عقد حراك "مواطنون ضد الانقلاب" في تونس، مساء الأربعاء، لقاء تضامنياً مع عميد المحامين السابق، عبد الرزاق الكيلاني، الصادر بحقه قرار من القضاء العسكري بإيداعه السجن، وذلك بحضور عائلته وهيئة الدفاع عنه وعدد من ممثلي الأحزاب السياسية والبرلمانيين المعارضين لخطوات الرئيس التونسي، قيس سعيّد.
وشاركت في اللقاء قيادات من حزب "النهضة" و"ائتلاف الكرامة" و"قلب تونس" و"حراك تونس الإرادة" و"حركة وفاء" وحزب "المؤتمر من أجل الجمهورية"، وقيادات من "اللقاء الوطني للإنقاذ" و"توانسة من أجل الديمقراطية" ونشطاء ومحامون من هيئة الدفاع عن الكيلاني والبرلماني والوزير التونسي السابق نورالدين البحيري، الذي كان يتولى الكيلاني الدفاع عنه قبل الزج به في السجن.
واعتبر أمين عام "حركة وفاء"، عبد الرؤوف العيادي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ "ما حدث مع عميد الثورة عبد الرزاق الكيلاني وصمة عار وصفحة سوداء في تاريخ تونس، لطختها سلطة الانقلاب القابعة على صدر البلاد".
وتابع العيادي أنّ "قضية الكيلاني هي قضية كل التونسيين وليست قضية المحامين أو الحقوقيين والديمقراطيين فحسب، وهي محاولة بائسة من نظام 25 يوليو/ تموز للدوس على كل نفس حر في البلاد واستفزاز للمتشبثين باستعادة الديمقراطية".
وأوضح أنّ "الكيلاني ليس شخصية وطنية اعتبارية فحسب، بل هو شخصية حقوقية دولية أثار الاعتداء عليه وحبسه حفيظة المجتمع الحقوقي في أكثر من بلد".
وتمت متابعة الكيلاني بدعوى تحريض الشرطة على عدم تطبيق القانون على خلفية تهم "الحث على العصيان وإثارة تجمع من شأنه المسّ بالأمن العام وهضم جانب موظف".
وجاءت تلك الاتهامات للكيلاني بعد تنقله إلى محافظة بنزرت شمالي تونس، للمطالبة برؤية موكله، نور الدين البحيري، القيادي في "حركة النهضة"، الذي كان محتجزاً هناك.
استهدافٌ للصف الديمقراطي
من جانبه، قال القيادي في الهيئة التنفيذية لحراك "مواطنون ضد الانقلاب"، أحمد الغيلوفي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "استهداف العميد الكيلاني هو استهداف للصف الديمقراطي وجس لصموده وإصراره على مواصلة مناهضة الانقلاب، من خلال وهم ضرب وحدة صفوفه بمحاولات تفريقهم عبر سجن رموز النضال".
ولفت إلى أنّ "هذه المحاولات السمجة لن تزيد الصف الديمقراطي إلا لحمة وستقود إلى مزيد من الالتفاف حول مطلب استعادة الديمقراطية وإنهاء منعرج الانقلاب".
وأضاف الغيلوفي أنّ "مواطنون ضد الانقلاب يستنفر كل حرائر تونس وأحرارها للصمود حتى نهاية الانقلاب"، مؤكداً أنّ "تحرير الكيلاني سيضاف إلى ملاحم وانتصارات الصف الديمقراطي المناهض لنظام الانقلاب".
وقال منسق "اللقاء الوطني للإنقاذ"، أحمد نجيب الشابي، إنّ "الانقلاب نغص فرحة الانتصار والاحتفال برفع الإقامة الجبرية عن نورالدين البحيري بعد 67 يوماً من إضراب الجوع عبر سجن العميد الكيلاني".
وتابع الشابي خلال كلمته في الجلسة "أنه لا توجد جريمة بخصوص الكيلاني، بل إن الجريمة في محاكمته بسبب قيامه بدوره"، مشدداً على أنّ "سلطة الانقلاب تلاحق كل من يتجرأ عليها وتوظف من أجل ذلك القضاء العسكري وتقحم المؤسسة العسكرية ووضعت يدها اليوم على السلطة القضائية بالمجلس الوقتي".
