تتعامل جهود حل أزمة النيجر دبلوماسياً مع تصاعد التوترات في المنطقة. ففي ظل مخاوف من تدخل عسكري في النيجر بعد الانقلاب، فتح قادة دينيون وسياسيون في شمال نيجيريا قنوات اتصال غير علنية للحيلولة دون التصاعد العسكري.
ترتبط هذه الأزمة بمخاوف تتعلق بالعلاقات الثقافية والاجتماعية والتجارية التاريخية التي تجمع بين جنوب النيجر وسبع ولايات حدودية في شمال نيجيريا، وهي كاتسينا وسوكوتو وزامفارة وكبي وجيغاوا وبورنو ويوبي.
القلق ينبع من تهديد الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس)، التي ترأسها نيجيريا، بالتدخل العسكري لاستعادة رئيس النيجر المنتخب محمد بازوم إلى منصبه بعد الانقلاب. وقد أكد وزير الخارجية النيجيري السابق والحاكم السابق لولاية جيغاوا، سولي لاميدو، في مقال نُشر مؤخراً، أنه "فقدنا ما حافظنا عليه لمدى ألف عام في غضون أسابيع قليلة".
واعتقل عناصر من الحرس الرئاسي بازوم (63 عاماً) في 26 يوليو/تموز، في خامس انقلاب تشهده النيجر منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960.
وفي 30 يوليو، أعلنت أكواس عن مهلة لقادة النيجر العسكريين الجدد مدتها أسبوع لإعادة بازوم إلى منصبه تحت طائلة استخدام القوة. لكن المهلة انقضت من دون قيام الجماعة بأي تحرّك.
قرعت طبول الحرب مجدداً الخميس عندما وافقت إكواس على نشر "قوة احتياط لإعادة النظام الدستوري" في النيجر.
لكن زيارات قام بها مبعوثون من شمال نيجيريا ساعدت في ترجيح الكفة مجدداً لصالح الدبلوماسية.
توجّه سنوسي لاميدو سنوسي، أمير ولاية كانو السابق الذي يتمتع بنفوذ واسع وسبق أن شغل منصب حاكم مصرف نيجيربا المركزي، إلى النيجر عشية قمة إكواس لعقد محادثات مع النظام.
وأعقبت زيارته أخرى أجراها وفد من رجال الدين نهاية الأسبوع.
ضغوط على تينوبو
تملك نيجيريا نفوذاً واسعاً باعتبارها القوة الاقتصادية والعسكرية الأكبر في غرب إفريقيا.
وتبنى رئيسها بولا تينوبو الذي وصل إلى السلطة في مايو/أيار بعد انتخابات متنازع عليها، موقفاً متشدداً لوضع حد لسلسلة انقلابات شهدتها أربعة بلدان في إكواس خلال ثلاث سنوات.
لكن القلق السائد في شمال نيجيريا حيال تدخل عسكري قد يكون كارثياً يفاقم الضغط عليه لممارسة ضبط النفس.
وخرج المئات من سكان حي ريجيار ليمو في كانو إلى الشوارع بعد صلاة الجمعة الأسبوع الماضي تعبيراً عن رفضهم لأي عملية عسكرية.
وهتف المتظاهرون الذين رفعوا العلمين النيجيري والنيجري شعارات مناهضة لفرنسا بينما جروا علماً فرنسياً على طول الطريق متهمين القوة الاستعمارية السابقة للنيجر بالعمل على دفع نيجيريا للدخول في حرب مع جارتها.
وفي الخامس من أغسطس/آب، ندد جميع أعضاء مجلس الشيوخ النيجيري الذين يمثلون الشمال وعددهم 58 من مختلف الأحزاب بخطط التدخل العسكري في النيجر، محذّرين من عواقب وخيمة على سبع ولايات حدودية.
وفي التاسع من الشهر ذاته، وجّهت مجموعة من الأكاديميين وكبار الضباط العسكريين المتقاعدين والسياسيين المتحدرين جميعاً من الشمال رسالة إلى تينوبو حذروه فيها من مخاطر التدخل في منطقة تعاني أساساً من عدم الاستقرار.
وحذّروا من أن التحديات الأمينة العديدة التي تواجهها نيجيريا انطلاقاً من التمرّد ومروراً بالنزاع بين الفلاحين ومربي الماشية وصولاً إلى عمليات السطو والخطف، ستتفاقم بفعل تدفق الأسلحة وانتشار التطرف والعنف وقطع الطرق.
علاقات تجارية
يكلّف إغلاق نيجيريا حدودها البريّة مع النيجر الولايات الشمالية نحو 13 مليار نيرة (13,5 مليون دولار) كل أسبوع، بحسب "منتدى أريوا الاقتصادي" وهو مركز أبحاث اقتصادي في شمال نيجيريا.
عام 2022، بلغ حجم التجارة بين نيجيريا والنيجر 234 مليون دولار بينما بلغت التجارة غير الرسمية ومعظمها بسلع أساسية قابلة للتلف 683 مليون دولار، وفق مدير المنتدى إبراهيم شيهو دانداكاتا.
وقال دانداكاتا في مؤتمر صحافي في العاصمة النيجيرية أبوجا، الأحد، إن "النيجريين يعتمدون على نيجيريا في معظم السلع الأساسية التي يستهلكونها. تعتمد الأعمال التجارية النيجيرية أيضاً على نقاط العبور للاستيراد من جمهورية النيجر".
واليوم، هناك أكثر من ألفي حاوية محمّلة بالبضائع التابعة لتجار نيجيريين عالقة عند الحدود.
وقال تاجر الأقمشة في سوق كانتين كواري في كانو شمس بالا إن "زبائننا من النيجر وبنين وصولاً إلى إفريقيا الوسطى توقفوا عن القدوم لشراء منتجاتنا نظراً لإغلاق الحدود والأمر ينعكس علينا".
وتابع "نرغب بأن يتم حل هذه المشكلة وديّاً. لن تقوم الحرب إلا بمفاقمة الوضع بالنسبة للجميع".
(فرانس برس)