجة الهجمات التي يقوم بها أفراد القبائل.
القوة العسكرية لـ"اتحاد مجاهدي سيناء"
وأوضحت المصادر ذاتها أن قوام القوة العسكرية التابعة لـ"اتحاد مجاهدي سيناء" يبلغ 300 مقاتل، محمولين على 120 مركبة رباعية الدفع، ويمتلكون بعض الأسلحة المتوسطة والخفيفة، وهم يُرافقون بغطاء جوي في بعض الأحيان.
وأضافت أنه "في المقابل، لم يشارك أي جندي مصري أخيراً في عمليات الاقتحام لأماكن وجود ولاية سيناء، ولم تشارك المدرعات المصفحة والجيبات التابعة للجيش في المداهمات".
وتابعت المصادر أنه "على الرغم من ذلك، تمكّن عناصر الاتحاد من الدخول إلى كافة المناطق التي قرروا تطهيرها من داعش، وبدأوا في تحضير خطط للدخول إلى مناطق أخرى مجاورة خلال الأيام القليلة المقبلة، بما يؤدي إلى إنهاء وجود التنظيم في كافة المناطق في مدينة رفح الملاصقة للحدود مع قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة".
لم يشارك أي جندي مصري أخيراً في عمليات الاقتحام لأماكن وجود ولاية سيناء
وكانت "العربي الجديد" قد كشفت قبل أيام، عن خطة عسكرية وأمنية جديدة ينفذها تشكيل قبلي جديد يسمى "اتحاد مجاهدي سيناء"، يشرف عليه جهاز المخابرات العامة المصرية.
وتهدف الخطة إلى طرد تنظيم "ولاية سيناء" من القرى القريبة من الحدود المصرية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، جنوب مدينة رفح.
ويأتي ذلك في وقت تراجع فيه أداء "اتحاد قبائل سيناء" الذي يديره رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني، المقرب من محمود السيسي، نجل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومن جهاز المخابرات الحربية بشكل عام.
عودة المهجرين في سيناء إلى مناطقهم؟
في السياق، قال أحد وجهاء سيناء الذي يقطن حالياً خارجها بعد تهجيره من قريته على يد الجيش المصري، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "ما تقوم به القبائل في سيناء، بتطهير الأرض من داعش، بهذه الأدوات البسيطة التي تملكها الاتحادات العاملة، يشير إلى أن أساس الإنجاز يعود إلى الرغبة فيه".
وأضاف المصدر "أما النشاط العسكري النظامي، فكان يهدف إلى تقليم أذرع التنظيم، وتقليص نشاطه العملياتي في سيناء، وإجباره على عدم استهداف الثكنات والمواقع العسكرية، وهذا ما كان فعلاً خلال السنوات الثلاث الماضية، في حين أن التنظيم، والكل يعلم، كان يستقر في مناطق متعددة في سيناء، بما فيها رفح المهجرة".
مصدر قبلي: من حرّر الأرض من داعش هم أبناؤها
ويلفت المتحدث نفسه إلى أنه من قرية المهدية، جنوبي رفح، وسيعود إليها فور الحصول على إشارة من "اتحاد مجاهدي سيناء" تفيد بتأمين المنطقة وإمكانية العودة إليها، وهو ما يُتوقّع أن يقوم به أيضاً معظم أهالي مناطق جنوبي رفح الذين هجروا منها قبل سنوات.
ويؤكد المصدر أن "من حرر الأرض من داعش هم أبناؤها من قبيلة السواركة في غضون أيام، في حين كان أفراد التنظيم يستقرون في قرى جنوب رفح طيلة السنوات الماضية، فالمشاهد التي ترسل من أرض المعركة، تشير إلى زواج هؤلاء وإنجابهم الأطفال، فضلاً عن تمكنهم من تربية المواشي وزراعة الأرض، وكأنهم في دولة لهم ولا يستطيع أحد الوصول إليهم".
ويشير المصدر القبلي إلى أن "الخطورة في المرحلة المقبلة تكمن في ملاحقة عناصر تنظيم ولاية سيناء في المناطق المتبقية من مدينة رفح وساحلها".