استمع إلى الملخص
- **ردود فعل المرشحين المرفوضين:** عبّر المرشحون المرفوضون عن استيائهم وقرروا اللجوء إلى المحكمة الإدارية للطعن في قرارات الهيئة.
- **تحليلات وتخوفات من المشهد السياسي:** أشار محللون إلى تأثير الشروط الجديدة والتزكيات على عدد المرشحين المقبولين، مع تخوفات من هيمنة النظام الحالي على السلطة.
أثارت النتائج الأولية التي أعلنت عنها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لأسماء المرشحين المقبولين إلى الانتخابات الرئاسية التونسية المقرّرة في 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، جدلاً واسعاً في البلاد، بعدما قُبلت ثلاثة ملفات فقط للمرشحين من بين 17 ترشيحاً، وهم الرئيس الحالي قيس سعيّد، والأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، ورئيس حركة "عازمون"، النائب السابق العياشي زمّال.
وتلوذ المعارضة التونسية بالصمت في انتظار تحديد مواقفها بعد هذه التطورات، وإن كانت ستلجأ إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية أم لا. ولئن عبّر بعض المرشحين المرفوضين عن استغرابه من تلك النتائج، فقد قرّر البعض الآخر اللجوء إلى المحكمة الإدارية بصفتها جهة قضائية للطعن في أسباب الرفض.
مرشحون مرفوضون يستنكرون
وعبّر أعضاء الحملة الانتخابية الرئاسية لرئيس حزب العمل والإنجاز عبد اللطيف المكي عن استغرابهم الشديد مما جاء في البيان الإعلامي لهيئة الانتخابات من رفض لملف الترشح، رغم تأكدهم من استيفاء الملف جميع الشروط باستثناء إشكالية البطاقة عدد 3. وأكد هؤلاء في بيان، مساء أول من أمس السبت، أنهم سيقومون بالإجراءات السياسية والقانونية اللازمة للطعن في هذا القرار، داعين الهيئة إلى توضيح أسباب هذا الرفض بشكل رسمي وشفّاف.
قرّر بعض المرشحين اللجوء إلى المحكمة الإدارية بصفتها جهة قضائية للطعن في أسباب الرفض
أما المرشح للرئاسة منذر الزنايدي فقال، في بيان، إنه "بعد الاطلاع على القرارات الجائرة" الصادرة عن هيئة الانتخابات في حقه وفي حق أغلب المرشحين "وحق الشعب التونسي، فإنه يرفض ويستنكر هذا القرار المتعسف والمنحاز الذي أسقط ترشحه رغم استيفائه كل الشروط المستوجبة قانوناً". وأضاف أنه سيتولى الطعن في هذا القرار لدى المحكمة الإدارية، وأن لديه ثقة كبيرة بالقضاء الإداري، لأن الخروقات حسب رأيه جسيمة ولا تحتاج إلى تأويل، بل إنها "تشكل انتهاكاً صارخاً للحق والقانون ولقيم الجمهورية وستبقى وصمة عار تلاحق مقترفيها".
وأشار إلى أن "المرشح، الرئيس المنتهية ولايته، قرّر أن يستعيض عن الاختيار الشعبي بتعسف هيئة الانتخابات، فهي التي جعلها تنتخب وتختار وتقصي من تشاء، طمعاً في البقاء لولاية رئاسية جديدة من المعاناة واليأس والإحباط والانهيار الشامل". واعتبر أن سعيّد "يريد غَصْبِ إرادة الشعب التي تؤكد كل المؤشرات أنها تتجه لا محالة إلى معاقبته، فقرّر إقصاء كل المنافسين".
من جهته، قال حزب الائتلاف الوطني التونسي، الذي يرأسه ناجي جلول، إنه على الرغم من تمكنه من جمع أكثر من 10 آلاف تزكية، فإن هيئة الانتخابات رفضت ملف ترشحه برمته. وعبّر الحزب، في بيان، عن أسفه من "تفويت هذه الفرصة لمشاركة مرشحه الوحيد في الانتخابات الرئاسية التونسية التي انتظرها وعلّق عليها آمالاً وحرص على أن يكرّس فيها المناخ الديمقراطي"، حسب تعبيره.
ورأى رئيس منظمة عتيد، بسام معطر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "النتائج الخاصة بمرشحي الانتخابات الرئاسية التونسية عادية نظراً إلى المسار الذي دارت فيه العملية الانتخابية، إلى جانب تأخر الإعلان عن موعد الانتخابات، ما أثّر على الاستعدادات". وأضاف: "حصلت تغيرات عدة على المناخ السياسي، وهو ما أدّى إلى خفوت النشاط السياسي، إلى جانب التنقيحات والقوانين الجديدة وشروط الترشح والمطالبة بالبطاقة عدد 3، وبالتالي كلها عوامل مؤثرة".
