استمع إلى الملخص
- تتفاقم المخاطر على المدنيين بسبب تفكيك الأسلحة بشكل عشوائي لاستخراج المعادن، مما يثير قلق الأهالي ويدفعهم لتشكيل لجان أهلية لمراقبة الأنشطة، مع الحاجة لدعم ومعدات لضمان سلامة المتطوعين.
- انخراط الأطفال في تجارة الأسلحة يعرضهم لمخاطر كبيرة، مع تسجيل حوادث في الغوطة الغربية، بينما تعمل مجموعة "شباب كناكر" على إحباط عمليات البيع وضبط المتورطين.
تشهد محافظة ريف دمشق توسعاً في تجارة الأسلحة غير المشروعة في ظل غياب الرقابة الرسمية عن بعض المناطق، ودخول التجار والمهربين المنطقة بقوة بعد الانتشار الكبير للسلاح، إثر سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، وانسحاب قواته بشكل غير منظم من القطع العسكرية، مخلفة وراءها آلاف قطع السلاح المتنوعة. وتنتشر أيضاً ظاهرة تفكيك الأسلحة والذخائر لبيع المعادن والاستفادة المادية منها، مما يزيد من نسبة الخطر على حياة المدنيين، ولا سيما أن عمليات التفكيك تُجرى بشكل عشوائي من دون وجود خبراء أو اتخاذ خطوات سلامة عامة.
قاسم الشيخ: الأطفال باتوا منخرطين في تجارة الأسلحة غير المشروعة
توسع تجارة الأسلحة غير المشروعة
حول توسع تجارة الأسلحة غير المشروعة في منطقة ريف دمشق الغربي، يقول محمد الأسعد، وهو اسم مستعار، إن تجارة الأسلحة تتوسع بشكل كبير، مع بدء الطلب على كميات كبيرة من الأسلحة بأنواعها كافة الخفيفة والمتوسطة، وحتى بعض القطع والمعدات الثقيلة. ويوضح أن التجار الأساسيين معظمهم من محافظة حمص، ويشترون كميات كبيرة عبر سماسرة منتشرين في كل أنحاء ريف دمشق، إذ يعتبر السمسار صلة الوصل المباشرة بين التاجر وباعة السلاح. وبحسب الأسعد، فإن أسعار البنادق تتراوح بين مليون ومليون ونصف ليرة سورية (قرابة 100 دولار)، فيما تختلف أسعار بقية الأسلحة، من قنابل وأسلحة متوسطة وغيرها.
بدورها، تشير مصادر محلية، ترفض الإفصاح عن هويتها بعد تهديدات من المهربين، إلى أن خط التهريب في تجارة الأسلحة غير المشروعة ينطلق من كل أنحاء ريف دمشق باتجاه القلمون الغربي وصولاً إلى حمص، وهناك لا يتم الإفصاح عن أية معلومات حول الموضوع، وسط ترجيحات بنقل قسم منه إلى فلول النظام وقسم يتم تهريبه إلى لبنان. وتضيف المصادر المحلية لـ"العربي الجديد"، أنه يتفرع عن تجارة الأسلحة غير المشروعة تفكيك الذخائر واستخراج المعادن منها، لا سيما النحاس، ويقوم تجار الخردوات بتفكيك قذائف الدبابات والأسلحة المختلفة عبر تفريغها من البارود وبيع الأجسام النحاسية.
في السياق، يشرح محمد الحوري، وهو من سكان بلدة كناكر بريف دمشق الغربي، عملية التفكيك، ويكشف لـ"العربي الجديد"، أن التجار لا يتبعون أياً من إجراءات السلامة خلال عملهم، إذ يفككون الأسلحة بطرق بدائية، ويقومون برمي الصواعق في مناطق زراعية وسكنية، الأمر الذي يدفع الأهالي لتقديم شكاوى للإدارة الجديدة. ويضيف الحوري أن لجنة أهلية تراقب المناطق التي من المحتمل أن تكون وجهة لتجار الخردوات لرمي الصواعق ومخلفات الأسلحة، بعد العثور على كمية كبيرة من الصواعق والبارود في الأراضي الزراعية شرقي كناكر، وفي منطقة طريرة المتاخمة لها من جهة الغرب. ويشير الحوري إلى أن عمل لجنة المراقبة التطوعي يحتاج إلى دعم ليستمر بشكل صحيح، خصوصاً أن المتطوعين لا يملكون معدات لحفظ سلامتهم خلال تفكيك وتنظيف الأراضي التي يجدون فيها مخلفات السلاح، مؤكداً أنهم لا يرجون المنفعة المادية بل يريدون ضمان استمرار عملهم التطوعي حفاظاً على سلامة الأهالي والمزارعين.
بدوره، يشدّد قاسم الشيخ، من ريف دمشق، على أن الجزئية الأكثر خطراً في ما يخص تجارة الأسلحة غير المشروعة هي انخراط الأطفال في هذه الأعمال، إذ يتم منحهم مبالغ مالية ضئيلة مقابل نقل حشوات الدبابات والذخائر الحية إلى مواقع تفكيكها، علماً أنهم لا يعرفون ماهية هذه المواد وخطورتها على حياتهم، حسب قوله. ويتم الاعتماد على الأطفال في هذه العملية، أي نقل الذخائر وبعض الأسلحة، لكونهم ليسوا عرضة للشبهة أو التفتيش من قبل الحواجز الأمنية. ويشير الشيخ في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن منطقة الغوطة الغربية سجلت عدة حوادث من جراء هذه الأعمال، كان آخرها في بلدة كناكر التي أصيب فيها طفلين بجروح متوسطة أدت لبتر أصابع أحدهما من جراء انفجار صواعق قنابل يدوية بهما، كما أدى اشتعال البارود لإصابة خمسة أطفال في بلدة سعسع بحروق متوسطة في اليد والوجه.
محمد الحوري: يرمي التجار الصواعق والبارود في مناطق زراعية
إحباط عمليات بيع السلاح
وتكشف مصادر لـ"العربي الجديد" في ريف دمشق عن مجموعة من "شباب كناكر"، وهي مجموعة أمنية تنسق مع الإدارة العامة في سورية، أنه تم إحباط عدة عمليات بيع للسلاح، كما تم ضبط شخصين يحملان الجنسية اللبنانية في بلدة كناكر بريف دمشق الغربي، وبحوزتهم تسع بنادق وكميات من الذخائر ومبالغ مالية، تم تسليمهما إلى الإدارة العسكرية في سورية. وفي السياق، يشدّد قيادي في "شباب كناكر"، يرفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد" على أن العمل الاستخباراتي مستمر للحد من هذه العمليات وإيقافها بشكلٍ كامل، خلال الفترة المقبلة. ويبدي الأهالي في ريف دمشق قلقهم إزاء تجارة وتفكيك الأسلحة بشكل عشوائي في مناطقهم، ويطالبون الجهات الأمنية ببذل المزيد من الجهد للقضاء على هذه الظاهرة، لا سيما مع تسجيل أضرار بشرية ومادية نتيجة لها. كذلك، تعمل بعض العائلات على محاسبة المتورطين من أبنائها وتسليمهم للإدارة العامة، لضبط المنطقة ومنع استغلال تجار السلاح لغياب المنظومة الأمنية في بعض المناطق.