وشدد المتحدث في مداخلته على أنّ "كل واحد من الحاضرين يشعر بأنّ جزءاً منهم في السجن، فرئيس الدولة (قيس سعيّد) ووزير الداخلية (توفيق شرف الدين) يريدان الدوس على الجميع مهما كانت صفته وتاريخه".
وبيّن أنّ "سجن الكيلاني سيكون وقعه كبيراً وعلى المعارضة أن تصمد"، محذرا من "انقسام النخبة ونفورها من التجربة الديمقراطية".
ودعا الشابي إلى "تجاوز الفرقة والتجمع في جبهة للخلاص والالتفاف حول أي دعوة للتقارب على غرار حراك مواطنون ضد الانقلاب في اتجاه تنظيم مؤتمر وطني للإنقاذ".
ورم الديكتاتورية
أما القيادي في "النهضة"، نور الدين العرباوي، فبيّن في مداخلته أنّ "عبد الرزاق الكيلاني سيخرج بنفس الصمود والشرف الذي رافق خروج البحيري"، مشيراً إلى أنّ "العميد الأسير هو شرف للوطن وله سيرة تشرف كل من تضامن معه".
وشدد على "ضرورة تضافر الجهود لتحرير العميد الكيلاني"، مبيّناً أنّ "سجانه أكثر قلقاً من السجين، والسجان هو سعيّد الذي استبد بالسلطة في هذا البلد".
وتابع العرباوي "أن القضايا الحقوقية هي أعراض جانبية للمرض الأكبر وهو الاستبداد، ويجب النضال لرفع المظالم عن أصحابها، ولكن يجب التأكيد أن المسائل الحقوقية هي قضايا جانبية أمام ورم الديكتاتورية، ومن يريد إنهاء الانتهاكات الحقوقية يجب أن ينتبه ويتصدى للديكتاتورية المتمددة".
وقال القيادي في تنفيذية "مواطنون ضد الانقلاب"، جوهر بن مبارك، في كلمته إنّ "العميد عبد الرزاق الكيلاني هو ضحية مواقفه وصموده ورأيه الذي عبر عنه مراراً بوضوح وصراحة في وسائل الإعلام وفي المظاهرات، وهي سبب ارتباك الانقلاب الذي اختار الزج به في السجن".
وشدد على أنّ "الانقلاب أقدم على تكميم صوت الكيلاني حتى لا يواصل فضح سياسات سعيّد في الانقلاب والاستحواذ على السلطة وضرب المسار الديمقراطي".
وتطرق بن مبارك إلى "انهيار منظومة الحقوق والحريات وكل منظومة الحقوق الأساسية من قبل سلطة 25 يوليو/ تموز من خلال منع الحق في السفر ومنع التظاهر ووضع المناضلين والحقوقيين قيد الإقامة الجبرية ومحاكمتهم عسكريا".
من جانبه، وصف المدير التنفيذي لحزب "الأمل"، وعضو هيئة الدفاع عن الكيلاني، رضا بلحاج في مداخلته، "الحكم بالفضيحة وبالسابقة في تاريخ المحاماة التونسية والإخلالات والخروقات في الإجراءات".
كما حذر عضو هيئة الدفاع، سمير ديلو، في كلمته من تحويل "المعركة ضد سلطة الانقلاب إلى معركة حقوقية الغاية منها إجهاض المساعي لمقاومة الانقلاب بإرهاق المناضلين بالجري وراء تحرير مساجين الرأي والحقوقيين، على حساب مقاومة مشروع التفرد بالحكم".
وقال إنّ "النضال لتحرير الحقوقيين من السجن هو انتصار للديمقراطية وهزيمة لسلطة الانقلاب"، مشيراً إلى أنّ "تاريخ المحاكمات السياسية منذ زمن الرئيسين الراحل الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي يتسم بالخروقات خصوصاً المتعلقة بالقادة السياسيين والحقوقيين".