استمع إلى الملخص
- طواقم الدفاع المدني والطبية تبدأ بانتشال جثامين الشهداء من الأزقة، مكشفة عن حجم الدمار والخسائر في الأرواح والبنية التحتية بمخيم جباليا.
- البيانات الصادرة تظهر تباينًا في الروايات بين ادعاءات الإنجازات العسكرية من جانب الاحتلال والتأكيد على الدمار والخسائر البشرية الكبيرة من جانب الفلسطينيين، مع مطالبات بمحاسبة القادة الصهاينة.
أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، انسحابه من مخيم جباليا شمال قطاع غزة واستعادة سبعة جثامين لمحتجزين إسرائيليين، بعد عملية عسكرية استمرت عشرين يومًا، كما زعم القضاء على المئات من عناصر المقاومة هناك وتدمير أنفاق، فيما بدأت طواقم الدفاع المدني والطواقم الطبية عملية انتشال جثامين الشهداء التي انتشرت في مختلف الأزقة بعد أن كان الاحتلال يمنع الوصول إليها طيلة الأيام الماضية.
وزعم بيان للجيش أن القوات الإسرائيلية قتلت مئات المقاومين "خلال معارك شرسة واشتباكات من مسافة قصيرة فوق الأرض، ودمّرت عشرات البنى التحتية والمجمعات القتالية. وعثرت القوات على مئات الوسائل القتالية، منها قطع سلاح، وعبوات ناسفة، وقنابل يدوية، وأنواع ذخيرة وغيرها. بالإضافة إلى العثور على عدة ورشات نوعية لصناعة الوسائل القتالية وتدميرها. ودمّروا منصات لإطلاق قذائف صاروخية كانت جاهزة للإطلاق".
وأفاد بيان صادر عن جيش الاحتلال أن "مجموعات القتال التابعة للألوية 7، و460، والمظليين، تحت الفرقة 98، حاربت في شرق جباليا فوق الأرض وتحتها وسط منطقة حضرية، ومزدحمة ومفخخة". وزعم أن حركة حماس "حوّلت المجال المدني إلى مجمّع قتال محصّن، وأطلقت النار باتجاه القوات من مناطق مراكز الإيواء والمدارس، وأنشأت بنية تحتية تحت أرضية من مبانٍ مدنية".
وتحت الأرض، أضاف البيان أن القوات الإسرائيلية "دمّرت أكثر من عشرة كيلومترات من مسار تحت أرضي.. المقاتلون حيّدوا عبوات ناسفة داخل أنفاق، وعثروا فيها على وسائل قتالية ومعلومات استخبارية حول منظمة حماس"، مدعيًا العثور على جثامين سبعة مختطفين. وقال الجيش إنه شن أكثر من 200 غارة جوية بجوار القوات المناوِرة، مدعيًا أيضاً القضاء على عشرات المسلحين، معظمهم من المستوى القيادي لدى حماس.
المكتب الإعلامي الحكومي: الاحتلال يسعى لجعل غزة منكوبة
إلى ذلك، قال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي سلامة معروف، في تصريح صحافي، إن الفيديوهات والصور التي خرجت من مخيم جباليا بعد انسحاب جيش الاحتلال منه، تكشف مجدداً فاشية وعنصرية وإرهاب الاحتلال، وتحلله الفاضح من أبسط مبادئ الإنسانية، والقيم الأخلاقية، وقواعد القانون الدولي والإنساني، ومخالفته للقرارات والأحكام الدولية، لا سيما الصادرة عن محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.
وأضاف: "لقد انتشلت فرق الإسعاف والدفاع المدني عشرات الشهداء طيلة فترة الاجتياح وبعد الانسحاب، وتواصل البحث حالياً عن عشرات المفقودين بين ركام المنازل، ومراكز الإيواء والمدارس والمستشفيات التي لم تسلم من القصف والتدمير، وحتى عيادات، ومقرات، ومراكز وكالة الغوث الدولية، لم تسلم هي الأخرى من آلة التخريب.
وأشار إلى أن جيش الاحتلال تعمّد تدمير البنى التحتية والمقومات الاقتصادية كالأسواق والمحال التجارية، وحتى قبور الأموات لم تسلم، حيث قامت آلياته بتجريف المقابر، في تعدٍّ فاضح وصارخ من قبل جيش الاحتلال على القيم والمبادئ الإنسانية وقواعد القانون الدولي الإنساني، ليُظهر بذلك مشهداً جديداً من مشاهد جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني للشهر الثامن.
