تباينت ردود الفعل في تونس بعد صدور القائمة الرسمية لشهداء وجرحى الثورة التونسية، ورغم الفرحة بهذه الخطوة التي طالما انتظرتها عائلات الشهداء والجرحى، فإن اقتصار القائمة على 129 شهيداً و634 جريحاً جعل العديد من المنظمات المهتمة بهذا الملف غاضبة، وستلجأ للمحكمة الإدارية لإنصاف من تم إقصاؤهم.
وأكدت شقيقة الشهيد أنيس الفرحاني ورئيسة جمعية شهداء وجرحى الثورة، المحامية لمياء الفرحاني، أن صدور القائمة هو مطلب العديد من العائلات منذ الثورة التونسية، مشيرة إلى أن عشرة أعوام تعتبر فترة طويلة جداً لصدور قائمة رسمية.
وأوضحت، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن العائلات صعّدت من خطواتها الاحتجاجية للضغط على الحكومة وتطبيق القانون، فكان الاعتصام في مقر الهيئة العليا لحقوق الإنسان منذ شهر ديسمبر/كانون الأول، مشيرة إلى أن ما فاجأهم هو أن القائمة التي صدرت الآن هي نفسها التي كانت قد صدرت في 2019، ولم تتغير، ما جعل الفرحة منقوصة لأن كثيرين لم تُدرج أسماؤهم، رغم أنه تنطبق عليهم المعايير التي تم تحديدها.
وأوضحت أن "هناك مصابين بالرصاص وملفاتهم موثقة في المحاكم العسكرية وبشهادات الشهود، وبالتالي ثبتت مشاركتهم في الثورة ودورهم الإيجابي في الأحداث التي جدت في تونس، لكن للأسف تم إقصاؤهم".
وقالت إن الكثير من العائلات تشعر بالاستياء من غياب أسماء أبنائها، وتعتبر أنه لم يتم إنصافها، مضيفة "بما أن القائمة صدرت رسمياً، ولم يتم تحيينها، فإنه يؤمل تدارك الأمر، وسيكون اللجوء للمحكمة الإدارية".
وأضافت "هناك ثقة في جديتها وفي إنصاف الكثيرين"، مشيرة إلى أن الإشكال "يكمن في طول فترة التقاضي في المحاكم، وهذه الملفات ستثقل كاهل المحكمة الإدارية، ولا بد من إفراد هذه الملفات بإجراءات خصوصية لو توفرت الإرادة السياسة لذلك، ولا بد من تحديد سقف زمني للتسريع في البت في هذه الملفات".
ويرى رئيس جمعية "لن ننساكم" علي المكي أن القائمة الرسمية صدرت، ولكن للأسف لم يتم تدارك الخطأ السابق، فالقائمة المنصفة هي قائمة لجنة تقصي الحقائق الصادرة في 2011، ولكن، للأسف، تصدر اليوم القائمة تزامناً مع عيد الاستقلال، ولكن الأسماء الموجودة هي أقل بكثير من الأسماء الحقيقية والمقصيين أكثر ممن تم نشر أسمائهم.
وأضاف لـ"العربي الجديد" أنه سبق أن اشتغلوا، كجمعية مع جمعيات مهتمة بالملف، على القائمة الحقيقية للشهداء والجرحى، وهناك نحو 500 جريح تم إقصاؤهم من القائمة الرسمية، والأسباب مجهولة وعدد الشهداء الحقيقي يتجاوز الذين تم ذكرهم، مبيناً أن الفرحة منقوصة ولا يمكن الحديث عن فرحة بعد 10 أعوام من الانتظار، فهناك حزن لدى الكثيرين.
ولفت إلى أن ما حصل لا يوصف، فهذه الخطوة متأخرة جداً، وستساهم هذه القائمة في مزيد من التفرقة، مؤكداً أنه لا سبب لإقصاء من سالت دماؤهم، وقد يدفع هذا الأمر إلى مساءلة المسؤولين عن الملف، مشيراً إلى أن من المفارقات أن يتم انتداب 2000 جريح في الوظيفة العمومية، ثم الإعلان عن 634 اسما فقط بالقائمة الرسمية، وبالتالي السؤال: من هؤلاء الذين تم انتدابهم إن لم يتم الاعتراف بهم رسميا؟.
ولاحظ المتحدث أن الدولة تتصرف أحياناً من دون عقلانية ومن دون احترام لمشاعر العائلات، فالإشكاليات كبيرة وسيتم الإعلان عن خطوات جديدة في قادم الأيام.
وبين الناشط في المجتمع المدني والمهتم بملف شهداء وجرحى الثورة، عبد العزيز الرويسي، أن "نشر القائمة مفرح، ويعتبر بداية الانفراج في هذا الملف، وهو أقل ما يمكن أن يقدم لعائلات شهداء وجرحى الثورة، وكان بمثابة النقلة الحقيقية في الديمقراطية التونسية".
وأضاف لـ"العربي الجديد" أن "العديد من العائلات سعيدة باستثناء من لم تشملهم القائمة، فالاعتراف ولو بالقليل سيعقبه اعتراف بالبقية، مؤكداً أن هذا المطلب دام 10 سنوات، وبالتالي هو اعتراف رسمي بالجرحى والشهداء وما قدموه للثورة التونسية.