حدود لبنان الجنوبية: الأهالي يعيشون تحت وطأة القصف وتصاعد التوترات

جنوب لبنان
ريتا الجمّال (العربي الجديد)
ريتا الجمّال
صحافية لبنانية. مراسلة العربي الجديد في بيروت.
10 أكتوبر 2023
كيف تفاعل سكان جنوب لبنان مع التصعيد قرب الحدود مع فلسطين المحتلة؟
+ الخط -

في المناطق المحاذية للحدود الجنوبية اللبنانية مع فلسطين المحتلة وتلك التي على مقربة من النقاط التي تعرّضت للقصف الإسرائيلي، جال "العربي الجديد"، حيث بدت الشوارع شبه خالية من السيارات، إذ تسير عليها آليات الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، أما الهدوء الميداني، فلم ينعكس جواً، إذ كان يُخرَق عبر طائرات الاستطلاع الإسرائيلية، التي كانت تحلق بين فترة وأخرى.

بسبب تصاعد التوتر وبعد تشييع ثلاثة من عناصر حزب الله الذين سقطوا جراء القصف الإسرائيلي، أغلقت معظم المحال والمؤسسات أبوابها خوفاً من التصاعد المحتمل للأوضاع. ومن جهة أخرى، فتحت بعض المحال لتكون مكاناً للشباب والرجال للاجتماع وتناول القهوة، ومناقشة قضايا الأمن والسياسة.

تحدث أحد الأشخاص من بلدة عيتا الشعب الجنوبية، وطلب عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، قائلاً إن "معظم العائلات الساكنة في المناطق المجاورة للمناطق المستهدفة نزحت إلى بيروت أو مناطق جنوبية أبعد من مسار القصف. بينما بقي الرجال في منازلهم، بعضهم من أجل حماية ممتلكاتهم ومصالحهم، وبعضهم الآخر يعبر عن استعداده للمشاركة في أي حرب قادمة، هؤلاء أعضاء في حزب الله".

ويشدد على أن "الوضع في المنطقة يبدو خطيراً للغاية هذه المرة، خاصة بعد الهجمات القوية التي شهدتها الأراضي اللبنانية يوم الاثنين، والتي لم تشهدها المنطقة منذ حرب يوليو/ تموز 2006. وقد دفع هذا الوضع الكثير من السكان إلى النزوح وشراء السلع الغذائية والتدافع نحو محطات الوقود لملء خزانات سياراتهم بالوقود، مما أدى إلى مشهد نادر في الجنوب، مع تزايد قلق الأهالي".

من جهته، يقول إلياس العلم، من منطقة رميش الجنوبية، وهو من بين قلّة من الذين فتحوا محالهم التجارية، لـ"العربي الجديد"، إن "عائلات كثيرة تركت منازلها خصوصاً يوم الاثنين، بعد التصعيد الأمني الذي حصل، ولا سيما الأمهات اللواتي لا يردن أن يسمع أولادهن أصوات القصف والرصاص، فقد توجّهن إلى المدن الساحلية، لكن من لديه ممتلكات وأرزاق هنا خصوصاً كبار السن، بقيوا في بيوتهم فهم معتادون على العيش بهكذا حالات وأوضاع ومرّ عليهم الكثير".

ويؤكد العلم أننا "لسنا متخوفين من تطورات أمنية وحرب قد تندلع، لكن متحسّبون لكل شيء".

كذلك، تقول مجموعة من الشبان الذين كانوا يجلسون أمام محل لقصّ الشعر يترقبون الأوضاع عبر هواتفهم الخلوية، لـ"العربي الجديد"، إنهم "لا يخشون العدو، ولا ترهبهم نيرانه أو قذائفه وصواريخه، وهم موجودون لحماية الأرض"، لافتين إلى أن "كل شيء وارد والمعركة قد تحدث بأي لحظة أو قد تنتهي الأمور هنا، لا أحد يمكن توقع شيء، لكننا باقون هنا، ولن نرحل إلى أي مكان".

اتصالات أمنية وسياسية

على المقلب السياسي، تقول أوساط حكومية لـ"العربي الجديد"، إنه "عقدت لقاءات واتصالات أمنية وسياسية منها مع مسؤولين في حزب الله لمحاولة ضبط الوضع والحؤول دون تطوّره، والحفاظ على استقرار الجنوب وأمن اللبنانيين، فلبنان الرسمي لا يريد أن يدخل في أي حرب، وأولويته حفظ الأمن والاستقرار ولكن في المقابل يجب على العدو الإسرائيلي أن يوقف انتهاكاته".

وتلفت إلى أن "المسؤولين اللبنانيين، وبينهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، تلقى اتصالات خارجية، تحذر من خطورة الوضع، وتحث لبنان على البقاء بمنأى عن تداعيات الوضع المتفجر في فلسطين المحتلة"، مشيرة إلى أن "ميقاتي على تواصل مستمرّ مع قادة الأجهزة الأمنية وكذلك اليونيفيل لمتابعة الأوضاع جنوباً".

