أرجأت الدائرة الجنائية في المحكمة العسكرية الابتدائية في تونس، اليوم الثلاثاء، النظر في قضية أحيلت فيها عضو جبهة الخلاص الوطني في تونس شيماء عيسى على خلفية تصريح إذاعي.
وأكد المحامي سمير ديلو أن المحكمة أصدرت قراراً بتأجيل القضية إلى جلسة تعقد في يوم 14 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وخرجت شيماء عيسى من المحكمة وأعلنت لـ"العربي الجديد" تأجيل استنطاقها إلى يوم 14 نوفمبر. وأشارت إلى أنها سبق أن استجوبت في المحكمة العسكرية أثناء فترة احتجازها في السجن، حيث نقلت إلى المحكمة العسكرية بواسطة سيارة المحكمة، ولكنها اليوم حرة بلا قيود.
وأضافت أنه على الرغم من ذلك، فإنها ما زالت تعيش تحت ظروف صعبة، حيث تُمنع عنها ممارسة مهنتها والتنقل بحرية في الأماكن العامة نتيجة لقرار منعها من الظهور في الأماكن العامة. وأشارت إلى أنها تفكر في جميع المعتقلين السياسيين المحتجزين، مثل جوهر بن مبارك والصحافية شذى بن مبارك، وتعتبر أنه "يجب أن يحظوا بمزيد من الحريات". وأكدت أنها تتعهد بالدفاع عن حقوقها، بما في ذلك حقها في التنقل والسفر، مشددة على أن "هذه الحقوق لم يمنحها أحد لي".
وفي ما يتعلق بإمكانية الانضمام إلى إضراب عن الطعام تضامناً مع زملائها، أشارت عيسى إلى أن تنسيقية عائلات المعتقلين ستعقد مؤتمراً في المساء للإعلان عن الخطوات التصعيدية القادمة، وهذا سيتضمن التفكير في الدعم لزملائها في السجن.
في وقت مثلت فيه شيماء عيسى أمام المحكمة العسكرية، نظمت قيادات جبهة الخلاص وسياسيون وحقوقيون وعائلات المعتقلين وقفة دعم مساندة لها.
وأثناء الوقفة التضامنية ارتفعت شعارات تعبيرية مؤثرة، منها: "حريات حريات لا قضاء التعليمات"، و"الحريات تفدى بالدم يا شيماء لا تهتم".
وتأتي هذه الوقفة بعدما أفرج عن شيماء عيسى في 14 يوليو/ تموز بعد قضائها خمسة أشهر في السجن في قضية التآمر على أمن الدولة.
وفي هذا الشأن، أوضح عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين، المحامي سمير ديلو، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "عيسى ملاحقة قضائياً وفق المرسوم سيئ الذكر 54"، وأشار إلى أن "شيماء عيسى تجرأت على نقد الانتخابات التشريعية المهزلة، والتي شارك فيها أقل من 10 في المائة من الشعب التونسي، وأن العقوبات المحتملة قد تصل إلى 10 سنوات في السجن".
واعتبر ديلو أن "الهدف ليس تخويف المعارضين فحسب، بل إسكاتهم أيضاً"، وأشار إلى أن "المعتقلين السياسيين بدأوا إضراباً عن الطعام، وشهدوا حملة واسعة من التضامن تتوسع لتشمل المزيد من المناصرين". وأشار إلى أنه في الساعات القادمة، سيتم الإعلان عن تحرك جديد غير مسبوق، دون الكشف عن تفاصيله، وأعلن أن هناك وقفة ثانية ستنظم أمام قطب مكافحة الإرهاب تضامناً مع نائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري، الذي بدأ أيضاً إضراباً عن الطعام.
بدوره، لفت رئيس حزب العمل والإنجاز عبد اللطيف المكي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى "تصاعد الزخم النضالي اليوم ضد انتهاكات حريات الشعب والديمقراطية في تونس"، وأكد أن "مثل هذه المحاكمات تعبر عن نوع من الحكم الفردي والاستبداد".
وأشار المكي إلى أن المتضامنين "يقومون بواجبهم في الاحتجاج ضد هذه الممارسات"، مؤكداً أن "تونس وشعبها لن يقبلوا بالعودة إلى فترة الاستبداد". وأضاف أن "هذه المحاكمات لا تستهدف فقط السياسيين، بل تشمل أيضاً الشباب الذين يُحاكمون بلا مبرر".
وقفة تضامنية مع البحيري
في الأثناء، أكد عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين، المحامي فوزي جاب الله في تصريح لـ"العربي الجديد" أن قاضي التحقيق بقطب مكافحة الإرهاب قرر الإبقاء على نائب رئيس حركة النهضة، نور الدين البحيري، بحالة سراح في ملف "التآمر على أمن الدولة"، مضيفا أن "البحيري يبقى موقوفا في السجن في قضية أخرى تتعلق بتدوينة".
