مع استمرار الاشتباكات المسلحة بين الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع" للأسبوع الرابع على التوالي في العاصمة الخرطوم، لا يزال الآلاف من المواطنين عالقين داخل منازلهم في بعض المناطق التي تدور فيها معارك مستمرة وتضمّ معسكرات لـ"الدعم السريع" يستهدفها سلاح الجو السوداني، خصوصاً منطقة جنوب الحزام، حيث انطلقت الرصاصة الأولى، وتشهد أوضاعاً إنسانية بالغة السوء.
وهاجرت مئات الأسر من منازلها في المنطقة التي تضم عدداً من الأحياء جنوبي مدينة الخرطوم. أما من بقي من أسر، فتواجه خطر الموت، سواء جراء قصف الطيران الحربي مواقع "قوات الدعم السريع" في المنطقة أو بسبب المضادات الأرضية ومدافع الدوشكا التي تستخدمها الأخيرة للرد، ما ينشر الرعب بين الأهالي الذين يتحصّنون في منازلهم.
وتُعرف المنطقة بكثافتها السكانية، وهي الآن تعاني من الاشتباكات المستمرة بسبب وجود أكبر وأخطر معسكر لـ"قوات الدعم السريع" بالقرب من المناطق السكنية، خصوصاً حي الإنقاذ، وما جاوره من أحياء؛ الأزهري والسلمة وعد حسين ومايو. وأكد مواطنون أن عشرات القذائف سقطت في هذه المناطق بالفعل، وسقط عشرات القتلى ومئات الجرحى، فيما يستقبل مستشفى بشائر الذي يقع في المنطقة الإصابات بشكل يومي.
وقال الناشط المجتمعي عمر إبراهيم، وهو من سكان المنطقة، لـ"العربي الجديد"، إن الوضع سيئ وخطير لدرجة كبيرة. ولفت إلى أن العصابات المسلحة نشطت بصورة واسعة وتمارس النهب والاعتداءات على المواطنين. وأوضح أن المنطقة تعرّضت للقصف الجوي أكثر من مرة، بالصواريخ والبراميل المتفجرة بسبب حشود "قوات الدعم السريع" التي تدخل في اشتباكات متواصلة مع الجيش السوداني، إلى جانب وجود معسكر ضخم لـ"الدعم السريع" في منطقة الإنقاذ وآخر في منطقة المزرعة الصينية.
ونبّه إبراهيم إلى أن أهالي المنطقة يعانون من أوضاع قاسية، إذ "يعانون من انقطاعات الماء والكهرباء والإنترنت، وتصاعد أسعار السلع الاستهلاكية، واعتداءات العصابات"، بحسب الناشط نفسي.
من جانبه، قال الناشط في العمل الطوعي في أحياء جنوب الحزام، محمد كندشة، لـ"العربي الجديد"، إن المنطقة محاطة بالخطر من كل جانب، لوقوعها في دائرة الحرب المشتعلة، تحيط بها "قوات الدعم السريع"، من المزرعة الصينية جنوباً، وشرقاً من نواحي شارع مدني، وشمالاً من معسكر "الدعم السريع" في نواحي أرض المعسكرات والمدينة الرياضية، وغرباً هناك منطقة استراتيجية قد تكون نقطة اشتباك مستقبلاً إذا ما استمرت الحرب، وهي منطقة مستودع الشجرة والتصنيع الحربي.
وأوضح كندشة أن عصابات دخلت الأحياء للنهب، لكن شباب الأحياء شكلوا مجموعات حماية دفعت العصابات إلى الانحسار بعدما سيطر الشبان على الوضع. أما الوفيات فقدّرها بأكثر من 35 شخصاً منذ بداية الاشتباكات، بينما تجاوز عدد الإصابات السبعين. ولفت إلى أنه توجد منازل انهارت نتيجة القذائف وأصيبت المساجد أيضاً، مؤكداً أن بعض المناطق ما زالت تحت سيطرة "الدعم السريع".
وأشار إلى أن هناك تجاهلاً إعلامياً للمنطقة التي توصف بجنوب الخرطوم، رغم أن الرصاصة الأولى انطلقت من أرض المعسكرات جوار المدينة الرياضية، والتي يوجد فيها أكبر معسكر للدعم السريع بجوار أحياء كبيرة ومأهولة بالسكان، تقع في مرمى النيران.
وأشار إلى أن الصراع محصور حالياً في منطقة معينة، ولا اشتباكات وجهاً لوجه، لكنه حذّر من أنه في حال نشوب معارك برية مثلما حدث في الخرطوم بحري ستقع كارثة حقيقية.