انتقدت "حركة النهضة" التونسية، اليوم الخميس، الاعتداءات والانتهاكات التي مارستها قوات الأمن بحق المتظاهرين في ذكرى الثورة يوم الجمعة الماضي، مؤكدة أنّ الأساليب التي اعتمدتها وزارة الداخلية تشير إلى "بوادر دكتاتورية غير مسبوقة".
وقالت الحركة، في مؤتمر صحافي، إنّ عضو "حركة النهضة" محمد بوزيان توفي بعد معاناته من نزيف في الدماغ (بحسب التقرير الأولي)، مبينة أنه سيتم تأكيد سبب الوفاة بعد الانتهاء من تشريح الجثة في مستشفى "شارل نيكول" بالعاصمة، وذلك في سياق الرد على بيان النيابة العمومية التي أشارت إلى عدم وجود آثار عنف على جسد بوزيان.
وقال القيادي في "حركة النهضة" عماد الخميري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحركة ستتابع قضية رضا بوزيان وكل من تسبب في هذه الجريمة، وستتسلح بكل ما هو قانوني وجزائي للمحاسبة"، مضيفاً أنّ عائلة بوزيان قررت بدورها رفع قضية بهذا الغرض، كما أكد أنّ الحركة ستلجأ أيضاً للقضاء لكشف ملابسات الوفاة، ومحاسبة كل من تورطوا في الجريمة.
وشدد الخميري على أنّ "حركة النهضة" "لن تكتفي بالمتابعة القانونية، بل ستتواصل مع كل الجهات الحقوقية لوضع حد للتجاوزات الخطيرة والتي بدأت منذ 25 يوليو/تموز، ومنها وضع الأشخاص تحت الإقامة الجبرية"، مشيراً إلى أنّ هناك محاولات للتضييق على الفضاء السياسي والإعلامي والحقوقي، والتي انتهت يوم 14 يناير/كانون الثاني إلى منع التظاهر والتعبير والاحتجاج.
وأكد الخميري، خلال المؤتمر الصحافي للحركة، أنّ "هناك نزوعاً فردياً من سلطة الانقلاب للتحكم في كل السلطات دون أن تكون هناك رؤيا وخيار لإخراج البلاد مما فيه"، مشيراً إلى حالة الاختفاء القسري لنائب رئيس "حركة النهضة" نور الدين البحيري الذي لا يزال في "وضع صحي دقيق"، فيما أكد أنّ البحيري "يواجه الموت بشجاعة وهو أحد العناوين الكبرى للاختطاف القسري ولممارسات سلطة الانقلاب"، محمّلًا السلطة المسؤولية عن سلامته إثر احتجازه دون شرعية قانونية.
وتابع الخميري "رغم الدعايات المغرضة التي تروّج لها السلطة لاستهداف البحيري وتبرير احتجازه بحجة الفساد، إلا أنه لا يوجد حتى اليوم أي ملف يدين البحيري". وأكد أنّ المفوضية السامية لحقوق الإنسان تدين هذا الاحتجاز، حيث سبق أن عبّرت عن امتعاضها مما يحصل.
وحذر الخميري من مخاطر الزج بالقوات الأمنية في التجاذبات السياسية وفي الصراعات الحاصلة. ولفت إلى أنّ الرئيس قيس سعيّد "ينزع للاستحواذ على كامل السلطات التشريعية والتنفيذية، واليوم عبر المساس بالمجلس الأعلى للقضاء لضرب هذا المجلس ليكون خادماً للسلطة التنفيذية، ما يؤشر على إرساء حكم الفرد ودكتاتورية متسلطه ترفض أي رد بدليل أنّ الأمر 117 ينص عل أن كل المراسيم لا يمكن التعقيب عليها، وبالتالي هناك منحى لضرب مكتسبات الثورة".
بدوره، قال القيادي في "حركة النهضة" عبد الفتاح الطاغوتي، في المؤتمر الصحافي ذاته، إنّ "رضا بوزيان كان في المسيرة يوم 14 يناير/كانون الثاني وقد لاقى ما لاقى من عنف، وتم التعتيم على اختفائه رغم أنّ عائلته كانت تبحث عنه طيلة أيام"، مبيّناً أنّ المتوفى كان عانى من نزيف في الدماغ وظل في الإنعاش طوال الفترة الماضية، معرباً عن أمله في أن يكون تقرير الجهات الصحية "شفافًا ويكشف الحقيقة".
وأضاف "هذا الوضع لن يستمر والوقت يضغط والعنف يزداد ونأمل أن تهتدي جل القوى إلى الحل"، مشيراً إلى أنّ "هذه المنظومة لا تؤمن بالأحزاب ولا بالمجتمع المدني ولا بالإعلام، ما يعني توديع الديمقراطية".
وقال مستشار رئيس "حركة النهضة" نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، بلقاسم حسن، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ مسؤولي الحركة لم يعلموا بوفاة بوزيان سوى، مساء أمس الأربعاء، بعد اختفائه منذ 14 يناير/ كانون الثاني والاعتداء عليه، مشيراً إلى أنّ هاتفه كان مغلقاً، ولا يوجد أي خبر عنه قبل الكشف عن وفاته.
وحمّل حسن رئيس الجمهورية قيس سعيّد ووزير الداخلية توفيق شرف الدين المسؤولية الكاملة عما حصل، إضافة لكل من يثبت تورطة بالاعتداء المباشر على بوزيان، مؤكداً أّن ما حصل "يكشف مرة أخرى أن الانقلاب لا عقلاقة له بالديمقراطية ولا بالدستور ولا بالقانون وأن الاستبداد هو الحل لتبرير الانقلاب".