اتخذت القوات الأمنية العراقية إجراءات أمنية مشددة، وقطعت عدداً من الطرق والجسور الحيوية القريبة من المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد، التي تضم مبنى البرلمان والمباني الحكومية والسفارة الأميركية، بالتزامن مع جلسة برلمانية تعقد اليوم السبت، وسط مخاوف من خروج تظاهرات رافضة للجلسة أو عمليات قصف لمنعها.
والجلسة المقررة هي الثانية بعد استئناف البرلمان العراقي عمله إثر تعطل دام لنحو شهرين؛ بسبب الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد، وقد خلا جدول أعمالها من ملف اختيار رئيس للجمهورية، الذي لم تحسم القوى الكردية الخلاف بشأنه، فيما ستناقش الجلسة ملف القصف الإيراني على مناطق في إقليم كردستان العراق، فضلاً عن مشاريع قوانين أخرى.
واستهدفت إيران، الأسبوع الماضي، بلدات ومناطق حدودية عراقية في الإقليم، تقول طهران إنها تؤوي مجموعات كردية تصنفها "إرهابية"، وتتورط بعمليات مسلحة داخل مناطق في محافظة كردستان، غربي إيران، المجاورة للعراق. ويتواصل القصف الإيراني منذ يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي، وبلغ عدد ضحاياه 18 قتيلاً، بينهم امرأة حامل وطفلة، ونحو 60 مصاباً، بينهم طلاب مدارس وكوادر تدريسية وأطفال دون العاشرة من العمر، وفقاً لبيان صدر عن السلطات الرسمية في أربيل.
ومنذ أمس الجمعة، قطعت القوات الأمنية العراقية جسر السنك المؤدي إلى المنطقة الخضراء بحواجز اسمنتية، كذلك جسر الجمهورية مغلق أيضاً، تزامناً مع انتشار القوات في ساحتي التحرير والطيران وسط العاصمة.
ومع ساعات الصباح الأولى، عززت القوات الأمنية من انتشارها العسكري بشكل مكثف، وسط عمليات تفتيش مشددة للسيارات والمارة، ولا سيما في المناطق المحيطة بالمنطقة الخضراء.
وقال ضابط في قيادة عمليات بغداد (الجهة المسؤولة عن أمن العاصمة)، مشترطاً عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنّ "القوات بدأت بالفعل تطبيق خطة أمنية مشددة لتأمين المنطقة الخضراء"، مبيّناً أنّ "الخطة بدأت بالفعل منذ أمس، وجرى تشديدها صباح اليوم، وقد نُشر العديد من الحواجز الأمنية المتنقلة في مناطق الكرادة والجادرية والقادسية والحارثية المحيطة بالمنطقة الخضراء".
مع ساعات الصباح الأولى، عززت القوات الأمنية من انتشارها العسكري بشكل مكثف
وأوضح الضابط أنّ "تلك الحواجز تعمل على تفتيش السيارات والمارة"، مضيفاً أن "الخطة لا تركز فقط على تلك المناطق، بل شملت مناطق أخرى غير تلك المحيطة بالخضراء".
وأشار إلى أنّ "التعليمات التي صدرت من الجهات العليا، ركّزت على تجنب الصدام مع أي تظاهرات قد تخرج، مع منع وصول أي آليات أو دراجات نارية أو توك توك قرب المنطقة الخضراء"، مشدداً على أنّ "أي ظواهر خارجة عن القانون أو محاولات لإرباك الأمن أو عمليات استهداف معينة، سيجري التعامل معها بقوة".
وتخشى القوات الأمنية العراقية من خروج تظاهرات من قبل أنصار "التيار الصدري"، ومحاولات للوصول إلى المنطقة الخضراء، على الرغم من أنّ أنصار التيار لم يقرروا ذلك، وتخشى أيضاً من عمليات قصف قد تتعرض لها المنطقة ومبنى البرلمان.
وكانت الجلسة السابقة للبرلمان التي عقدت في 28 سبتمبر/أيلول الماضي قد شهدت تظاهرات احتجاجية رافضة لانعقادها، ومحاولات عبور جسر الجمهورية للوصول إلى المنطقة الخضراء، فضلاً عن قصف صاروخي طاول محيط مبنى البرلمان.
ويسعى تحالف "الإطار التنسيقي" الحليف لإيران، لاستمرار عمل البرلمان والمضي بخطوات تشكيل الحكومة الجديدة، فيما يتعارض هذا التوجه مع رأي زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي تتلخص مطالبه بحلّ البرلمان والتوجه نحو انتخابات مبكرة.
وكان التيار الصدري قد نأى بنفسه عن القصف الذي استهدف جلسة البرلمان السابقة، وعبّر عن رفضه لأي لجوء إلى أعمال العنف، فيما لم يعلن أي موقف له بشأن انعقاد جلسة البرلمان الجديدة.
وتعيش البلاد أزمة هي الأطول من نوعها، إذ حالت الخلافات بين القوى السياسية دون تشكيل حكومة جديدة منذ الانتخابات الأخيرة التي جرت في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021.