عادت المطالبات الشعبية في تونس القاضية بتمرير قانون تجريم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، مع تصاعد التضامن والتعاطف الشعبي في مختلف المحافظات تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ونصرة للأقصى والقدس.
وفي الأيام الماضية، رفع التونسيون المحتجون في مختلف المحافظات شعارات تطالب بعرض قانون تجريم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي للمصادقة على الجلسة العامة، والشروع في تنفيذه، في رسالة للعالم تترجم موقف التونسيين الرافض لأي شكل من أشكال التعامل والتعاطي مع إسرائيل أو مع من يتعاطى معها.
وطرحت أمام البرلمان التونسي منذ الثورة 3 مشاريع لتجريم التطبيع مع إسرائيل في فترة المجلس الوطني التأسيسي (أول برلمان صاغ الدستور)، حيث قدم المؤتمر من أجل الجمهورية الذي كان يقوده الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، في 2012، مقترحاً لتجريم التطبيع، وقدمت "الجبهة الشعبية" التي تضم قوى اليسار والقوميين، في 2015، مقترحا آخر (في برلمان 2014 - 2019). كما تقدمت الكتلة الديمقراطية، التي تضم حركة الشعب والتيار الديمقراطي، منذ 5 أشهر تقريباً، مقترحاً ثالثاً.
لكن تعطل تمرير أي مقترح من هذه المقترحات الثلاثة، أو حتى مناقشتها في اللجنة، بسبب الضغوط الخارجية على تونس، خصوصاً من قبل أكبر الدول المانحة، الأمر الذي جعل الائتلافات الحاكمة باختلافها عاجزة أمام ذلك.
وفي السياق، قال القيادي والنائب بحركة "الشعب" عبد الرزاق عويدات، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "على الرغم من أن الأولوية هي للوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد، إلا أن القضية الفلسطينية من صميم اهتماماتنا اليومية في تونس".
وأضاف عويدات "بالنسبة لنا في حركة الشعب، نعتبر أن القضية الفلسطينية هي القضية الأم وقضية كل العرب، لأنها ليست مختصرة في الاعتداء الصهيوني على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل بتحالف الكيان الصهيوني مع القوى الإمبريالية، وما كنا نسميه في السابق بالاستعمار العالمي الذي زرعه في جسد الأمة العربية لمنع الشعب العربي من الاستفادة من ثرواته ولمنع تطوره ولمنع وحدته".
وشدد على أنه "إذا حللنا قضية فسلطين فإننا نزعنا شوكة الاستعمار والإمبريالية التي تحول دون تقدمنا".
وأوضح أن "الدفاع عن القضية الفلسطينية والمقاومة هدف استراتيجي لا يمكن التخلي عنه في أي مرحلة من مراحل تاريخنا، وهو ما يجعلنا نقول إن تضييق الكيان الصهيوني على شعبنا العربي في فلسطين وعلى القدس، من أجل مزيد من التوسع داخل الوطن العربي، أمر مرفوض ولا يجب ترك الفلسطينيين وحدهم يجابهونه".
واستطرد القيادي بحركة الشعب قائلاً "لا بد من التوافق حول عدم التفريط في شبر واحد من فلسطين، ولا في حق العودة لكل اللاجئين والمهجرين من أرض فلسطين إلى ديارهم وأراضيهم، ثم فالمقاومة الشعبية والعسكرية هي الكفيلة بتحقيق هذين الهدفين".
وأكد أن "كل الشعوب العربية لا بد أن تقدم الدعم للمقاومة الشعبية والمسلحة حسب قدراتها بالتبرعات وبتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني إن استطاعت ذلك".
وأشار إلى أن "حركة الشعب والتيار الديمقراطي وعدداً من المستقلين قدموا في 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بمناسبة ذكرى اغتيال محمد الزواري على يد الآلة الصهيونية، مشروع القانون".
وتابع أن "اليوم في عملية التضييق على الشعب الفلسطيني وبعملية التهجير في القدس الشرقية، تعد المناسبة مثلى لتحويل هذه المبادرة إلى الجلسة العامة، لتكون خير رد وخير مساندة للمقاومة الشعبية الفلسطينية".
من جهته، تساءل رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية حول المغرب العربي، عدنان منصر، عن سبب عدم تقديم الرئيس التونسي قيس سعيد مشروع قانون لتجريم التطبيع.
في حين دعا المحلل السياسي طارق الكحلاوي، على حسابه في "فيسبوك"، النواب والكتل التونسية إلى "التدارك والخجل من أنفسهم وتمرير قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل"، مذكراً بأن "جميع المقترحات عطلت في رفوف البرلمان، ورفضت الأغلبية البرلمانية عرضها للنقاش إلى اليوم".