أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، "الوقوف إلى جانب لبنان والحكومة اللبنانية والشعب اللبناني"، وذلك في تصريحٍ له عقب استقبال الرئيس اللبناني ميشال عون وفداً من المشاركين في الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب الذي يستضيفه لبنان اليوم السبت، تمهيداً للقمة العربية المقرّرة في الجزائر مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وكان أبو الغيط قد أمل لدى وصوله إلى بيروت أن يحقق اللقاء التشاوري لوزراء الخارجية العرب تفاعلاً، ويتم خلاله الاتفاق على خطواتٍ للمستقبل، مشيراً إلى أن كل الدول العربية مشاركة في اللقاء، باستثناء سورية المجمَّدة عضويتها.
وأكد عون خلال اللقاء، وفق بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية، "أهمية العلاقات العربية-العربية، ولا سيما في هذا الظرف الدقيق الذي يجتازه العالم العربي، وما يواجهه من تحديات تستوجب أقصى درجات التشاور والتعاون المشترك"، معتبراً أن "التعاون والتضامن بين الدول العربية الشقيقة أمر مهم في ظل ما تشهد دولنا من أزمات وضغوط وتحولات".
وشدد الرئيس عون على أن "لبنان الذي يعاني من سلسلة أزمات متراكمة، يعاني أيضاً من أعباء يتحملها من جراء الأعداد الكبرى للاجئين والنازحين على أرضه، وهو لم يعد قادراً على تحمّل هذا الواقع، وموقف المجتمع الدولي لا يشجع على إيجاد حلول سريعة"، آملاً من وزراء الخارجية العرب "المساعدة لمواجهة هذه التحديات"، مؤكداً أن "لبنان، على الرغم من ظروفه الراهنة الصعبة، مصمّم على مواجهة التحديات وإيجاد الحلول للخروج من أزماته".
أمل عون من وزراء الخارجية العرب في المساعدة لمواجهة التحديات الناجمة عن النزوح
من جهته، لفت أبو الغيط إلى أن "اللقاءات بين وزراء الخارجية العرب مهمة للتواصل، وأهميته أنه ليس لديه جدول أعمال ولا وثائق للبحث والنقاش، بل هو لقاء يتم فيه تبادل الآراء والمواقف والأفكار، بصورة مفتوحة، التي من شأنها أن تتبلور في مشاريع وبرامج تفيد الجامعة العربية".
واعتبر أبو الغيط "أن انعقاد مثل هذا اللقاء في بيروت، وتحديداً في هذا الوقت بالذات، له معنى هام، ومغزاه أن الدول العربية تقف إلى جانب لبنان، وقيادته السياسية وشعبه، مع الأمل أن يتجاوز هذا البلد الجميل وتاريخه المديد المشاكل الاقتصادية والسياسية التي يعاني منها".
ميقاتي: لاحتضان لبنان وشعبه
وإلى ذلك، جدّد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية والمكلف تشكيل الحكومة الجديدة نجيب ميقاتي، أمس الجمعة، "تأكيد التزام لبنان تنفيذ كافة قرارات مجلس الأمن الدولي وقرارات الجامعة العربية، بما يرسّخ سياسة النأي بالنفس تجاه أي خلاف عربي، وبسط سيادة الدولة على كامل أرضها، ومنع الإساءة إلى الدول العربية أو تهديد أمنها".
وناشد ميقاتي "الأشقاء العرب، وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، احتضان لبنان وشعبه الشقيق، وخاصة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه".
وقال، بحسب بيان وزعه مكتبه الإعلامي لموقفه، خلال مأدبة عشاء أقامها أمس الجمعة في السرايا الحكومية تكريماً لوزراء الخارجية العرب لمناسبة انعقاد اجتماعهم اليوم في بيروت: "ينعقد اجتماعكم في مرحلة حافلة بالتحديات السياسية والدبلوماسية التي تمر بها الدول العربية والعالم ككلّ، تترافق مع تفلت للقوة ونشوء نزاعات إقليمية واستمرار أخرى، ممّا يلامس بحق انهيار النظام الدولي الذي نعرفه، من دون أن تتبلور ملامح توازن قوى أو نظام جديدين".
ورأى ميقاتي أنه "يقتضي تكثيف التشاور في ملفات العمل العربي المشترك، والتوافق حول ملفات القمة العربية المقبلة المقررة في الجزائر في الأول من نوفمبر، ونحن نتطلع إلى انعقاد القمة بالكثير من الثقة، لكون انعقادها يعتبر بحد ذاته مؤشراً على إرادة القادة العرب على تجاوز كل التحديات والمعوقات لتجديد العمل العربي المشترك ومواكبة التطورات الإقليمية والدولية في المجالات كافة".