من جهته، عرض رئيس مجلس النواب نبيه بري تطورات الأوضاع وآخر المستجدات الأمنية والسياسية خلال لقائه ميقاتي الذي غادر من دون الادلاء بتصريح، بيد أن مصادره قالت لـ"العربي الجديد"، إن اللقاء كان جيداً، وكان هناك تأكيد على أهمية استقرار الجنوب، والحؤول دون تطور الأوضاع أكثر.

وبعد الظهر، استقبل بري السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا حيث جرى بحث للأوضاع والمستجدات في لبنان والمنطقة.

ويقول مصدرٌ مقربٌ من بري لـ"العربي الجديد" إن "السفيرة الأميركية عبّرت عن خشيتها من تطور الأوضاع، ونبّهت إلى خطورة دخول لبنان المعركة، بينما عليه أن ينأى بنفسه مما يحصل، وكان تأكيد من بري لها أن همّ لبنان استقرار جنوبه، وكذلك وقف الانتهاكات الإسرائيلية واحتلاله لأراضي لبنانية، وخرق أجوائه وبره وبحره المستمرّ، وهنا أهمية تحرك المجتمع الغربي والدولي والخارجي لوقف هذه الانتهاكات".

إجراءات أمنية استثنائية

ويقول مصدر عسكري في الجيش اللبناني، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك تعزيزاً كبيراً للدوريات العسكرية على طول الحدود اللبنانية الجنوبية، بالإضافة إلى البلدات المحيطة بها. تأتي هذه الإجراءات استجابةً للقصف الذي تعرضت له هذه المناطق من قبل القوات الإسرائيلية يوم الاثنين الماضي". ويؤكد المصدر أن "هناك تنسيقاً عالياً بين الجيش اللبناني واليونيفيل، حيث تشارك الأخيرة في تنفيذ هذه الدوريات الأمنية".

ويلفت إلى أن "هناك إجراءات أمنية استثنائية تُتخذ في المنطقة الجنوبية"، مشدداً على "دعوة المواطنين لاتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر وعدم التوجه إلى المناطق المحاذية للحدود، بهدف الحفاظ على سلامتهم".

وأشار المصدر إلى وجود حركة نزوح تم تسجيلها من قبل المواطنين الذين يعيشون في المناطق المجاورة للحدود والتي تقع على مقربة من النقاط التي تعرّضت للقصف الإسرائيلي. ورغم وجود أضرار مادية نتيجة للهجمات الإسرائيلية، إلا أنه لم يتم حتى الآن إصدار إحصائيات دقيقة بشأنها.

وتأتي اليوم إجراءات احترازية تتعلق بالأمن في المناطق القريبة من الحدود الجنوبية للبنان، حيث أغلقت المدارس والثانويات والمهنيات الرسمية والخاصة في هذه المناطق بناءً على قرار صادر عن وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال، عباس الحلبي.

بالإضافة إلى ذلك، علقت الدروس والأعمال الإدارية اليوم في فروع وشُعب الجامعة اللبنانية في المدن الجنوبية مثل النبطية وصور وبنت جبيل، نظراً للتوترات الأمنية المتزايدة على الحدود الجنوبية. وستصدر الجامعة بيانات إضافية لاحقاً وفقاً لتطور الأوضاع الراهنة.

ذات صلة

الصورة
مجزرة عين يعقوب في عكار شمالي لبنان 12/11/2024 (عمر إبراهيم/رويترز)

سياسة

تهيمن الصدمة والغضب على السكان، في بلدة عين يعقوب الواقعة في أقصى شمال لبنان، فيما يواصل مسعفون البحث بأيديهم بين أنقاض مبنى كانت تقطنه عائلات نازحة.
الصورة
دبابة إسرائيلية على حدود لبنان من جهة الناقورة، 13 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

اشتدت حدة المواجهات البرية بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان مع دخول المعارك شهرها الأول من دون أن تتمكن إسرائيل من إحكام السيطرة.
الصورة
قصف إسرائيلي في محيط قلعة بعلبك الأثرية، 21 أكتوبر 2024 (نضال صلح/فرانس برس)

سياسة

انضمّت مدينة بعلبك إلى الأهداف الإسرائيلية الجديدة في العدوان الموسَّع على لبنان تنفيذاً لسياسة الأرض المحروقة ومخطّط التدمير والتهجير الممنهج.
الصورة
ما تركه المستوطنون من أشجار مقطوعة ومحصول مسروق في قرية قريوت (العربي الجديد)

سياسة

تعرضت الأراضي الزراعية في موقع "بطيشة" غربي قرية قريوت إلى الجنوب من مدينة نابلس لهجوم كبير من المستوطنين الذين قطعوا وسرقوا أشجار الزيتون المعمرة
المساهمون