اعتمد وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماعهم التحضيري للقمة العربية بالجزائر، اليوم الأحد، جميع مشاريع الملفات المدرجة في جدول الأعمال تمهيداً لرفعها الثلاثاء خلال القمة.
وأكد الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي، في تصريح صحافي على هامش الاجتماع، التوصل إلى توافقات بشأن جميع الأمور التي جرت مناقشتها، وقال: "اجتماع وزراء الخارجية أثبت أن هناك توافقاً على جدول الأعمال وأن الأمور تسير نحو قمة ناجحة".
وأوضح زكي أن القضايا المعروضة كافة على القمة ستكون بتوافق بين الجميع، مشيراً إلى أنه جرى التطرق إلى وضع الأزمة السودانية، للتأكيد على القرارات السابقة الخاصة بدعم السودان.
وبشأن الملف الليبي، أكدت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، في تصريح صحافي، أن التوجه الرئيس لمقررات القمة يعزز الدفع باتجاه "إجراء انتخابات مبكرة في ليبيا لإنهاء المراحل الانتقالية"، وأوضحت أنه جرت مناقشة الكثير من المواضيع تتعلق بالأمن القومي العربي، وبالأساس "قضايا فلسطين وسورية وجيبوتي والصومال".
وأشارت إلى أن "القرارات التي جرى التوصل إليها متوازنة وتحقق طموح ومصالح الشعب العربي".
المالكي: مبادرة السلام العربية لم تحظ بأي اهتمام منذ إطلاقها
من جهته، أكد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، أن إقامة علاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي تعاكس نص المبادرة العربية، مشيراً إلى أن المبادرة العربية لم تحظَ بأي اهتمام منذ إطلاقها قبل عشرين عاماً.
وأكد أن هناك خللاً كبيراً في الالتزام بالقرارات التي اتُّخذت في القمم العربية السابقة بشأن فلسطين، فيما بين وجود فرصة لإعادة تفعيل مبادرة السلام العربية، وأن الجانب الفلسطيني ما زال يعتبرها "أساساً لإحلال السلام".
وقال المالكي خلال مؤتمر صحافي، إن هناك قراراً في القمة العربية يخص العمل على دعم فلسطين في نيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وأشار إلى عقد اجتماع تشاوري غداً الاثنين للتوافق على "إعلان الجزائر". وأكد تشكيل لجنة وزارية عربية لاستكمال مساعي الجزائر لوضع آليات تنفيذية لترجمة اتفاق الفصائل الفلسطينية.
وأضاف: "كانت هناك نقاط خلافية بحاجة إلى توافق، ما عدا القرارات المتعلقة بفلسطين التي كانت متفقاً عليها".
وفيما أكد المالكي صعوبة الأوضاع المالية في فلسطين، عبر عن شكره للجزائر على مساعداتها المالية لفلسطين وطالب الدول العربية بالوفاء بالتزاماتها المالية، وتابع "من يريد أن يساعدنا فأهلاً به، ومن لا يريد، فنحن سنقوم بما نستطيع تجاه الشعب الفلسطيني".
وكان وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة قد أكد في وقت سابق، أن اجتماع وزراء خارجية الدول العربية توصل إلى نتائج وصفها بـ"التوافقية"، حول المقررات التي سترفع إلى مؤتمر القمة الثلاثاء المقبل، وذلك بعد الحديث عن خلافات بشأن إدانة التطبيع والتدخلات الإيرانية والتركية في المنطقة.
وقال لعمامرة عند بدء الجلسة الثانية لاجتماع مجلس الوزراء العرب اليوم في الجزائر إن "جلسة المشاورات سمحت للاجتماع الوزاري التحضيري بالوصول إلى نتائج توافقية".
واعتبر لعمامرة أن النتائج التوافقية للاجتماع الوزاري قد تسهل عمل القادة، الذين سيجتمعون الثلاثاء المقبل، معرباً عن شكره للجميع على الروح الإيجابية التي سادت خلال المشاورات.
وكانت الجلسة التشاورية لوزراء الخارجية العرب المنعقدة في الجزائر، قد استؤنفت اليوم لحسم النقاط الخلافية في اللوائح والقرارات، والتوصل إلى الصيغة النهائية لبنود "بيان الجزائر" الذي سيرفع إلى مؤتمر القادة العرب المقرر يوم الثلاثاء المقبل، بعد تجاوز بعض العقبات السياسية، وإزالة توترات هامشية حدثت على جانب اليوم الأول للاجتماع الوزاري.
وبدأت المشاورات التمهيدية في مؤتمر القمة العربية بشأن تشكيل الفريق العربي برئاسة الجزائر، الذي سيتولى متابعة تنفيذ "اتفاق الجزائر" بين الفصائل الفلسطينية الذي تم توقيعه في 13 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث ستُختار الدول (خمس على الأرجح) التي ستشارك في الفريق العربي لتنفيذ الاتفاق الفلسطيني.
وقال مصدر دبلوماسي عربي مشارك في القمة، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك بنداً أساسياً في مخرجات القمة، يتعلق بتشكيل الفريق العربي برئاسة جزائرية وفقاً للبند التاسع للاتفاق الموقع بين الفصائل الفلسطينية".
