تحدثت أوساط عسكرية إسرائيلية عن أن أية حرب قادمة في مواجهة "حزب الله" يجب أن تضمن تدمير كلّ قدراته الصاروخية، وضمان عدم السماح بتسلّحه مجدداً.
ونقل "مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية"، التابع لجامعة "بارإيلان"، ثاني أكبر الجامعات الإسرائيلية، عن العميد إيران أورتال، مدير "مركز دادو"، الذي يمثل مركز التفكير الرسمي للجيش الإسرائيلي، قوله إن أية عملية برية في عمق الأراضي اللبنانية خلال الحرب المقبلة ضد "حزب الله"، يجب أن تقود إلى تدمير القدرات الصاروخية للحزب.
وبحسب أورتال، فإنّ القوات الإسرائيلية التي ستشارك في الحملة البرية خلال حرب لبنان المقبلة ستواجه تحدياً كبيراً يتمثل في إقدام عناصر "حزب الله" على إطلاق الصواريخ عليها ثم الاختفاء.
ودعا إلى مواجهة تكتيك "حزب الله" هذا بعمليات عسكرية "دموية"، بحيث يستند الجهد الحربي الإسرائيلي إلى مركبين أساسيين، وهما: الكشف عن أماكن وجود عناصر الحزب وقدراته الصاروخية، وتوظيف قوة النار الإسرائيلية في تدميرها.
ووفق المركز، فإن الجنرال يعكوف عامي درور، الذي شغل منصب رئيس مجلس الأمن القومي، يوصي بألا يقتصر هدف الحرب المقبلة أمام "حزب الله" على تدمير قدراته الصاروخية، بل أيضاً ضمان أن تقود نتائج الحرب عدم السماح للحزب بمراكمة القوة وتسليح نفسه مجدداً.
ولاحظ المركز أن النقاش داخل الأوساط العسكرية الإسرائيلية إزاء أهداف الحرب المقبلة ضد "حزب الله" توسّع إثر إطلاقه في الثالث من فبراير/شباط الحالي صاروخ أرض - جو متطوّراً ضد طائرة إسرائيلية بدون طيار كانت تقوم بجمع معلومات استخبارية في الأجواء اللبنانية.
وقد اعتبر المركز أن هذه الحادثة "تشي بخطورة لعبة القط والفأر التي تتواصل يومياً" بين إسرائيل والحزب، محذراً من أنه حتى بعد أن أخطأ الصاروخ الذي أطلقه الحزب الهدف، فإن هذا السلوك بات يمثل تحدياً لوسائط الطيران الإسرائيلية التي تقوم بعمليات الرقابة وجمع المعلومات الاستخبارية أو تلك التي ستنفذ عمليات قصف مستقبلاً في العمق اللبناني.
وأشار إلى أن الطلعات الجوية التي تنفذها إسرائيل في الأجواء اللبنانية سواء عبر وسائط طيران مأهولة أو غير مأهولة، تهدف إلى تحديد المناطق التي يعمل "حزب الله" فيها على تدشين قواعد لإطلاق الصواريخ "بإملاء من إيران".
وبحسب المركز، فإن الحرب المقبلة ضد "حزب الله" ستمثل تحدياً لإسرائيل، مشيراً إلى أن الحزب أطلق خلال كل أيام حرب 2006 حوالي 4000 صاروخ، في حين أنه سيطلق في الحرب القادمة نفس العدد من الصواريخ في اليوم الواحد.
ونقل المركز عن الجنرال يوسي كوبرفسور، الذي شغل منصب قائد "لواء الأبحاث" في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" سابقاً، قوله إنه "من المبكر الحكم بأن إطلاق حزب الله صاروخ "سام" على الطائرة الإسرائيلية يمثل حدثاً فردياً أو يأتي في إطار حملة تهدف إلى تحدي أنشطة إسرائيل لجلب المعلومات الاستخبارية. لكن كوبرفسور، في المقابل، يرى أنه في حال أطلق "حزب الله" الصواريخ مجدداً على الطائرات الإسرائيلية، فإن هذا سيقود إلى تصعيد عسكري بين الجانبين. وأضاف الجنرال الإسرائيلي: "يمكن أن يكون حزب الله قد أطلق الصاروخ على الطائرة لأنها حلقت فوق مناطق يرى الحزب أنها حساسة، وأراد ان يبعدها عن هذه المنطقة"، مشيراً إلى أنه في حال كان هذا صحيحاً، فإن هذا لا يدلّ على أن الحزب معني بإحداث تحوّل على نمط تعاطيه مع الطائرات الإسرائيلية التي تحلّق في الأجواء اللبنانية.
ويرى الجنرال الإسرائيلي أن التحدي الذي ستواجهه إسرائيل سيكون أكبر في حال عمد "حزب الله" إلى تهريب صواريخ أرض - جو أكثر تطوراً مما تضمه ترسانته حالياً.
وأوضح أنه على الرغم من أن سلوكه لا يدل على أنه معني بمواجهة مع إسرائيل، إلا أنه في المقابل يبدو مصمماً على تكريس "معادلة واحدة بواحدة"، أي الردّ على أي عملية استهداف تطاول عناصر الحزب سواء في لبنان أو سورية.
ولفت المركز إلى أن تصعيد "حزب الله" الأخير جاء قبيل إعلان شعبة الاستخبارات العسكرية التقدير الاستراتيجي السنوي، والذي أشار إلى أن الحزب بات مستعداً، لأول مرة منذ العام 2006، للانخراط في مواجهات عسكرية محدودة مع إسرائيل تستمرّ لعدة أيام، كما يحدث في قطاع غزة.
ونبّه إلى أنه على الرغم من أن الحزب غير معني بالانخراط في حرب مع إسرائيل بسبب الأزمات السياسية الداخلية في لبنان، إلا أنه يبدو مصمماً على الانتقام لمقتل أحد عناصره خلال غارة إسرائيلية نفذت في سورية في يوليو/تموز الماضي.
وأبرز المركز حقيقة أن بعض التطورات الداخلية اللبنانية يمكن أن تفضي إلى مراكمة الضغوط على "حزب الله"، بحيث تدفعه إلى افتعال مواجهة مع إسرائيل، مشيرا إلى الضغوط التي يتعرض لها في أعقاب اغتيال الناشط لقمان سليم، إذ يُتّهم الحزب بالوقوف وراء اغتياله.