جيش الاحتلال يحاصر مشروع بيت لاهيا ويكمل مخطط تهجير الفلسطينيين

22 أكتوبر 2024
نازحون فلسطينيون أرغمهم الاحتلال على مغادرة بيت لاهيا، 19 أكتوبر 2024 (Getty
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- فرض جيش الاحتلال الإسرائيلي حصارًا مشددًا على بيت لاهيا شمال غزة، مما أجبر السكان على إخلاء منازلهم تحت تهديد القصف، واستهدفت الطائرات مراكز الإيواء والمدارس بالقنابل الحارقة.
- توسعت العمليات العسكرية الإسرائيلية لتشمل مخيم جباليا وبيت لاهيا، مع حصار على بيت حانون والمناطق الغربية، مما عرقل عمل الطواقم الطبية وهدد بإغلاق مستشفى كمال عدوان.
- اتهم المرصد الأورومتوسطي إسرائيل بتهجير الفلسطينيين قسرًا وتدمير البنية التحتية، داعيًا لتدخل دولي عاجل لوقف الإبادة وحماية المدنيين.

أحاطت الآليات والجيبات العسكرية بالحيّ من جميع اتجاهاته

استهدف القصف المدفعي الإسرائيلي مراكز الإيواء في بيت لاهيا

تفجير مناطق محيطة بمشروع بيت لاهيا ومراكز إيواء ومدارس

فرض جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، حصاراً مشدداً على مشروع بيت لاهيا شمالي قطاع غزة وأحاطت الآليات والجيبات العسكرية بالحيّ من جميع اتجاهاته لمنع الحركة واحكام السيطرة عليه، وطلبت طائرات مُسيرة صغيرة من السكان والنازحين في مدارس ومراكز الإيواء إخلاءها والذهاب باتجاه الشارع الرئيسي إلى بيت لاهيا مروراً بشارع صلاح الدين للوصول إلى المناطق الوسطى والجنوبية من القطاع.

ومنذ ساعات الصباح، استهدف القصف المدفعي الإسرائيلي مراكز الإيواء بالمنطقة في إشارة مبكرة إلى نية الاحتلال التقدم فيها واستهدافها وإخراج النازحين منها. وتحول مشروع بيت لاهيا منذ 18 يوماً مع بدء العدوان البري الثالث في شمال القطاع لمنطقة مكتظة بعشرات آلاف النازحين الذين هربوا من مناطق الفالوجة ومخيم جباليا باتجاه المنطقة المحاذية رفضاً للنزوح جنوباً.

وقال شهود عيان لـ"العربي الجديد" إنّ جيش الاحتلال استهدف فلسطينيين حاولوا النزوح إلى مناطق وشوارع غير التي طلبها منهم، ما أدى لاستشهاد العشرات منهم وإصابة آخرين وخاصة في منطقتي دوار أبو الجديان والعلمي المحاذيتين لمستشفى كمال عدوان. وذكر الشهود أنّ طائرة مُسيرة إسرائيلية ألقت قنابل حارقة تجاه مدرسة خليفة في مشروع بيت لاهيا والتي تؤوي نحو 10 آلاف نازح لإجبار من فيها على إخلائها ودفعهم بالقوة للخروج منها.

ولُوحظت استجابة المواطنين هذه المرة للخروج من منازلهم وسجل خروج العشرات إلى المناطق التي يتمركز فيها جيش الاحتلال والمرور عبرها، ذلك لأن المنطقة أصبحت محاطة بشكل كامل بالقوات والآليات، ووضع جيش الاحتلال كاميرات مراقبة وحساسات في المناطق التي طلب من السكان الإخلاء عبرها للقيام بتفتيشهم. وسُجلت حالات اعتقال لنازحين فلسطينيين خلال الأيام الماضية من قبل جيش الاحتلال الذي نشر صورة لاعتقاله عدداً من الفلسطينيين بزعم الاشتباه بانتمائهم لفصائل المقاومة.

وألقت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منشورات ورقية على مناطق مشروع بيت لاهيا وبلدة بيت لاهيا تطالب السكان بالإخلاء الفوري بزعم أنها مناطق عمليات قتال خطيرة، فيما أمهلت تسجيلات صوتية الأهالي حتى ساعات الظهر للخروج من منازلهم وإخلائها.

وبالتزامن مع الحصار المشدد والقوة النارية المفرطة المستخدمة، بات عمل الطواقم الطبية والدفاع المدني مستحيلاً في هذه المناطق، وأضحى المستشفى الوحيد المتبقى في المنطقة، مستشفى كمال عدوان، مهدداً في ظل إحكام السيطرة النارية عليه من الجو واقتراب آليات الاحتلال والجنود من مداخله. ونفذت قوات الاحتلال بالتزامن مع توسيع عملياتها البرية في المكان تفجيرات في المناطق المحيطة بمشروع بيت لاهيا ومراكز الإيواء والمدارس، وطوال ساعات الليل والصباح الباكر سمع السكان المحاصرون أصوات تفجير المنازل والمربعات السكنية.

ولا تزال العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيم جباليا والمناطق الغربية منه مستمرة، لكنها توسعت بشكل كبير لتطاول بيت لاهيا والمشروع مع حصار مطبق على بيت حانون والمناطق الغربية من محافظة الشمال، ما يعني أنّ مخطط التهجير الإسرائيلي بات أمراً واقعاً وأنّ الاحتلال يفرع المنطقة لتنفيذ التهجير ومن ثم سينتقل إلى مدينة غزة والأحياء المحيطة بها لتفريغها من السكان.

