استمع إلى الملخص
- **تأثيرات الكهرباء على السجناء**: أزمة تقنين الكهرباء تزيد من معاناة المعتقلين في الزنازين المكدسة وتمنعهم من التريّض، مما يهدد حياة كبار السن والمرضى. دعوات للتحقيق في الوفيات لم تلقَ استجابة.
- **توثيق الانتهاكات**: منظمات حقوقية وثقت 11 حالة وفاة في يونيو بسبب الإهمال الطبي وارتفاع الحرارة، مشيرة إلى نقص السلع الأساسية والطعام المناسب والفراش والملابس، وتكدس الزنازين في سجن أبو زعبل.
على وقع تكيّف المصريين، أو محاولة التكيّف، مع حلول مؤقتة لمواجهة أزمة تقنين الكهرباء في مصر تعرضت فئة من السكان للموت حرفياً بسبب انقطاع الكهرباء، وهي السجناء، خصوصاً من المصنّفين "سجناء سياسيين"، في مقار ومراكز احتجاز مكدسة وممتلئة بأقصى من طاقتها الاستيعابية. وقبل أيام، نشرت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، استغاثة بشأن حالات الوفيات داخل أماكن الاحتجاز بأقسام ومراكز الشرطة المصرية، وذلك بناءً على شهادات موثوقة حصلت عليها من أهالي المحتجزين ومن داخل تلك المراكز والأقسام، كشفت عن الأوضاع الكارثية التي يعيشها المحتجزون، بما في ذلك التكدس الشديد الذي يتجاوز في بعض الأماكن 300 في المائة من الطاقة الاستيعابية لغرف الحجز، مع ارتفاع درجات الحرارة إلى درجات قياسية، في ظل تقنين الكهرباء في مصر وانعدام الرعاية الطبية والصحية.
وأشارت الشبكة إلى أن هذه الأوضاع "تعرّض حياة الآلاف من المحتجزين للخطر، مما نتج عنه حالات وفاة متعددة، تم توثيقها ونشرها لمحتجزين مصريين محبوسين احتياطياً في العديد من أقسام ومراكز الشرطة على مستوى الجمهورية، مثل كفر الدوار وإمبابة وأسيوط والقاهرة، وغيرها. وهناك أيضاً معلومات أخرى عن حالات وفيات لم تتمكن الشبكة المصرية من توثيقها بشكل كامل". وكشفت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، أنها حصلت على صورة من رسالة من أحد المحتجزين الجنائيين في أحد أقسام الشرطة بالقاهرة، يستغيث "نموت في الحجز.. غارقون في العرق، والمحتجزون أكوام فوق بعضهم".
خلف البيومي: وردت استغاثات من عدد من السجون توضح حجم المعاناة فيها
أزمة تقنين الكهرباء في مصر
وفي السياق، قال مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان، خلف البيومي، لـ"العربي الجديد"، إنه "مما لا شك فيه أن أزمة تقنين الكهرباء في مصر أصبحت تؤثر على المجتمع بصفة عامة، أفراداً ومؤسسات، وتزداد المعاناة في وقت الصيف وارتفاع درجات الحرارة، لكنها تؤثر بصفة خاصة على المعتقلين، في ظل تكدس الزنازين ومنع التريّض والاستمرار في الحبس الانفرادي لعدد غير قليل منهم، كما تهدد حياة كبار السن والمرضى منهم". وأضاف البيومي: "وردت استغاثات من عدد من السجون توضح حجم المعاناة التي يشعر بها المعتقل، ولا ريب أن عددا من حالات الوفاة قد يعود لمثل تلك الانتهاكات، لأنها تخلق حالة من الضيق الشديد للمرضى، وهو ما يدعونا دائماً إلى مطالبة النائب العام بالتحقيق في أسباب الوفاة والوقوف على السبب الرئيسي فيها، ولكن حتى الآن لم نجد استجابة أو تعاوناً من النائب العام ووكلائه، رغم مسؤوليتهم الدستورية والقانونية عن السجون ومقار الاحتجاز".
كذلك رصد مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، 11 حالة وفاة في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في يونيو/حزيران الماضي، نتيجة الإهمال الطبي المتعمد، أو ارتفاع درجات حرارة البلاد وتقنين الكهرباء في مصر والتكدس الشديد في غرف الاحتجاز، وذلك ضمن 295 انتهاكاً مختلفاً لحقوق الإنسان الشهر الماضي. وسبق أن صرحت مصادر في وزارة الداخلية، أن إجمالي عدد السجناء في مصر يبلغ 114 ألف سجين، وأن السجناء السياسيين يشكلون أكثر من نصف عدد السجناء في مصر، منهم أكثر من 30 ألف سجين سياسي على ذمة المحاكمة.
رصد مركز النديم 11 حالة وفاة في السجون في يونيو الماضي
أوضاع السجون في مصر
وأصبحت أوضاع السجون في مصر من بين الأسوأ في العالم، وفق توثيق منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي، التي استشهدت بتقرير صدر عام 2021 نشرته منظمة العفو الدولية، بشأن حرمان السجناء من السلع الأساسية، مما جعل تحمّل هذه الظروف أكثر صعوبة. كما فشل مسؤولو السجن بشكل روتيني في توفير الطعام المناسب والفراش والملابس، وكذلك لوازم التنظيف ومواد النظافة الشخصية للمحتجزين.
وفي يونيو 2023، نشرت منظمات حقوقية من بينها "لجنة العدالة" (كوميتي فور جستس)، تقارير حملت أكثر شكوى من المحتجزين بسجن أبو زعبل نتيجة تكدس الزنازين بداخله، حتى أن العدد في الزنزانة الواحدة وصل إلى ما لا يقل عن 45 محتجزاً، بعد أن كان 33 فقط في صيف 2022، حتى أن نصيب كل محتجز للنوم على الأرض صار لا يتعدى 40 سنتيمتراً فقط. وأرجع المحتجزون سبب هذا التكدس الرهيب داخل زنازين السجن، إلى أن "وزارة الداخلية تقوم بإرسال معظم من يتم التحقيق معهم في نطاق القاهرة الكبرى (محافظات القاهرة، الجيزة، والقليوبية)، إلى السجن لقربه من العاصمة حيث تقع مقار النيابة والمحاكم الكبرى، وأنه مع دخول فصل الصيف؛ لم تكتف إدارة السجن بزيادة الأعداد داخل الزنازين فقط، ولكن لم توفر مياه الشرب أو المياه الصالحة بشكل دائم وكاف للمحتجزين، ما تسبب في انتشار الأمراض الجلدية فيما بينهم، مع وجود حالات اختناق بسبب درجات الحرارة العالية وعدم توفير مصادر تهوية داخل الزنازين".