تقرير حقوقي: قيس سعيد استغل الأزمات للوصول إلى السلطة على حساب الحقوق المدنية والسياسية
بحث تقرير للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان تأثير الأزمات على الحقوق المدنية والسياسية في تونس، حيث استعرض التقرير كيف جرى "استغلال" الأزمات في البلاد لترسيخ حكم قيس سعيد.
ونشرت الرابطة، أمس الإثنين، تقريرها الذي أعدته بالتعاون مع عديد المنظمات والجمعيات، من بينها نقابة الصحافيين وجمعية النساء الديمقراطيات ومنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وأكد التقرير أنه "جرى استغلال الأزمة الصحية لكوفيد، التي عرفتها تونس من أجل تمرير مشروع سياسي بدأ بإبطال الدستور السابق وتفعيل الإجراءات الاستثنائية والمراسيم، إلى جانب الاعتداء على الحريات السياسية، حيث تم إفراغ الانتخابات التشريعية من محتواها".
وقال عضو الرابطة والباحث الجامعي جلال التليلي في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "التقرير هو تشخيص لواقع الحقوق والحريات من خلال الأزمة التي مرت بها تونس"، مبينا أن "الرابطة عملت على توثيق الانتهاكات التي وقعت على حقوق الإنسان، والإجراءات التي تم اتخاذها، سواء السياسية أو التعليمية أو الاجتماعية، حيث إن اتخاذها بطريقة اعتباطية وغير مدروسة أثّر على عديد الفئات".
وأوضح التليلي أن "أبرز الملاحظات من خلال هذا التقرير هي أن الأزمة السياسية سرعان ما تحولت إلى أزمة لحقوق الإنسان، فالدولة ومؤسساتها لم تهتم بتداعيات الوضع على الحقوق، وبعض الانتهاكات ترقى إلى الجرائم".
وأضاف أن "الدولة استغلت الأزمة والواقع السياسي من أجل تمرير مشروعها على حساب الحقوق الاجتماعية والاقتصادية"، مبينا أن "هناك عنفا من مؤسسات الدولة ومن قبل الأجهزة الأمنية في التعامل مع الحركات الاحتجاجية في الشارع"، مضيفا أن "الإفلات من العقاب متواصل ولا إجراءات سياسية للمحاسبة".
ويعتبر هذا التقرير جزءا من مجموعة من ثلاث وثائق نتجت عن التشخيص التشاركي لحالة حقوق الإنسان في سياقات الأزمات، والتي أجريت في الجزائر وتونس وليبيا بين عامي 2021 و2022 وقد تم إعداده من قبل الدكتور جلال التليلي نيابة عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
وذكر التقرير أنه منذ 25 يوليو/تموز 2021 تعاني تونس من أزمة سياسية، حيث فرض رئيس الجمهورية تدابير استثنائية مثل القرارات التي اتخذها من خلال المراسيم الرئاسية بحل البرلمان، بعد ثمانية أشهر من تعليقه، وحل المجلس الأعلى للسلطة القضائية في 12 فبراير/شباط 2022 ووضع المجلس المؤقت وتولي تعيين أعضائه ورئيسه في سبتمبر/أيلول 2021.
ولفت التقرير إلى أن رئيس الجمهورية أصدر المرسوم الرئاسي رقم 2021-117، الذي يوقف العمل بالدستور التونسي بالكامل تقريبًا ويمنح الرئيس السيطرة الكاملة على معظم الحوكمة، بما في ذلك الحق في التشريع بمرسوم وتنظيم وسائل الإعلام والمجتمع المدني والمحاكم، معلنا عن تشكيل حكومة جديدة في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2021، كما منح الرئيس لنفسه سلطات استثنائية تسمح له بالتشريع والحكم بينما ينتحل جميع السلطات، التي وصفها منتقدوه بـ"الانقلاب".
وتنص خارطة الطريق التي تم الإعلان عنها دون استشارة مسبقة في نهاية عام 2021، على تنظيم استفتاء لتحديد ما إذا كان ينبغي إصلاح دستور 2014.
وذكر التقرير كذلك أنه تم تعيين رئيس مستقل لهيئة الانتخابات وتعيين أعضائها السبعة ورئيسهم جميعًا بمرسوم رئاسي، وهو ما اعترض عليه بعض الفاعلين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني، ولكن قبِله آخرون، مشددا على تهميش الهيئات المستقلة.
الدولة فشلت في التوفيق بين الحفاظ على الصحة العامة وعلى الحقوق الإنسانية والاقتصادية
ويشير التقرير إلى تراجع عدة قطاعات بسبب الأزمة الصحية لكوفيد، ما أدى إلى تراجع اقتصادي وفقدان أكثر من 300 ألف موطن شغل وارتفاع نسبة البطالة.
وأكد التقرير أن الدولة فشلت في التوفيق بين الحفاظ على الصحة العامة وعلى الحقوق الإنسانية والاقتصادية بينما أكثر المتضررين من الأزمة الصحية هم النساء، إضافة إلى وجود صمت كبير أمام وضعية أطفال الشوارع والاكتفاء فقط بحالات الإشعار في ظل غياب الإحصائيات الخاصة بهؤلاء.