يستعد وفد حركة "حماس"، برئاسة رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، للوصول إلى القاهرة، وذلك بعد اختتام وفد حركة الجهاد الإسلامي الذي ترأسه الأمين العام زياد النخالة، زيارته إلى القاهرة، وسط معلومات عن عدم تحقيق أي اختراق، على الرغم من لقاءاته بالمسؤولين المصريين بمن فيهم رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل.
وأكدت "الجهاد" في بيان أصدرته أمس الثلاثاء بعد الزيارة "موقفها الثابت في مواجهة العدوان على شعبنا وأرضنا". وقالت الحركة إن المباحثات التي جرت في القاهرة "تركزت حول الأوضاع الميدانية في الضفة الغربية والقدس، بالإضافة إلى التطورات السياسية وأهمية تحقيق الوحدة الوطنية لمواجهة حكومة التطرف الصهيوني"، مؤكدة "استمرار الاتصالات مع القاهرة وتعزيز العلاقات الثنائية لخدمة قضايا شعبنا".
وعلمت "العربي الجديد"، أن زيارة وفد "الجهاد الإسلامي" التي استمرت لثلاثة أيام، فشلت في تحقيق أي اختراق حقيقي لأزمة التصعيد التي تشهدها الأراضي المحتلة، وسط حالة استياء مصري من النهج الإسرائيلي.
زيارة وفد "الجهاد" إلى القاهرة فشلت في تحقيق أي اختراق حقيقي لأزمة التصعيد التي تشهدها الأراضي المحتلة
وبرز أمس تشديد وزير الخارجية المصري سامح شكري على الموقف المصري الداعي إلى ضرورة تهدئة الأوضاع على الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية، وتوقّف إسرائيل عن القيام بإجراءات أحادية من شأنها أن تزيد من حالة الاحتقان لدى الشعب الفلسطيني، لما لذلك من أثر مباشر على خلق المناخ المناسب لاستئناف المفاوضات وعودة الأمل في تحقيق السلام الشامل والعادل على أساس حل الدولتين، وفقاً لمقررات الشرعية الدولية.
جاء ذلك خلال استقباله، أمس الثلاثاء، المبعوث الأوروبي لعملية السلام في الشرق الأوسط سفين كوبمانز، لبحث التطورات الأخيرة على الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية، وما تشهده من وتيرة متزايدة للعنف تهدد بخروج الأوضاع عن السيطرة.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، إن شكري حذر من التداعيات الخطيرة لاستمرار التصعيد على الأمن والاستقرار في المنطقة، وعلى فرص حل الدولتين. كما أكد شكري الدور المهم الذي يستطيع الشركاء الدوليون، وفي مقدمتهم الاتحاد الأوروبي، القيام به لوضع حد للتوتر الحالي ووقف الانتهاكات والاعتداءات على الفلسطينيين وتشجيع الأطراف على العودة إلى المفاوضات.
استياء مصري من التصعيد الإسرائيلي
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد"، فإن هناك حالة من الاستياء لدى القاهرة، بسبب التصعيد الإسرائيلي، الذي يصفه المسؤولون المصريون "بغير المبرر"، وجاء في الوقت الذي بدأ فيه المسؤولون في جهاز المخابرات العامة، الوساطة الجديدة التي تأتي بتنسيق مصر أميركي، في أعقاب زيارة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى القاهرة والأراضي الفلسطينية.
وترى القاهرة أن الحكومة الإسرائيلية تصعّب مهمتها في التوصل إلى تهدئة تقطع الطريق أمام مواجهة عسكرية جديدة. وأجرت القاهرة سلسلة من الاتصالات المكثفة مع المسؤولين في حكومة الاحتلال على مدار الأيام الثلاثة الماضية، على أمل الحصول على وعود بتسهيلات لمهمتها في إقناع قيادة حركة الجهاد بخفض التوتر.
وأبلغت الوفود المصرية المسؤولين في حكومة الاحتلال بمسؤوليتهم عن تعقيد المشهد، وعدم قدرة القاهرة على الوفاء بتعهداتها في الحفاظ على التهدئة في حال استمر نهج الحكومة الإسرائيلية الحالي.
ووفقاً للمعلومات، فقد جرت اتصالات بين المسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصري، ومسؤولين أمنيين إسرائيليين في أعقاب اقتحام مخيم عقبة جبر في أريحا، أمس الأول الإثنين، والذي أسفر عن استشهاد 5 من عناصر حركة حماس، واعتقال أحد قياديي الحركة. وتزامن ذلك مع الجهود التي تقوم بها مصر، واقتراب وصول وفد "حماس" إلى القاهرة.