وبحسب المصدر، فإن من شأن تشكيل الفريق العربي وتضمين "بيان الجزائر" المنبثق عن القمة بنداً يتعلق بإسناده السياسي أن يوفر تزكية عربية واضحة للاتفاق الفلسطيني، على الرغم من تأخر بعض الدول العربية عن إعلان موقفها منه، على غرار مصر والسعودية، إضافة إلى إعطائه صيغة عربية لدعم تنفيذ بنوده سياسياً وميدانياً، وجعله إطاراً إلزامياً للفصائل الفلسطينية، وإضفاء مشروعية إقليمية ودولية عليه، خاصة بعدما صدرت تزكيات مهمة للاتفاق من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس وعواصم مؤثرة في المحفل الدولي، ومنظمات كالاتحاد الأفريقي وغيره.
ويدعم الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الاتفاق الفلسطيني الأخير الموقع بين الفصائل الفلسطينية، حيث وصفه، أمس السبت، بأنه "خطوة على الطريق الصحيح"، معرباً عن أمله في التزام الفصائل الفلسطينية بتنفيذه، فيما حذر من أن يكون مصير الاتفاق مثل سابقيه، وقائلاً: "شهدت على مدار عقد الكثير من الاتفاقات التي توقع وتنسى".
نقاط خلافية حول البيان الختامي: التطبيع والتدخلات الإيرانية والتركية
ويقرأ سعي الجزائر لإدراج الاتفاق الفلسطيني في لوائح ومقررات القمة العربية كمحاولة لتعويض تجاوز متوقع لإدراج بند يتعلق بإدانة التطبيع مع الكيان الصهيوني، كونه إحدى النقاط الخلافية الراهنة بين الدول العربية، حيث كانت عدة دول ترفض إدراج هذا البند تحت مبرر القرار السيادي والعلاقات الخاصة لكل دولة، على غرار الإمارات والمغرب.
لكن التطبيع ليس وحده ما كان النقطة الخلافية في المناقشات التمهيدية للقمة العربية في الجزائر، إذ كانت إيران وتركيا تشكان محاور خلاف أساسية في صياغة اللوائح والبيان الختامي للقمة، حيث تدفع دول عربية، وعلى رأسها المغرب والسعودية والبحرين، نحو إدانة التدخلات الإيرانية في المنطقة العربية، استناداً إلى الإدانات التي أصدرتها المجموعة الرباعية العربية التابعة للجامعة العربية منذ مارس/ آذار 2019.
وأكدت مصادر موثوقة مشاركة بالقمة في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، وجود مساعٍ كبيرة تقوم بها مصر، بهدف إقناع الدول العربية بإدراج بند يتعلق بإدانة التدخلات التركية في المنطقة العربية، وخاصة في ليبيا التي تعتبرها القاهرة مجالاً حيوياً بالنسبة لها، وهو ما كان أشار إليه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في كلمته السبت خلال افتتاح الاجتماع الوزاري العربي، قائلاً: "هناك أطراف غير عربية نفذت إلى المنطقة للتخريب والاستفادة من الأزمات، وهو ما سمح بانكشاف المنطقة العربية".
لكن المسعى المصري للحصول على إدانة لتركيا لا يحظى بدعم كبير، وهو محل تحفظ لافت من قبل عدد كبير من الدول العربية، أبرزها الجزائر، إذ ترفض الأخيرة أن تكون القمة المنعقدة على أرضها منطلقاً لإدانة "غير مبررة"، بحسب وصف دبلوماسي جزائري، لدول الجوار العربي، وهو نفس الموقف الذي كان قد عبر عنه وزير الخارجية رمطان لعمامرة في كلمته أمام الوزراء العرب أمس السبت.
ودعا لعمامرة إلى مزيد من التعاون مع الدول التي تنتمي إلى نفس "محيطنا الحضاري"، وجدد "دعوة الجزائر إلى تفعيل هذه المبادئ الأساسية المتعلقة بإعلاء مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول مع احترام سياداتها واستقلالها ووحدتها الترابية، في إطار هيكلة علاقاتنا مع دول الجوار التي تقاسمنا الانتماء إلى الحضارة الإسلامية أو جغرافياً في القارة الأفريقية".
وقبل انعقاد الجلسة التشاورية الثانية اليوم الأحد، بذلت جهود كويتية أردنية لخفض الشد السياسي بين الجزائر والمغرب، على خلفية الإشكالات التي طرحت أمس من قبل الجانب المغربي بشأن بعض بروتوكولات الاستقبال، خاصة أن الجانب الجزائري طبق بروتوكولات الاستقبال نفسها على مجموع الوزراء العرب لدى وصولهم إلى الجزائر، حيث جرى استقبالهم من قبل نفس المسؤول المساعد لوزير الخارجية الجزائري، فيما عقدت سلسلة طويلة من اللقاءات الثنائية بين الوزراء العرب، لبحث مزيد من التفاهمات وتضييق مساحات الاختلاف في وجهات النظر، قبل التوافق على مقررات القمة.