تقرير "الأورومتوسطي" لضرورة محاكمة إسرائيل

02 نوفمبر 2014
اعتدى الاحتلال الإسرائيلي عشوائياً على المدنيين (مصطفى حسونة/الأناضول)
+ الخط -

تتواصل الجهود لإحصاء وإظهار حجم الجرائم الإسرائيلية في العدوان الأخير على غزة، الصيف الماضي. وعمل في هذا الصدد، 25 باحثاً متخصصاً في القانون الدولي، لمائة يوم ضمن المرصد "الأورومتوسطي لحقوق الإنسان"، وتمكنوا من إجراء أول تحقيق شامل حول العدوان.

وباشر الباحثون عملهم في اليوم الثاني للعدوان على غزّة، وانتهوا بإصدار تقريرين شاملين، مرفقين بالأدلّة، ومنها مقابلات مع شهود عيان، والهجمات الإسرائيلية العشوائية على المدنيين في غزّة، واستخدام أسلحة غير تقليدية، واستهداف الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصّة.

وأشار المستشار القانوني، إحسان عادل، خلال مؤتمر "إعادة إعمار غزّة مقابل الإفلات من العقاب"، الذي عُقد في العاصمة البريطانية لندن، الخميس الماضي، إلى أنه "تم التركيز على كيفية ممارسة إسرائيل سياسة انتقامٍ، تجاه الشعب الفلسطيني، وذلك من خلال تعمّد استهداف المدنيين".

ولفت في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أنّ "التّقارير الإعلاميّة تركّز على إعادة إعمار غزّة. الفكرة نبيلة طبعاً. بيد أنّنا نطرح سؤالاً حول ما إذا كان إعمار غزّة يعني التغاضي عن مساءلة إسرائيل. هل أن إعادة إعمار البيت يعني إفلات الذي هدمه من المسؤولية؟". وشدّد أن "الهدف من مؤتمر الأورومتوسطي، هو أن نقدّم أدلّة عن انتهاكات إسرائيل بحقّ أهالي غزّة، كي نصل إلى محاكمة إسرائيل".

وأضاف "سنعمل على أكثر من صعيد، من خلال الأمم المتحدة ولجنة التحقيق التي شكّلها مجلس حقوق الإنسان. ونأمل أن تكون هذه اللجنة فاعلة، كما لجنة غولدستون، التي أنجزت تقريراً من الممكن الاستناد عليه، لمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب". واعتبر أن "الخطوة الثانية، تكمن في من يتبنّى هذا التقرير ويقوم بتفعيله، وهنا يأتي دور السّلطة الفلسطينية والدول العربية، ومجلس الأمن والجمعية العامّة للأمم المتحدّة". وتابع "سنحاول من خلال تفعيل الاختصاص العالمي، في محاكمة مرتكبي جرائم الحرب، الذي يحق لأيّ دولة طرف في اتفاقيات جنيف".

وختم "كما نسعى إلى التواصل مع السلطة الفلسطينية، حتّى تنضم إلى المحكمة الجنائية الدولية أي ميثاق روما، الذي سيقضي بإجراء تحقيق عن حرب غزّة، الذي سيؤدي حتماً إلى محاسبة إسرائيل. وأعتقد أنّ الوقت قد حان كي تنضم السلطة الفلسطينية إلى المحكمة الجنائية الدولية". 

بينما دعا المحلل نسيم أحمد، في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى "ضرورة مساءلة إسرائيل، التي أثبت التقرير، ارتكابها جرائم ضدّ الإنسانيّة واستخدام المدنيين كدروع بشريّة". ولفت إلى أن "الهدف الرئيسي يكمن في إيصال الحقائق للعامّة، ومساءلة إسرائيل على قتل ما يزيد على ألفي إنسان. واستخدام المدنيين كدروع بشريّة، بعد أن روى العديد من هؤلاء للصحافيين عن تعريضهم للقتل، وذلك بوضعهم على سطوح المباني وفي الحقول".

وأضاف أن "إسرائيل تزعم أنّها تنذر المدنيين بالمغادرة قبل بدء الهجوم، وذلك بتفجير قنابل صغيرة غير مدمّرة. بيد أنّ غالبية الفلسطينيين ينفون تلك الرواية، ويقول العديد منهم، إنّ القوّات الإسرائيلية بالكاد تمنحهم دقيقة أو دقيقتين لمغادرة بيوتهم".

كما أشار إلى أن "القانون الدولي، أو عدم تطبيقه، يغيب عندما يتعلّق الأمر بإسرائيل"، مؤكداً أنه لذلك يسعون من خلال منظمّات المجتمع المدني الوصول إلى تطبيق العدالة، مع العلم أنّ هذه المنظمات لا تستطيع محاكمة إسرائيل، غير أنّه بإمكانها أن تؤدي في النهاية إلى ذلك، من خلال الحراك الذي تثيره، وإحراج أو الضغط على الحكومات التي تلتزم بحقوق الإنسان في بلادها.

وكانت محكمة راسل البريطانية، التي انعقدت في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، لبحث مسألة العدوان على غزّة، ذات تأثير، إذ إنه وعلى الرّغم من قيمتها الرمزية، التي تقضي بجمع الأدلة فقط، بيد أنّها اتبعت إجراءات المحاكم الرسمية، وبات لها أثر إيجابي. وشدد أحمد أن "إسرائيل تقوم بما يشبه الإبادة في حربها على غزّة".

كما تحدثت المسؤولة الإعلامية جيسيكا بوركس، في تصريحات إلى "العربي الجديد"، أن "هناك قصصاً شخصيّة لمدنيين استُخدموا كدروع بشريّة، ومنها إجبار طفل على البحث في حقائب اشتبهت القوّات الإسرائيلية، باحتوائها على قنابل".

وتحدثت بوركس عن تجربتها الشخصية، حين تعرّضت خلال عملها في فلسطين، للاعتقال والتحقيق معها لمدّة تسع ساعات، قبل وضعها على متن طائرة متجهة إلى بريطانيا، ومنعها من العودة إلى فلسطين لمدّة عشر سنوات، والتّهمة لا تزيد عن كونها صحافية تنقل الحقائق.

المساهمون