ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنّ النظام السوري أفرج عن نحو 80 شخصاً، منذ مايو/أيار الماضي، واعتقل في المقابل أكثر من ضعفهم.
وأوضحت الشبكة، في تقرير لها، اليوم الخميس، أنّ قوات النظام أفرجت عن 81 شخصاً بموجب مرسوم العفو رقم 13 الصادر في مايو/أيار الماضي، واعتقلت بالمقابل ما لا يقل عن 176 شخصاً خلال الفترة نفسها، مشيرة إلى أنه "على الرغم من جميع مراسيم العفو ما زال هناك قرابة 131 ألف معتقل على خلفية الحراك الشعبي المعارض للنظام السوري".
وذكر التقرير، الذي جاء في 15 صفحة، أنّ رئيس النظام بشار الأسد أصدر ما لا يقل عن 18 عفواً عاماً، ما بين عفو شامل وعفو جزئي منذ اندلاع الحراك الشعبي نحو الديمقراطية، في مارس/آذار 2011، أدت في النتيجة "إلى إطلاق سراح مرتكبي الجرائم، والمتطرفين، وإغراق المجتمع بهم وتجنيد بعضهم ضمن المليشيات المحلية، لكنها لم تشمل المعتقلين السياسيين من معارضي النظام السوري، إلا في حالات نادرة جداً وذلك لإعطاء بعض المصداقية لها".
وأوضح التقرير أنّ معطياته تتعلق بالمعتقلين على خلفية سياسية، وليس المحتجزين الجنائيين المتهمين بالسرقة أو التزوير وما يُشابهها، كما لا تشمل المعتقلين الذين أفرج عنهم ضمن عمليات اتفاقات المصالحة التي يجريها النظام السوري في محافظتي ريف دمشق ودرعا.
وتحدث التقرير عن شبكات المصالح التي أنشأها النظام السوري بهدف التكسب والارتزاق على حساب معاناة المعتقلين والمختفين قسرياً لديه، والتي تتكون من ضباط وقضاة ومحامين وسماسرة وعناصر أمن ومليشيات محلية، وجميعهم على صلة مع الأفرع الأمنية و"محكمة الميدان العسكرية"، و"محكمة الإرهاب"، مشيراً إلى أنّ هذه الشبكات تنشط على نحوٍ كبير عقب أو قبيل إصدار كل مرسوم للعفو.
وفي هذا السياق، رصد التقرير في المدة التي يغطيها ما لا يقل عن 92 عملية ابتزاز لأهالي معتقلين، محتجزين ضمن السجون المركزية، من قبل شبكات الاستغلال مقابل تقديم وعود بتشميل أبنائهم المعتقلين في العفو وإصدار قرارات إخلاء سبيل لهم.
وقدر التقرير أنّ عدد عمليات الابتزاز المالي التي حدثت منذ صدور مرسوم العفو الأخير أكثر بعشرة أضعاف من تلك التي تمكن من رصدها، مشيراً إلى أنه في معظم الأحيان لا تحصل العائلات على أي نتيجة لقاء دفعها للأموال، و"ذلك في ظل غياب كامل لسلطة قضائية حقيقية، نظراً لممارسات النظام السوري في تفريغ دورها والسيطرة عليها من أجل خلق هذه الحالة من الفساد والفوضى والمعاناة".
وقدم التقرير تحليلاً للمواد الواردة في مرسوم العفو ذات الصلة بمعتقلي الرأي وانعكاسها على أوضاعهم القانونية ومراقبة تطبيقها من قبل المحاكم التي يخضعون لها، موضحاً أنّ هذه التهم "عادة ما يقوم النظام السوري بإدراجها في معظم مراسيم العفو الصادرة عنه، كما أنه من المعتاد أن يتهم بها الغالبية العظمى من المعتقلين لديه بشكل تلقائي لدى اعتقالهم، إضافة إلى جرائم أخرى ذات عقوبات أشد لا يتم تشميلها بمراسيم العفو".
وهذا، وفقاً للتقرير، أحد الأسباب الرئيسة وراء عدم إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الحراك الشعبي بموجب مراسيم العفو، "كون النظام السوري يوجه إليهم ترسانة من التهم جملة واحدة، فإذا شمل العفو بعضها، فإنه لا يشمل القسم الآخر، وهكذا فإنّ مراسيم العفو هي عبارة عن خداع وتضليل، وتهدف بشكل رئيس إلى إطلاق سراح المجرمين وإبقاء المعتقلين الذين يخضعون للمحاكمات حتى انتهاء أحكامهم".
وأشار التقرير إلى عدم وجود آلية واضحة لاختيار المعتقلين ممن شملهم العفو وإطلاق سراحهم، فضلاً عن عدم تشميل المعتقلين المحتجزين في الأفرع الأمنية ومراكز الاحتجاز غير الرسمية، والذين لم توجه لهم أي تهم ولا يخضعون لأية محاكمات منذ سنوات، معتبراً أنّ مراسيم العفو "إنما تشكل مجرد فرصة للأجهزة الأمنية لكسب مزيد من الأموال على حساب معاناة أهالي المعتقلين".
وختمت الشبكة تقريرها بمطالبة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بـ"عدم الانخداع بحيل النظام السوري ومتابعة الضغط عليه للإفراج عن النشطاء السياسيين والحقوقيين والمتظاهرين وكل المعتقلين على خلفية آرائهم أو انشطتهم السلمية".