تقدم مسؤولان تونسيان سابقان بشكوى للمفوضية العليا لحقوق الإنسان بخصوص وضعهما تحت الإقامة الجبرية من قبل وزير الداخلية الحالي، كما طالبت منظمات حقوقية تونسية الرئيس التونسي بالتراجع عن قرار تعيينه بعض مسؤولي نظام زين العابدين بن علي السابق والمتورطين بعمليات تعذيب في مناصب حكومية.
40 يوماً من الاحتجاز القسري لمسؤولَيْن تونسيين
أعلن المحاميان الفرنسيان، ويليام بوردون وفانسون برنغارث، أمس الخميس، عن تقديمهما شكاية إلى المفوضية العليا الأممية لحقوق الإنسان نيابة عن الوزير السابق عن حزب النهضة، أنور معروف، والرئيس السابق لهيئة مكافحة الفساد، شوقي طبيب، الموضوعين تحت الإقامة الجبرية.
وأكد المحاميان أنهما قدما العريضة للفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، الراجع بالنظر إلى المفوضية العليا الأممية لحقوق الإنسان، في حق موكليهما الموضوعين قيد الإقامة الجبرية بقرار من الوزير المكلف بتسيير الداخلية، رضا غرسلاوي.
وتقدم كل من طبيب ومعروف بقضيتين لدى المحكمة الإدارية التونسية منذ شهر لإبطال القرار، وبانقضاء الآجال القضائية توجها لتدويل قضيتيهما، وقال معروف، الذي تم وضعه في 25 يوليو/ تموز تحت الإقامة الجبرية، إنه "تعرض لمظلمة صارخة بعد أكثر من 40 يوماً من الاحتجاز القسري دون سبب، ودون تمكينه من أي وثيقة قانونية تبرر قرار الإقامة الجبرية"، وأضاف في تدوينة على حسابه بفيسبوك، الجمعة، أنه "تقدم بشكاية جزائية منذ يوم 6 أغسطس/ آب ضد المكلف بتسيير وزارة الداخلية في الحجز دون إذن قانوني".
وكشف الناطق باسم المحكمة الإدارية عماد الغابري، عن تقديم 10 أشخاص قضايا، وذلك من بين حوالي 50 شخصاً موضوعاً تحت الإقامة الجبرية، وحول اختصاص المحكمة الإدارية في إيقاف قرارات الرئيس من عدمه، أكد الغابري أن "الإقرار باختصاص المحكمة الإدارية من عدمه يبت فيه القضاء الإداري، الذي لا يمكن استباق أعماله وجلساته".
وأضاف المتحدث باسم المحكمة الإدارية أنه "بالنسبة للقرارات الأخرى، كالوضع قيد الإقامة الجبرية والمنع من السفر، فإن المحكمة الإدارية ستنظر فيها"، مشيراً إلى أن المحكمة لديها أحكام سابقة في ذلك"، بحسب تأكيده.
ويُعد الفريق العامل المعني بالاحتجاز القسري، الذي استنجد به معروف والطبيب، إحدى الآليات المعتمدة لدى المفوضية العليا لحقوق الإنسان للتحقيق من الممارسات ذات الصلة، وتتمثل مهمة الفريق المكوّن من خمسة أشخاص مستقلين ومنتخبين حسب التوازن الإقليمي في التحقق من حالات الاحتجاز المفروض ومن مطابقته للمعايير الدولية.
لا لتعيين المتورطين بالتعذيب في مناصب حكومية بتونس
وفي شأن آخر، استنكرت مبادرة "لا رجوع"، التي تتكون من منظمات "البوصلة" و"المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" و"محامون بلا حدود"، في بيان لها عدم التراجع عن تعيين مدير العام للمصالح المختصة، سامي اليحياوي، والذي تنسب إليه تهم جزائية في القضية المنشورة بالدائرة الجنائية المختصة في العدالة الانتقالية بقفصة والمتعلّقة بالانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت في سياق أحداث الحوض المنجمي 2008، حيث كان سامي اليحياوي رئيساً لإقليم الشرطة بقفصة.
وطالبت مبادرة "لا رجوع" في بيانها أمس رئاسة الجمهورية بـ"التراجع عن بعض التعيينات، ومنها تعيين خالد المرزوقي الذي ثبت تتبّعه جزائياً في أحداث الثورة بمدينة تالة وقد تمّ إبعاده بعد ضغط مجتمعي، والحال أنّ الأسباب هي نفسها بخصوص السيد سامي اليحياوي، الذي تولّى إدارة إقليم الشرطة بقفصة من سنة 2006 إلى سنة 2008، وقد نسب إليه الإشراف والمشاركة في أفعال التعرية والحرق بالسجائر والتعذيب، والحرمان من النوم والاستنطاق المطوّل وتزوير الاعترافات"، مؤكدة "أن هذه الأفعال موثقة في أغلبية شهادات ضحايا أحداث الحوض المنجمي الشهيرة، التي انطلقت شرارتها إبّان الإعلان عن نتائج مناظرة لشركة فسفاط قفصة التي غلبت عليها المحسوبية والولاءات في اختيار المترشحين سنة 2008".
وأضاف البيان أن "لائحة الاتهام المنشورة أمام القضاء تضمنت تهمة القتل العمد مع سابقية القصد ومحاولة القتل العمد مع سابقية القصد في حقّ 4 متهمين، وتهمة الاعتداء الجنسي بواسطة الاغتصاب في حق 8 متهمين، وتهمة التعذيب في حقّ 12 قيادياً أمنياً، منهم بلقاسم الرابحي ومحمد اليوسفي وعبد الرزاق رحيلي وحسين نصيب وبوهلال العكرمي وزهير الرحيلي"، مبينة "أن المدعوّ سامي اليحياوي يبقى مطلوباً للعدالة إلى حدّ هذا اليوم بالدائرة الجنائية المختصة بالعدالة الانتقالية بقفصة المتعهّدة بالملف".
وأكد المسؤول بـ"محامون بلا حدود" خيام الشملي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن البيان والرسالة اللذين وجهوهما هما أساساً لرئيس الجمهورية، قيس سعيد، والذي ما فتئ يلتقي عائلات الضحايا، وذلك للتراجع عن تعيين اليحياوي، مبيناً أنه "بعد ضغط من المجتمع المدني تمت إقالة خالد المرزوقي لتورطه في أحداث تالة في حين تم الإبقاء على اليحياوي"، مضيفاً أن "هذا الشخص متهم بالتعذيب والمشاركة في عديد من الأفعال التي مست من حقوق وكرامة الضحايا ينظر فيها القضاء".
وأشار الشملي إلى أنه "يتعين على رئيس الجمهورية التراجع عن هذا التعيين لأنه يكرس للإفلات من العقاب وإن لم يحصل فهذا التعيين ترضية للنقابات الأمنية"، مؤكداً "أنهم كمنظمات لن يصمتوا، وسيتواصل الضغط إلى حين التراجع عن هذا التعيين"، مبيناً أن "عديداً من الشخصيات الوطنية، منها بشير العبيدي وعبد الرحمان الهذيلي، التقوا مؤخراً رئيس الجمهورية وهم أيضاً ضحايا الحوض المنجمي ومورس ضدهم التعذيب ولديهم عديد من الشهادات عن التجاوزات التي حصلت"، مبيناً أنه "طالما أن القضية جارية فلا يقبل هذا التعيين وسيتم الضغط إلى حين التراجع عنه".