وسّعت السلطات الجزائرية صلاحيات جهاز الدرك الوطني (يتبع وزارة الدفاع)، لتشمل جزءاً من المهام الاستخباراتية وصلاحيات الاستعلامات، "بهدف تعزيز مقتضيات الأمن الداخلي ومحاربة الكيانات والأنشطة الهدامة، والاستفادة من تمركز الجهاز"، الذي يملك مقارّ ثابتة في عموم البلديات، البالغ عددها 1541 بلدية في البلاد.
وصدر مرسوم رئاسي جديد، اليوم الخميس، يمنح الدرك الوطني "المشاركة في مجهود الدفاع الوطني، وفي مكافحة الإرهاب والتخريب وكل الأنشطة الرامية إلى المساس بأمن الدولة.
وبات الجهاز، إضافة الى مهامه المعتادة المرتبطة بمحاربة الجريمة والمرور وأمن الطرقات والضبطية القضائية والإدارية والشرطة العسكرية، يساهم في "مهام الاستعلامات العامة، وجمع وتخزين وتحليل المعلومات المرتبطة بنشاطات الأشخاص والجمعيات والكيانات التحريضية والتخريبية، التي تشكل تهديداً على الأمن وتبليغها للسلطات المؤهلة".
وتوسعت صلاحيات الجهاز إلى مهام ذات طابع استخباراتي بالتنسيق مع المصالح الأمنية الأخرى والهيئات المعنية إلى "المراقبة العامة والمتواصلة للتراب الوطني، والقيام بالاستعلام وإعلام السلطات العمومية عن كل ما يمسّ بالأمن"، وكذا ممارسة عمل وقائي وقمعي ضد كل الأنشطة الهدامة التي تستهدف المساس بالأمن الداخلي.
وبات في حوزة جهاز الدرك، إمكانية تولي "جمع وتحليل المعلومات والمعطيات المرتبطة، ولا سيما بالأمن الغذائي والصحي والطاقوي والمائي وتبليغها للسلطات المؤهلة، وتحديد وتحليل كل التهديدات المرتبطة بمختلف الجرائم، ولا سيما الجريمة المنظمة والجرائم الاقتصادية والمالية". ويعني مجموع هذه الصلاحيات الجديدة أنه يتعين على جهاز الدرك إعادة هيكلة وحداته المحلية والولائية، وتخصيص فرق خاصة بالعمل الاستخباراتي، ومهام الاستعلام، وجمع المعلومات، والمعطيات.
وكانت هذه المهام الاستخباراتية من صلاحيات جهاز الأمن الداخلي (المخابرات) بالأساس، ويتعين في السياق وضع تدابير وآليات لكيفية تكفل جهاز الدرك بهذه المهام الاستخباراتية في الداخل، تفادياً لكل تداخل في المهام مع جهاز المخابرات، حيث ينص المرسوم الجديد على ضرورة التنسيق مع الأجهزة الأمنية الأخرى، وإبلاغ السلطات العليا.
ويؤشر هذا القرار الجديد إلى وجود قلق لدى السلطات العليا بشأن توسع المشكلات الأمنية المرتبطة بالتخريب المادي والسياسي، وذلك الذي يمسّ بالنسيج الاجتماعي والفكري للمجتمع، وتعدد نشاط الكيانات الهدامة، وحاجة جهاز الاستخبارات إلى قاعدة أمنية أوسع لإمداده بالمعلومات الأكيدة، لمواجهة أية تطورات وعواقب محتملة.
وخلال الفترة الأخيرة، لمّح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى وجود ما اعتبرها شبكات ولوبيات تستهدف زعزعة الاستقرار الداخلي للبلاد، تستخدم المضاربة والاحتكار وخلق الندرة في المواد التموينية وبثّ الإشاعات والأخبار المغلوطة، بهدف المساس بالأمن الداخلي، إضافة إلى نشاط تنظيمات صنفتها السلطات الجزائرية بالإرهابية، كتنظيم الماك الذي يطالب بانفصال منطقة القبائل، وتنظيم رشاد المحسوب على جبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة، وكلاهما تتمركز قياداتهما في الخارج.