وبعثت تلك التصرفات برسائل شديدة السلبية، تفيد بعدم جدوى هذه الوساطة، وهو الأمر الذي لن تستطيع تل أبيب استيعاب تداعياته ونتائجه، وفقاً لتقديرات مصرية.
وكشفت مصادر دبلوماسية أميركية، أن القاهرة أخطرت المسؤولين في واشنطن بطبيعة الوضع الحالي، مطالبة إياهم بالتدخّل والضغط على الحكومة الإسرائيلية، في محاولة لمنع التصعيد وتهيئة الأجواء لجهود الوساطة المصرية.
الردود الإسرائيلية على ملاحظات القاهرة بشأن الوساطة الأخيرة جاءت سلبية، ولم يقدّم الاحتلال وعوداً بوقف الاقتحامات
في المقابل، كشفت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن الردود الإسرائيلية على ملاحظات القاهرة بشأن الوساطة الأخيرة جاءت سلبية، ولم يقدّم الاحتلال وعوداً بوقف الاقتحامات للمدن والبلدات الفلسطينية، بل أكد أنه ماضٍ في مواجهة ما وصفه بـ"التهديدات الفلسطينية والخلايا المسلحة للفصائل في الضفة"، ولن يسمح بانتقال حالة غزة للضفة.
وأشارت المصادر إلى أن الحكومة الإسرائيلية، تطرح تصوراً يتلخص بصورة أساسية في معادلة "الهدوء مقابل الهدوء"، مؤكدة للمسؤولين في القاهرة أن هذه هي المعادلة الوحيدة المطروحة من جانبها.
في المقابل، يرى المسؤولون في مصر أن التعنّت الحاصل هو نتاج الحكومة الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو، والتضارب الكبير الحاصل داخلها، في ظل تبني أعضاء بها رؤى شديدة التطرف.
محاولات إسرائيلية لإثارة أزمة بين مصر والفصائل
من جهته، أكد وفد "الجهاد" الذي زار القاهرة، أن الحركة ملتزمة بالتعاطي مع الجهود المصرية في حال أسفرت عن وقف الانتهاكات الإسرائيلية، وأنها لن تكتفي برد الفعل فقط، مشيراً إلى أن المقاومة هي حق مشروع طالما استمرت الانتهاكات والتعدي على الشعب الفلسطيني سواء في الضفة أو غزة.
وفي سياق متصل، قال قيادي من حركة حماس لـ"العربي الجديد"، إن هناك تعمداً واضحاً من جانب إسرائيل للتصعيد بموازاة أي وساطة تقوم بها القاهرة، إبان تصاعد وتيرة العنف، وذلك من أجل إثارة أزمة بين مصر والفصائل الفلسطينية كون قادة الفصائل لن يقبلوا بالوقوف مكتوفي الأيدي أو الرضوخ أمام الانتهاكات التي يقوم بها الاحتلال.
تعمد واضح من جانب إسرائيل للتصعيد بموازاة أي وساطة تقوم بها القاهرة
وأوضح أن أهم نجاح او اختراق طوال الفترة الماضية هو الوصول إلى حالة تفهم بين الفصائل والمسؤولين في القاهرة لهذه الحالة التي تريد حكومة الاحتلال خلقها، مؤكداً أن القاهرة باتت تفهم موقف الفصائل وأنه ليس موجّهاً بأي حال من الأحوال ضد مصر.
وأشار إلى أن وفد الحركة الذي سيزور القاهرة، لديه أجندة متخمة بالملفات العاجلة، مشدداً على أن هناك عقيدة ثابتة متفقا عليها مع الفصائل وهي عدم الفصل بين الوضع في الضفة والقدس من جهة، وغزة من جهة أخرى.
وكان رئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز قد حذر من احتمال اندلاع انتفاضة جديدة. وأضاف في كلمة بجامعة جورج تاون الخميس الماضي، أنه قلق من احتمال حدوث مزيد من العنف في التصعيد بين إسرائيل والفلسطينيين. وبحسبه، فإن الوضع الحالي يشبه الأحداث التي سبقت الانتفاضة الثانية.
والتقى بيرنز قبل نحو أسبوعين خلال زيارته إلى إسرائيل ورام الله، كلاً من نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وقال بيرنز إن محادثاته الأخيرة مع "القادة الفلسطينيين والإسرائيليين" تركته أكثر قلقاً بشأن احتمالات تفاقم العنف بين الجانبين.
وأشار في سياق آخر إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن يشعر بعدم الراحة من حكومة نتنياهو، وكان ذلك جزءاً من النقاش الذي دار بين نتنياهو وبلينكن خلال زيارة الأخير إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية، التي ركز فيها على التهدئة ووقف التصعيد.