ولم يغب ملف اللاجئين السوريين (تصرّ السلطات اللبنانية على توصيفهم بالنازحين)، الذي عاد إلى الواجهة اللبنانية بقوّة في الفترة الأخيرة، وفي تصريحات المسؤولين اللبنانيين، عن كلمة ميقاتي، إذ قال: "يمرّ لبنان بمرحلة انتقالية دقيقة ومعقدة وسط معاناة من أزمات متعددة الأوجه، سياسية واقتصادية ومالية واجتماعية، تضاف إليها مشكلة النازحين السوريين، وقد عملت حكومتنا على وضع الأسس الكفيلة بتجاوزها، ونحن ننتظر مؤازرتكم لاستكمال خطوات المعالجة ووضع بلدنا على سكة التعافي ضمن الإمكانات المتاحة".
امتعاض فرنسي من ممارسات المسؤولين اللبنانيين
وبالتزامن مع الحركة السياسية المكثفة في لبنان، ضمنها تلك الحاصلة على خطّ تشكيل الحكومة، وسط خلافات واضحة بين عون وميقاتي حول التشكيلة الوزارية التي قدّمها الأخير إلى رئيس الجمهورية بنسختها الأولى، تناولت الخارجية الفرنسية، في بيانٍ وزعته سفارة فرنسا في بيروت الجمعة، الوضع اللبناني، معبّرة عن امتعاض واضح من ممارسات المسؤولين.
وقالت إن فرنسا ضغطت من أجل توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وحتى الآن لم يتحقق أي شيء، مع العلم أن لبنان يعيش من دون كهرباء، والعاصمة بيروت محرومة الماء منذ أسبوعين، وكورونا يستعر من جديد، مجددة تأكيدها مطالبها وتوقعاتها "التي هي تطلعات الشعب اللبناني والمجتمع الدولي تجاه السلطات اللبنانية".
وأشارت الخارجية الفرنسية إلى أن "الأمر متروك لرئيس الوزراء المكلّف تشكيل حكومة دون تأخير، تكون قادرة على تنفيذ تدابير الطوارئ والإصلاحات الهيكلية اللازمة لتعافي البلاد، كما التفاوض مع صندوق النقد الدولي". وأضافت: "بعد مرور أكثر من شهر على الانتخابات التشريعية في 15 مايو/ أيار الماضي، تتولى جميع القوى السياسية الممثلة في مجلس النواب مسؤولية بالنظر إلى التدهور المستمرّ في الظروف المعيشية للبنانيين، فالأمر متروك لممثليهم للعمل بشكل نهائي ودون تأخير لخدمة المصلحة العامة للبلاد".
وجددت فرنسا تمسّكها بإجراء الانتخابات الرئاسية وفق الجدول الزمني المنصوص عليه في الدستور اللبناني، مؤكدة "التزامها التزاماً تاماً إلى جانب الشعب اللبناني". وتنتهي ولاية الرئيس اللبناني في أواخر شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
رسالة من ولي عهد الكويت إلى عون
إلى ذلك، استقبل الرئيس عون، صباح السبت، وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح، وأكد له "أهمية تعلق لبنان بعلاقاته الأخوية مع الأشقاء العرب، ولا سيما دول مجلس التعاون الخليجي"، مشدداً على أن "اللبنانيين يستبشرون خيراً دائماً من عودة العرب إلى لبنان".
وإذ شدد عون على أن "الحكومة اللبنانية ملتزمة اتخاذ الإجراءات اللازمة المطلوبة لتعزيز التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي، على إثر المبادرة الكويتية لرأب الصدع"، فإنه شكر لدولة الكويت، بصورة خاصة، "دعمها الدائم للبنان، ولا سيما خلال الأزمات الصعبة التي يمر بها"، مبدياً سروره لتلبية وزراء الخارجية العرب الدعوة للقدوم إلى لبنان، وذلك وفق ما جاء في بيان الرئاسة اللبنانية.
وقال بيان الرئاسة اللبنانية إن "وزير خارجية الكويت نقل إلى عون رسالة من ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أشاد فيها بالروابط التاريخية التي تجمع بلدينا الشقيقين"، مشدداً على "التطلع المشترك لتعزيزها والارتقاء بأطر التعاون بينهما إلى آفاق أرحب، لما فيه مصلحتهما".
وأشار وليّ العهد الكويتي في رسالته إلى "التعاطي الإيجابي من قبل الجمهورية اللبنانية مع المبادرة الكويتية، التي سعت لرأب الصدع وعودة العلاقات الخليجية-اللبنانية وإعادة بناء جسور الثقة مع الجمهورية اللبنانية".
وأشار البيان إلى أن "الوزير الكويتي حمل إلى الرئيس عون دعوة من أميرها لزيارة الكويت، متطلعاً إلى تحقيق هذه الزيارة قريباً".