قاطعت الكتل البرلمانية بـمجلس نواب الشعب التونسي الجلسة العامة، اليوم الثلاثاء، المخصصة لمناقشة لائحة تقدم بها "الحزب الدستوري الحر" لمطالبة البرلمان بإصدار بيان مندد بـ"تبييض الإرهاب"، داعياً الحكومة لتجفيف منابعه وتفكيك منظومة تمويله، ليتقرر تأجيل الجلسة، بسبب حضور 48 نائباً من أصل 217 عضواً في البرلمان.
ووجدت رئيسة "الحزب الدستوري الحر" عبير موسي نفسها وحيدة إلا من بعض النواب لا يتجاوز عددهم ربع تركيبة البرلمان، ليضطر النائب الثاني لرئيس البرلمان طارق الفتيتي إلى رفع الجلسة، بسبب عدم توفر النصاب القانوني لانطلاقها والمحدد بـ73 نائباً للشروع في النقاش.
واتهمت موسي نواب "حركة النهضة" و"قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة" و"الكتلة الديمقراطية" بتعمّد الغياب عن الجلسة العامة، اليوم الثلاثاء، بهدف عدم توفير النصاب وتأجيل عقد الجلسة التي تدين الإرهاب.
في مقابل ذلك، اعتبر رئيس كتلة "حركة النهضة" عماد الخميري، أنّ مقاطعة النواب للجلسة العامة المخصصة لمناقشة اللائحة التي قدمتها عبير موسي "أنهت عبث الاستخدام السيئ للبند 141 من النظام الداخلي المتعلق باللوائح".
وأضاف الخميري، في تصريح صحافي، أنّ "رئيسة كتلة الدستوري الحر عبير موسي استخدمت هذا البند بطريقة عبثية من خلال تقديم لوائح موجودة بالقانون أو تقسم التونسيين ولا علاقة لها بالأولويات الاقتصادية والاجتماعية للتونسيين".
وتضمنت لائحة "الدستوري الحر" دعوة للحكومة للقيام بإجراءات حل التنظيمات السياسية والجمعياتية الداعمة للعنف والفكر الظلامي والخطاب التكفيري المتطرف، إلى جانب مطالبة البنك المركزي بتشديد الرقابة على مصادر التمويل الخارجي للجمعيات وكشف شبكات التمويل الأجنبي للأحزاب وإحالتها إلى القضاء.
وقال وزير العدل الأسبق والنائب عن "حركة النهضة" نور الدين البحيري، إنّ "نواب الشعب أكدوا اليوم بمقاطعتهم لجلسة نقاش لائحة عبير موسي تحليهم بروح وطنية عالية ووفائهم لوعودهم وعهودهم بأن تكون تونس فوق الأحزاب ورفضهم المطلق لكل محاولات ترذيل مؤسسات الدولة، وأنّ الأولوية للدفاع على مصالح التونسيين وحقهم في الحياة الكريمة ونهوضهم الاقتصادي والاجتماعي".
وأضاف البحيري، في تدوينة على صفحته الرسمية في "فيسبوك"، أنّ "نواب الشعب وجهوا اليوم صفعة قاسية لعبير وأسيادها وأعلنوها بوضوح لا لبس فيه لا للأجندات المعادية لتونس والمهددة لاستقرارها ووحدتها وأمنها".
وأضاف "بعد نجاحهم في إفشال محاولة إسقاط مشروع قانون المالية التي تغيبت عبير وأتباعها عن جلساته لأن مصالح التونسيين لا تعنيها... لا للانقلابيين دعاة الفوضى والعنف والكراهية والإقصاء... ولا عاش في تونس من خانها".
من جهتها، قالت موسي، في تسجيل مباشر عبر صفحتها الرسمية في "فيسبوك"، إنّ "غياب النواب يؤكد رفض البرلمان، الذي هو القلب النابض لمنظومة الحكم في تونس، بأن يضع الحكومة والبنك المركزي أمام مسؤولياتهما باتخاذ موقف رسمي للتنديد بالإرهاب وكشف شبكات التمويل الأجنبي للأحزاب".
وأكدت موسي أنّ "الحزب الدستوري لن يتراجع وسيتخذ إجراءات تصعيدية في إطار القانون والدستور، وسيعلن عنها مساء اليوم، الثلاثاء، من مقر اعتصام الحزب أمام فرع اتحاد علماء المسلمين".
وهذه ليست المرة الأولى التي يرفض فيها النواب مساندة عبير موسي، فقد سبق أن قاطع رؤساء الكتل جلسة مناقشة اللائحة أصلا، ولم يشاركوا في إعداد تعديلات كما ينص عليه القانون الداخلي.
كما رفض مكتب البرلمان سابقاً لائحة مقدمة من موسي لإدانة وتصنيف "الإخوان المسلمين" "منظمة إرهابية"، في يوليو/ تموز الماضي.
ويُنتظر أن تنتظم جلسة عامة حول لائحة جديدة مقدمة من "الدستوري الحر" حول إدانة العنف ضد المرأة تدخل في سلسلة حروب اللوائح داخل البرلمان، كما يصفها مراقبون.