حراك سياسي وعسكري في السويداء: استنساخ تجربة "الإدارة الذاتية"؟

15 يوليو 2021
تعاني السويداء من فلتان أمني (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

في ظل اتهامات للنظام السوري برعاية الفراغ الأمني في محافظة السويداء جنوب البلاد منذ العام 2014، ومنع أي عمل سياسي حقيقي فيها، برزت في الأيام القليلة الماضية ولادة حزب سياسي جديد أعضاؤه من أبناء المحافظة، تحت اسم "حزب اللواء السوري"، يرتبط فيه فصيل عسكري جديد هو "قوة مكافحة الإرهاب"، لتنقسم الآراء بين حاجة المحافظة إلى قوى محلية تعمل على الحماية الذاتية، وبين المخاوف من أن يؤدي ذلك إلى دفع مشروع تقسيمي لسورية.

وشهدت السويداء خلال الأيام الماضية، الإعلان عن "حزب اللواء السوري"، ومن أهدافه التي أعلن عنها مؤسسوه "العمل على الانتقال من الحكم الاستبدادي إلى الحكم الديمقراطي الرشيد وتعدد السلطات والانتقال السلمي للسلطات". وأضاف عبر "فيسبوك"، أن "من أول أهدافه التأكيد على وحدة الأراضي السورية".

ولم تتضح بعد ملامح الحزب الجديد من مبادئ وبرامج عمل، لكن مدير مؤسسة "أنا إنسان"، مالك أبو خير، المقيم في فرنسا، وأبرز المؤسسين المعروفين للحزب، قال في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "خلال الأشهر الماضية عملنا كمجموعة كبيرة من أبناء السويداء على بناء حزب سياسي سوري ينطلق من داخل المحافظة، يضع في أولى أهدافه محاربة داعش التي نقلها النظام إلى بادية السويداء كفزاعة يستخدمها عندما تطالب المحافظة بحقوقها، والفلتان الأمني الذي استثمره النظام في تشويه سمعة السويداء، إذ دعم عصابات الخطف وقدّم لها كل التسهيلات، والوقوف في وجه الخراب الذي يرسله حزب الله إلى المحافظة من مخدرات، وغيرها من القضايا".

وفيما يخص الفيدرالية والإدارة الذاتية، قال: "نحن لا نعتبرهما تهماً بل حقاً مشروعاً، لكن الطرحين ليسا حالياً ضمن حساباتنا، والسبب أن العمل عليهما أو المطالبة بهما خارج طاولة وطنية سورية جامعة يوافق عليها كل السوريين يعتبر انتحاراً سياسياً مبكراً". كما نفى وجود أي توجه للانفصال والمطالبة بإقامة "دولة درزية" قائلاً: "نحن وبكل فخر أبناء بني معروف مصدر حركات التحرر والوطنية، وليست لدينا مطالب خارج البوصلة الوطنية". ولفت إلى أن "الحزب المولود هو حزب سياسي، فيما الفصيل العسكري المعروف باسم قوة مكافحة الإرهاب ليس جزءاً منه، وإنما هناك اتفاق مع هذه القوة للتنسيق معها طالما هي ملتزمة بالمعايير المتفق عليها، مثل الالتزام بمعايير القانون الدولية، وعدم وجود معتقلات أو القيام بعمليات تحقيق، فهذا من اختصاص القضاء".

أحد مؤسسي الحزب الجديد: لا تمويل لنا من أي دولة

وأكد أنه "لا يوجد أي تمويل للحزب من أي دولة، في حين أجرينا خلال الفترة الماضية العديد من اللقاءات الدبلوماسية لعرض رؤية الحزب السياسية، ودعم حل الأزمة السورية وفق قرارات مجلس الأمن خصوصاً 2254، كما أننا ندعو لحوار سوري-سوري يقرر مستقبل البلاد". ولفت إلى أنه "لا يوجد أي تنسيق مع النظام أو قوى مقربة منه"، مؤكداً أنه "لا يوجد أي تمويل من قوات سورية الديمقراطية، ونعتبرها مع مختلف القوى السورية، شركاء في حل الأزمة السورية، وذلك باستثناء القوى المتشددة وصاحبة الأجندات الدينية السياسية والمرتبطة بالإرهاب".