من جانبه، اتهم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، اليوم الثلاثاء، الاحتلال الإسرائيلي بالعمل بشكل منهجي وواسع النطاق على طرد السكان الفلسطينيين وتهجيرهم قسرًا من مناطق سكناهم شمالي قطاع غزة، تحت وطأة المجازر والقتل الجماعي وقصف المستشفيات ومراكز الإيواء وتدمير مقومات الحياة المتهالكة أساسًا. وذكر المرصد، في بيان، أنّ المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي على الأرض تشير إلى أن مخطط تفريغ الأرض من سكانها وتدمير الوجود الفلسطيني يجري تطبيقه بسرعة غير مسبوقة، فيما يُعامل السكان الذين يرفضون أو لا يتمكنون من إخلاء منازلهم كإرهابيين، ويُواجهون بالقتل والاستهداف المباشر.  

وأوضح أن جيش الاحتلال الإسرائيلي وسّع وصعّد عملياته الحربية لتشمل مشروع بيت لاهيا إلى جانب مخيم جباليا شمالي القطاع، حيث ألقت الطائرات الإسرائيلية اليوم الثلاثاء أول منشورات تطالب سكان بيت لاهيا، بمن في ذلك من هم في مراكز الإيواء والمستشفيات، بإخلائها قسرًا، والتوجه باتجاه مستشفى "الإندونيسي" في جباليا، حيث تقيم قوات الاحتلال حاجزًا للتفتيش قبل إجبار السكان على مغادرة شمال غزة، كما حدث خلال اليومين الماضيين مع الآلاف الذين كانوا يتواجدون في مراكز الإيواء محيط مستشفى "الإندونيسي."

ويشمل أمر التهجير القسري هذا مستشفى "كمال عدوان" في مشروع بيت لاهيا الذي يستقبل أكبر عدد من ضحايا العدوان الإسرائيلي، حيث أمر جيش الاحتلال بإخلائه مجددًا، بعد أن كان طالب بإخلائه خلال الأيام الأولى للعدوان الأخير، وهو ما رفضته الطواقم الطبية في حينه. ويواجه المستشفى تحديات كبيرة في العمل بعد نفاد وحدات الدم والمستهلكات الطبية والقصف المتواصل في محيطه، إلى جانب استنزاف طاقة الطواقم الطبية بعد أن استقبلت على مدار 18 يومًا مئات الحالات من القتلى والجرحى.

وأشار الأورومتوسطي إلى أن القوات الإسرائيلية قصفت غالبية مراكز الإيواء في مخيم جباليا وجباليا، مستهدفة النازحين فيها لإجبارهم على الانصياع لأوامر ومخططات التهجير، كما استهدفتهم خلال استجابتهم لذلك، وهو ما تكرر يوم أمس الاثنين، حين استهدفت مدارس "الفوقة"، ما أدّى إلى مقتل 17 فلسطينيًّا وإصابة العشرات. وبيّن المرصد الأورومتوسطي أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يفرص حصارًا بالنار على مشروع بيت لاهيا، ويضيق الخناق عليه ويطالب سكانه والنازحين فيه بإخلائه، بعد أن لجأ إليه الكثير من سكان جباليا الرافضين لمغادرة المنطقة.

وأكد أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يعمل بشكل ممنهج على تدمير مقومات الحياة من خلال استهدافه وتدميره للشوارع والمخابز وآبار المياه ومحطات المياه، وتدمير الأراضي الزراعية التي أعيدت زراعة جزء منها لتلبية احتياجات السكان بعد منع إدخال أي خضروات في الأشهر الماضية. وأبرز المرصد الأورومتوسطي أنّه وثق استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة مزارعين في منطقة الشيماء في بيت لاهيا عبر قصف متعمد نفذته طائرة إسرائيلية مسيرة، ما أدى إلى مقتلهم، وكان منهم المهندس الزراعي "يوسف صقر أبو ربيع"، بعد أشهر من إطلاقه مبادرة زراعية في شمال قطاع غزة لمواجهة المجاعة التي تنفذها إسرائيل.

وأكد الأورومتوسطي أن جيش الاحتلال دمر وأحرق مئات المنازل في شمال غزة، خاصة مخيم جباليا، خلال الـ18 يومًا الماضية، فيما ارتفع عدد القتلى إلى قرابة 700 والجرحى إلى أكثر من ألف آخرين، في حين لا تزال أعداد كبيرة من الضحايا تحت أنقاض المنازل المدمرة وفي مراكز الإيواء المستهدفة يتعذر انتشالهم وإجلاؤهم نتيجة الحصار الإسرائيلي الشامل وفرض حظر التحرك تحت تهديد القتل.

وجدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان دعوته إلى الأمم المتحدة بإعلان شمال قطاع غزة منطقة منكوبة، بما يقتضيه ذلك من تدخلات فورية، وإلزام إسرائيل بوقف الإبادة الجماعية هناك، وحماية المدنيين، في ظل ارتكاب جيش الاحتلال جرائم قتل جماعية وفردية منهجية وواسعة النطاق، وتجويع متعمد كامل، وتهجير قسري جماعي وتدمير كامل لما كان متبقيًا من مقومات الحياة، مشددًا على أن صم المجتمع الدولي آذانه وتعاجزه عن وقف ما يجري يجعلانه شريكًا في الإبادة الأكثر وحشية.

المساهمون