وأضاف أنهم "سبق أن نبّهوا في منظمة عتيد من الشروط الجديدة، وخصوصاً من مسألة التزكيات، كما أن الحيّز الزمني لها لم يكن كافياً، وفرض صعوبات للترشح واستكمال الوثائق، وهو ما برز عند إعلان الهيئة عن النتائج". وبيّن أنه "من بين 114 مرشحاً لاستحقاق الانتخابات الرئاسية التونسية سحبوا ملفات التزكيات، نجد 17 فقط تقدموا بملفات، وأمام النقائص العديدة، تمّ قبول ثلاثة منهم فقط". وتابع أن "عدد المرشحين المقبولين تقلّص كثيراً مقارنة بانتخابات 2014 التي نجد فيها 27 مرشحاً، وفي 2019، نجد 26 مرشحاً، إلى جانب تغيّر المشهد البرلماني مقارنة بـ2014 و2019 حيث كان المشهد البرلماني تعددياً وحضور الأحزاب أكثر فاعلية". وقال إن "كل هذا تغيّر، ما جعل الصعوبات أكبر ونجح ثلاثة مرشحين فقط في الحصول على تزكيات نيابية".
مجدي الكرباعي: وصلت استفسارات من تونسيين يخشون منح التزكية لمرشح
إقصاءٌ يترسخ في الانتخابات الرئاسية التونسية
وقال القيادي في الحزب الجمهوري مولدي الفاهم، لـ"العربي الجديد"، إن "كل التخوفات السابقة والاحترازات ورفضهم مسار 25 يوليو/تموز 2021 تأكد بهذه النتائج المعلنة"، موضحاً أن "النظام إقصائي يريد الهيمنة على السلطة، وهذا للأسف ضربة قاتلة لاستحقاقات الثورة". وبيّن أن "الأمل كان قائماً في الإصلاح ومعالجة النقائص التي حصلت في مسار الثورة الديمقراطية التي أدهشت العالم والتي كانت بأقل التكاليف. ولكن أمام ما حصل، فإن على الشباب والنخب والأحزاب أن تستخلص الدروس من كل هذا، وألا يصيبها الفشل واليأس، وأن تعمل في إطار القانون على أمل استرجاع مربع الديمقراطية كنظام سياسي وتداولاًسلمي للسلطة، وهو ما يدافع عنه التونسيون". ولفت الفاهم إلى أن "التاريخ لا يقاس بفترة قصيرة بل بالسنوات"، مبيناً أن "هذه النتائج تذكره بسيناريو انتخابات (الرئيس الراحل زين العابدين) بن علي، حيث إن أحد المرشحين المنافسين كان يدعو إلى انتخاب الرئيس"، مبيناً أن "ما حصل مجرد شوط والشارع التونسي قد يستعيد المبادرة في إطار سلمي قانوني".
وأعلن القيادي في التيار الديمقراطي مجدي الكرباعي أنه "كونه سياسياً كان يرفض فكرة المقاطعة، بل دعا إلى المشاركة في الانتخابات الرئاسية التونسية رغم أن المسار وقواعد اللعبة تغيّرت، وهو ما دفعه إلى تزكية المرشح الدكتور ذاكر لهذيب". وأضاف، لـ"العربي الجديد"، أن "سعيّد قضى على الحياة السياسية، وتونس عاشت على امتداد ثلاث سنوات غياباً لأي فعل سياسي، ولذلك كانت الدعوة للعودة إلى الفضاء العام ودعم المرشحين وجمع التزكيات، والتي تسببت في إقصاء مرشحين عدة وكانت حولها تضييقات عدة ولم تكن العملية منصفة، في حين أن لا أحد يعرف كيف جمع قيس سعيّد التزكيات".
وتابع الكرباعي أن "المناخ ككل كان مقلقاً، وكانت هناك حالة من الترهيب والقلق للمرشحين، وقد وصلت إليه عدة استفسارات من تونسيين يخشون منح التزكية لمرشح، وتساءلوا إن كانوا سيتعرضون إلى ملاحقات، وهو ما يبيّن أن عدداً من المزكين عاش لحظات خوف، والبعض عزف عن التزكية". وما زاد في ذلك، برأيه، هو "أن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات (فاروق بوعسكر) صرح بنشر أسماء المزكين. كما أن أسباب سقوط بعض التزكيات لم تكن واضحة، وكأن القوانين وضعت على المقاس"، في إشارة إلى قيس سعيّد.