قضايا وناس
التحديثات الحية

أما القوة العسكرية التي أُعلن عنها تحت اسم "قوة مكافحة الإرهاب"، وعلى الرغم من أن الحزب الجديد ينفي تبعيتها له، إلا أن هناك حالة تنسيق بين الطرفين. وقالت هذه القوة في أول منشور على صفحتها على "فيسبوك": "بعد الانفلات الأمني الكبير في الجنوب السوري وتحديداً في السويداء، وانتشار العصابات الإرهابية التي تقوم بخطف وترويع المدنيين والتي تحمل بطاقات أمنية مدعومة من أجهزة الأمن ونشر المخدرات بين جيل الشباب، أصبح لا بد من العمل على الوقوف في وجه كل من يهدد السلم الأهلي وحياة وسلامة المدنيين، من دون نسيان عودة نشاط تنظيم داعش في بادية السويداء". وأضافت "بات واجباً علينا المشاركة في الحرب ضد كل من يهدد سلامة المدنيين وضد كل التنظيمات الإرهابية والتحالف مع كل القوى الدولية التي تسعى للقضاء على الإرهاب".

وتعود بدايات تواجد القوة العسكرية الجديدة على الأرض إلى بداية شهر فبراير/شباط الماضي، حينها قام شخص يدعى سامر الحكيم، وهو مقيم في بلدة الرحى المجاورة لمدينة السويداء، برفقة مجموعة مسلحة يقدر عددها بنحو 40 مسلحاً، بالظهور بشكل مفاجئ في بلدته خازمة في الريف الجنوبي الشرقي، معلناً عن عزمه إنشاء معسكر تدريب في المنطقة. وبحسب مصادر مطلعة، قال الحكيم لأهالي البلدة حينها، إنه يسعى لتشكيل فصيل مسلح، بدعم من إحدى الدول الخارجية، لم يسمها، ويعتزم إنشاء معسكر للتدريب، وأخبرهم أن باب الانتساب مفتوح مقابل رواتب شهرية. كما زعم الحكيم أن مقاتلات من "قوات حماية المرأة" التابعة لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، سيشرفن على عمليات التدريب، وأن الفصيل سيكون نواة لإنشاء حماية وإدارة ذاتية في المحافظة. ولم ينجح الحكيم يومها في إقامة المعسكر، واضطر للانسحاب من البلدة والعودة إلى الرحى.

إلا أن الريف الغربي لمحافظة السويداء شهد في النصف الثاني من الشهر الماضي تحركات مسلحة، ارتبطت باسم الحكيم، وأعادت إلى الواجهة مشروع الإدارة الذاتية والعمل على طرد إيران و"حزب الله" من المحافظة. وبرزت شخصيات جديدة في المشهد، منها كفاح الحمود، وليث البلعوس، نجل الشيخ وحيد البلعوس مؤسس حركة "رجال الكرامة". واتهم ليث البلعوس في فيديو نُشر أخيراً، الإيرانيين بأنهم وراء اغتيال والده قبل نحو 6 سنوات.

النظام عمل منذ عام 2014 على رعاية الفراغ الأمني

وتعليقاً على ذلك، قال ناشط سياسي طلب تسميته أبو جمال معروف، لأسباب أمنية، إن "النظام عمل منذ عام 2014 على رعاية الفراغ الأمني وإعطاء المجرمين الغطاء ليمارسوا كل الأعمال غير المشروعة من التهريب إلى الخطف والسلب والقتل، ما شوه سمعة السويداء وحرمها من فرصة نمو حركة اقتصادية، مع وجود أكثر من 18 ألف عائلة من مختلف المناطق السورية". ولفت في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن "النظام طرح خلال السنوات الأربع الأخيرة أكثر من مرة طروحات تفضي إلى خلق كيان مجتمعي يتبع له فصيل مسلح، إلا أنه كان يفشل جراء محاولته أن يكون القائمون عليها من أزلامه المرتبطين بالأجهزة الأمنية التي تعمل بشكل ممنهج على إثارة الفوضى والنزاعات الداخلية، في حين تحوّل الحديث عن ضرورة وجود حماية ذاتية لوقف عمليات الخطف والسلب والاتجار بالمخدرات".

المساهمون