وأكد جاب الله أن "قاضي التحقيق بقطب مكافحة الإرهاب قد يجري الأسبوع القادم جلسات استماع أخرى ثم يختم البحث"، كاشفاً أن "الهيئة تقدمت بطلب لسماع دبلوماسيين أجانب، ولكن لا رد حول هذا الطلب". وأشار إلى أنه "من المنتظر تقديم مطالب أخرى لأنه لا يوجد عمل جدي في ملف التآمر".
وحضر البحيري هذا التحقيق وهو في حالة إضراب عن الطعام الذي بدأه احتجاجاً وتضامناً مع بقية المعتقلين السياسيين.
وفي وقفة تضامنية مع البحيري، أكدت قيادات جبهة الخلاص دعمهم الكامل لجميع المضربين عن الطعام. وشددت هذه القيادات على أهمية التحرك في ظل الوضع السائد في تونس، الذي "يشهد تصاعداً مستمراً وعدة مبادرات نضالية تهدف إلى استعادة الحريات".
وفي تصريح منفصل لـ"العربي الجديد"، أكد رئيس جبهة الخلاص الوطني، أحمد نجيب الشابي، أن "جوهر بن مبارك يخوض إضراباً مفتوحاً عن الطعام، وأن المضربين السياسيين الآخرين يقفون إلى جانبه في هذا الاحتجاج". وأشار الشابي إلى أن "هذه الحركة الإضرابية تمثل تضامناً قوياً داخل وخارج أسوار السجون".
وأضاف الشابي أن "الوضع الراهن يشهد تصاعداً في الاحتجاجات نتيجة الأوضاع الصعبة، وخصوصاً بعد اعتقال قيادات سياسية لفترات تجاوزت 8 أشهر، دون أن يتم الكشف عن تفاصيل الجرائم المزعومة المنسوبة إليهم، مما أثار تساؤلات حول التآمر المحتمل واستخدام القوة ضد الدولة".
وفي ختام تصريحه، أكد الشابي أن "جبهة الخلاص تعمل على تنظيم وقفة تضامنية إضافية، وأنهم يدرسون جميع الخيارات الممكنة للضغط من أجل تحقيق أهدافهم". وأبرز أن "نجاح الإضراب يتوقف على تحقيق أهدافهم وكسب دعم الرأي العام لفهم حجم الظلم الذي تعرضوا له وغياب الأدلة التي تثبت اتهاماتهم".
في تصريح لـ"العربي الجديد"، أعرب عضو جبهة الخلاص والقيادي في حركة النهضة، رياض الشعيبي، عن استيائه من تزايد وقفات التضامن في تونس، مؤكداً أن هذا يشير إلى تفاقم الانتهاكات لحقوق الإنسان.
وأوضح الشعيبي أن يوم الثلاثاء شهدت وقفتين تضامنيتين، الأولى كانت لدعم شيماء عيسى أمام المحكمة العسكرية، في حين تمت الثانية لدعم البحيري.
وأعرب عن قلقه إزاء "التوجه السياسي البارز نحو استخدام القضاء بذريعة مكافحة الإرهاب، بهدف استهداف ومضايقة المعارضين السياسيين". وشدد على أنه في الوقت نفسه، "شهدنا إضرابات جوع تشمل العديد من الشخصيات البارزة مثل جوهر بن مبارك وراشد الغنوشي وعدة سياسيين آخرين، حيث يُطالبون بالإفراج عنهم ووقف المتابعات السياسية". وأعلن أن قائمة المضربين عن الطعام قد تتوسع في المستقبل.
وأكد أيضاً أن "هناك حركة تضامن دولية نشطة تعمل على تسليط الضوء على قضية المعتقلين وكشف الانتهاكات التي ترتكب ضدهم، بالإضافة إلى المطالبة بالالتزام بحقوقهم الدستورية". وشدد على أن "السلطة الحاكمة تظهر تصعيداً في سياستها التي تهدف إلى الاحتفاظ بالسلطة بأي وسيلة ممكنة، دون البحث عن حلول توافقية أو القيام بحوار بنّاء. إنما تسعى هذه السلطة إلى فرض سيطرتها الاستبدادية على الحكم، ولهذا السبب تسعى إلى تقمص جميع الأصوات المعارضة".
ورأى أن "السلطة لا تعتزم اتخاذ أي إجراءات لتخفيف التوترات، بل على العكس، فهي تزيد من قمعها واستبدادها". ومع ذلك، أشار إلى أن "هذه السياسات تؤكد عزلة السلطة وتعزز الوحدة الوطنية حول رفض هذا المسار، وتطالب بالعودة إلى المسار الديمقراطي".