ولفت إلى أنه بات واضحاً للجميع، وفي ظل هذه الجرائم، أن الاحتلال يسعى لجعل قطاع غزة منطقة منكوبة وغير صالحة للحياة، وأنه لم يتخل عن محاولات التهجير القسري، جنباً إلى جنب مع جريمة التطهير العرقي التي يقترفها بارتكاب المجازر وقتل عشرات الآلاف، وبالتجويع والتعطيش، وضرب المنظومة الصحية، ليفقد المواطنون مراكز الرعاية الطبية ولنشر الأمراض والأوبئة.
ودعا سلامة للإسراع في الإجراءات القانونية لمحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، بحيث تكفل وقف هذا العدوان، ومحاسبة القادة الصهاينة كمجرمي حرب ومرتكبي جرائم ضد الإنسانية، داعياً كذلك لتعزيز مقاطعة الاحتلال سياسياً، واقتصادياً، وثقافياً، وإعلامياً، وفرض العقوبات عليه.
دمار هائل وشهداء في مخيم جباليا
وفي السياق، قال الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل، إنه بعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، تبيّن أن قوات الاحتلال دمّرت معظم منازل المخيم بشكل كلي، ودمّرت البنية التحتية بشكل شبه كامل، كما دمّرت السوق المركزي بشكل كامل في المخيم.
ولفت كذلك إلى أن قوات الإسرائيلي دمّرت المولدات الكهربائية الرئيسية بشكل كامل في مستشفى كمال عدوان شمالي قطاع غزة، بالإضافة إلى الطابق الخامس من مستشفى العودة شمال قطاع غزة، مشيراً إلى أنه تم انتشال عشرات الشهداء من مخيم جباليا، حيث تم انتشال 30 شهيداً فقط من عائلة عسلية، منهم 22 طفلاً وامرأة، مؤكداً أن جل الشهداء الذين تم انتشالهم هم من النساء والأطفال. وقال: "ما زالت طواقمنا تبحث تحت الأنقاض عن الشهداء والمفقودين" .
مخيم جباليا شهد أولى عمليات أسر الجنود في الحرب
وشهد مخيم جباليا اشتباكات ضارية مع قوات الاحتلال وصفت بالأعنف خلال فترة الحرب، وأعلنت فيها المقاومة تنفيذ عدة عمليات "نوعية" كان أبرزها ما أعلن عنه الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة عن استدراج قوة إسرائيلية إلى أحد الأنفاق في مخيم جباليا وإيقاعها بين قتيل وجريح وأسير، لتكون المرة الأولى منذ الحرب التي تعلن فيها المقاومة عن عملية أسر خلال القتال.
وفي حين أعلن الدفاع المدني بدء طواقمه في انتشال جثامين الشهداء والجرحى في المناطق التي انسحبت منها قوات الاحتلال، أكد الهلال الأحمر وجود أعداد كبيرة من الشهداء في المناطق التي توغلت فيها آليات الاحتلال شمالي القطاع، مشيرًا إلى أن طواقم الإنقاذ تواجه صعوبات في انتشال الشهداء ودفنهم، موضحًا أن تعثر عملية انتشال الجثامين يهدد بانتشار الأمراض والأوبئة في مناطق شمال قطاع غزة.
ارتفاع عدد الجثث المُستعادة
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، يوم الجمعة الماضي، استعادة جثث ثلاثة إسرائيليين كانت محتجزة في جباليا شمالي قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وقبل ذلك بنحو أربعة أيام، أعلن استعادته جثث أربعة من المحتجزين الإسرائيليين من غزة، قائلاً إنه عُثر عليها في أنفاق تحت جباليا شماليّ القطاع، ما يرفع عدد الجثث التي استعادها منذ بدء الحرب حتى اليوم إلى 26 جثة، لكنه بالمقابل خسر عدداً من الجنود بين قتيل وجريح، خلال محاولته العثور على المحتجزين الأحياء والأموات في قطاع غزة. كما سبّب القصف الإسرائيلي على مر الفترة الماضية في مقتل عدد من المحتجزين، كما قُتل آخرون خلال البحث عنهم.
644 جندياً قتيلاً على الأقل
وفي وقت سابق اليوم، أعلن جيش الاحتلال مقتل جنديين أمس الخميس، أحدهما في المعارك شمالي قطاع غزة والآخر في جنوبه. ويوم أمس، أعلن عن مقتل جنديين في عملية الدهس التي وقعت قرب نابلس شمالي الضفة الغربية أمس الأربعاء، ومقتل جندي آخر من لواء المظليين شمالي قطاع غزة. وارتفع عدد قتلى الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب الحالية إلى 644 جندياً قتيلاً على الأقل، وفق المعطيات المُعلنة، 293 منهم خلال الاجتياح البري لقطاع غزة.