أجمع عدد من كبار المعلقين في تل أبيب على أنّ العدوان المتواصل، الذي بدأه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة ليلة الثلاثاء، فشل في تغيير قواعد الاشتباك القائمة مع المقاومة الفلسطينية وأخفق في "فرض معادلة ردع جديدة".
وفي تحليل أعده معلقها العسكري يوآف ليمو، قالت صحيفة "يسرائيل هيوم"، ذات التوجهات اليمينية والتي تعد بوقاً للائتلاف الحاكم، اليوم الخميس، إنه على الرغم من أنّ إسرائيل "جبت ثمناً باهظاً من حركة الجهاد الإسلامي.. إلا أنّ عمليتها العسكرية المتواصلة فشلت في فرض معادلة ردع جديد"، في إشارة إلى عمليات الاغتيال، التي طاولت قيادات بـ"سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
وكتب ليمور: "من يتباهى في إسرائيل بخفة زاعماً أنّ معادلة الردع قد تغيّرت، عليه أن يرجع إلى البداية، حيث إنّ هذه جولة القتال الثالثة التي تشنّها إسرائيل في غضون ثلاث سنوات ونصف ضد الجهاد"، مشدداً على أنّ فرض معادلة جديدة يتطلب من إسرائيل بلورة حل شامل وأساسي لقطاع غزة وللوضع الفلسطيني.
وأشار إلى أنه "من دون حل شامل لمعضلة غزة"، فإنّ "إسرائيل ستجد نفسها مضطرة لشن عمليات عسكرية في غزة بين الحين والآخر، بهدف ضمان توفير بعض فترات الهدوء للمستوطنين في محيط القطاع".
وطالب المعلق الإسرائيلي صناع القرار في تل أبيب بإبلاغ مستوطني محيط غزة، أو ما يعرف بـ"غلاف غزة"، بالحقيقة، قبل أن يستيقظوا بعد عدة أسابيع أو أيام على أصوات صافرات الإنذار.
من ناحيته، رفض المعلق العسكري لقناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "كان"، روعي شارون، مزاعم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، مساء الأربعاء، بأنّ "إسرائيل نجحت من خلال العملية العسكرية المتواصلة على قطاع غزة في فرض معادلة ردع جديدة".
وقال شارون إنّ نتنياهو لم يكن دقيقاً عندما زعم أنّ حركة الجهاد الإسلامي "تلقت الضربة الأكبر في تاريخها"، متسائلاً: "ما قيمة الضربة التي تعرضت لها الجهاد في حال لم تحل دون إطلاقها مئات الصواريخ على العمق الإسرائيلي؟".
وأضاف: "قد يكون من الصحيح القول إنّ عدم تنفيذ العملية كان أفضل من تنفيذها بفعل الضربات التي يتعرض لها العمق الإسرائيلي".
أما القائد السابق في جهاز المخابرات الداخلية (الشاباك) يزهار دافيد، فقد هاجم القيادتين العسكرية والسياسية في إسرائيل، مشيراً إلى أنّ العملية العسكرية المتواصلة في غزة أسفرت تحديداً عن "تهاوي قوة الردع الإسرائيلية".
وفي مقابلة مع "إذاعة 103 إف إم"، أضاف دافيد: "أنا أستمع للإعلام الفلسطيني، إنهم يضحكون علينا بفعل طابع تواصل العملية"، معتبراً أنّ الخيار الذي يمكن أن يضمن لإسرائيل "ترميم قوة ردعها" يتمثل في اغتيال قادة حركة حماس.
وفي السياق، عدّ المحاضر في جامعة "أرئيل" جادي حيتمان تركيز إسرائيل جهودها على استهداف حركة الجهاد الإسلامي وتجاهل "حماس" يدلان على أنها غير قادرة على حسم المعضلة الأمنية والسياسية التي تمثلها غزة.
وأضاف، في تحليل نشرته صحيفة يديعوت أحرنوت اليوم الخميس، أنه "لا يوجد زعيم إسرائيلي مستعد لحسم المواجهة عسكرياً مع قطاع غزة، لأنه يعي أنّ الجمهور الإسرائيلي غير مستعد لدفع الثمن المرتبط بذلك".
من جانبه، قال الناطق السابق باسم جيش الاحتلال، روني ملنيس، إنّ "إسرائيل خسرت استراتيجياً في هذه المواجهة، على الرغم من نجاحها في اغتيال ثلاثة من القادة العسكريين في الجهاد الإسلامي".
وخلال مشاركته في برنامج حواري في قناة التلفزة "كان" مساء الأربعاء، أشار إلى أنه عندما "يتمكن تنظيم صغير، مثل الجهاد الإسلامي، من شل نصف الدولة ويطلق الصواريخ على تل أبيب وكأنه أمر مسلّم به، فإنّ هذا يعد إنجازاً لهذا التنظيم".