تروّج قوى سياسية عراقية تتبع تحالف "الإطار التنسيقي"، القريب من إيران، أخيراً، لجسم سياسي لم يُعلن عنه رسمياً لغاية الآن، وهو "ائتلاف إدارة الدولة"، ويجمع قوى سياسية مختلفة ليس من بينها التيار الصدري، ويهدف إلى تشكيل الحكومة الجديدة، وبحسب ما صدر عن نواب وسياسيين، فإنّ الائتلاف الجديد يجمع القوى السياسية السنية والشيعية والكردية، إضافة إلى الكتلة المسيحية في البرلمان.
ولم يصدر أي تعليق أو توضيح رسمي عن القوى التي ذكر أنها مشاركة في الائتلاف الذي جرى تسريب تفاصيله لأول مرة على شكل تسريبات عبر منصات مرتبطة بقوى وكتل سياسية مختلفة، اليوم الأحد.
وأعلن أكثر من عضو في "الإطار التنسيقي" القريب من إيران، خلال الساعات الماضية، أن "ائتلاف إدارة الدولة" يهدف لإنهاء الأزمة المتعلقة بتشكيل حكومة كاملة الصلاحية، وتعمل على تهيئة الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات المبكرة التي يطالب بها التيار الصدري.
وبحسب عضو "الإطار التنسيقي" محمود الحياني، فإنّ "الائتلاف الجديد يضم التحالف الجديد (الإطار التنسيقي) الذي يضم معظم الأحزاب العربية الشيعية والفصائل المسلحة، وتحالف (العزم) الذي يتزعمه مثنى السامرائي، وتحالف (السيادة) بزعامة خميس الخنجر، والحزب الديمقراطي بزعامة مسعود البارزاني، و(الاتحاد الوطني) برئاسة بافل طالباني، وكتلة (بابليون) المسيحية بزعامة ريان الكلداني"، وفقاً لماً جاء في تصريحات للصحافيين ببغداد.
لكن "العربي الجديد"، تواصل مع ثلاثة مصادر من "الإطار التنسيقي"، وأكدوا أنّ ما يحصل حراك جديد لم يكتمل أو ينضج بشكل نهائي حتى الآن، وأكد أحد المصادر أنّ الائتلاف المستهدف تشكيله هو ضمن رؤية واسعة للخروج من الأزمة.
وأضاف رافضاً الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، أنّ "هناك استعجالا لدى بعض النواب في إعلان نضوج الائتلاف وطبيعة مهمته، كما أن الطرف الأهم في الأزمة وهو التيار الصدري لم يتضح حتى الآن موقفه".
وتابع أنّ "مقتدى الصدر لم يرد على أي من الرسائل ومساعي التواصل المباشر معه".
من جهته، قال عضو "الإطار التنسيقي" عادل المانع، إنّ تحالفه "تمكّن من الوصول إلى الأغلبية السياسية التي تؤدي إلى تشكيل الحكومة، بالتالي فإن بقاء التيار الصدري خارج العملية السياسية هو أمر صحي، لا يشكل خطورة على الوضع، بل على العكس، ترى بعض أطراف الإطار التنسيقي أنّ الدور الرقابي للصدر سيكون عنصر خدمة وتقويم للحكومة الجديدة"، وفقاً لقوله.
وأكد المانع لـ"العربي الجديد"، مساعي تشكيل الائتلاف السياسي الجديد الذي يضم قوى من مختلف التوجهات، بالقول إنّ "ائتلاف إدارة الدولة، وظيفته كما هو عنوانه، إدارة الدولة فقط لمرحلة انتقالية إلى حين إجراء الانتخابات المبكرة المقبلة"، مشيراً إلى أنّ "حالة الانسداد السياسي لا بد أن تنتهي بوجود حكومة جديدة، ولا يزال هناك تمسك من قبل الإطار التنسيقي وتحالف العزم والاتحاد الوطني الكردستاني بمحمد شياع السوداني كمرشح لرئاسة الحكومة".
لكن النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني صباح صبحي، أكد، في تصريح صحافي له، اليوم الأحد، أنّ "هناك تواصلاً بين قيادة الحزب الممثلة ببارزاني ورئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ولا توجد لغاية الآن رؤية واضحة لدى الإطار التنسيقي، ولهذا نحتاج إلى توحيد وجهات النظر، وإعداد ورقة التفاوض داخل الإطار التنسيقي، قبل الذهاب إلى النجف ولقاء الصدر".
من جانبه، نفى عضو بارز في تحالف "السيادة"، علمه بأي توجه لانضمام التحالف للائتلاف الذي يجري الحديث عنه، موضحاً: "لم نقرر حتى الآن الانخراط بأي مشروع سياسي، دون أن يكون هناك توافق بين الخصمين السياسيين التيار الصدري والإطار التنسيقي، كون أي خطوة تتخذ قد تزيد المشهد تعقيداً إذا لم تكن بقبول الصدريين وكذلك قوى الإطار".
وأكمل العضو الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن سياسيين مقربين من رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي "يروجون حالياً لـ(ائتلاف إدارة الدولة)، وربما هو محاولة لجس نبض الصدر من خطوة تشكيل الحكومة بواسطة الإطار التنسيقي".
وقال إنّ "المباحثات السياسية بين جميع الأحزاب باستثناء التيار الصدري، خلال الأسابيع الماضية، لم تسفر عن اتفاقٍ موحد وواضح على آلية اختيار الرئيس المقبل أو تشكيل الحكومة الجديدة، ومن المبكر أن يتم الإعلان عن تحالف، لا سيما أنّ الصدر لا يزال خارج العملية السياسية".
بدوره، رأى الباحث في الشأن السياسي في العراق عبد الله الركابي، أنّ "أطرافاً سياسية داخل الإطار التنسيقي، تخشى من أي خطوة تستثني مقتدى الصدر وتياره، لذلك فهي تروج لمشاريع سياسية قد لا ترى النور".
وأكمل الركابي، في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أنّ "أي ائتلاف أو تحالف لتشكيل الحكومة سيفشل في حال سار باتجاه عكس رؤية الصدر السياسية، بما في ذلك الإصرار على محمد شياع السوداني كمرشح لرئاسة الحكومة".
وتتلخص محاور الأزمة العراقية حالياً في إصرار قوى "الإطار التنسيقي" على استئناف جلسات البرلمان ومعاودة عمله بشكل كامل. كما تتمسك بانتخاب رئيس جمهورية ورئيس حكومة كاملة الصلاحيات بدلاً من حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي، ثم الذهاب نحو تعديل قانون الانتخابات الحالي.
في المقابل، يرفض "التيار الصدري" ذلك، ويصر على حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة خلال 9 أشهر. كما يطرح تعديل الفقرة 76 من الدستور المتعلقة بالكتلة الكبرى التي يحق لها تشكيل الحكومة. كذلك يرفع مطلباً آخر هو تعديل قانون المحكمة الاتحادية لتكون أكثر استقلالية عن الأحزاب السياسية التي تولت فعلياً منذ عام 2005 اختيار أعضاء هذه المحكمة، وعددهم 11 عضواً، بطريقة المحاصصة الطائفية والحزبية، إلى جانب ذلك يرفض "التيار الصدري" تعديل قانون الانتخابات.