أدى تكاثر الهجمات بمسيّرات وصواريخ في أوكرانيا إلى وضع الدول الأوروبية في مواجهة نواقصها من حيث منظومات الدفاع الجوي. وإذا أرادت تنظيم صفوفها ومعالجة ذلك، فإن العملية ستكون شاقة وطويلة ومكلفة، كما يقول خبراء.
وتوقّع ريتشارد أبو العافية، المدير الإداري لشركة "أيروداينامك أدفايزري" الاستشارية، أن يفرد معرض لوبورجيه الدولي للطيران والفضاء الذي يفتتح الاثنين في شمال باريس، مساحة واسعة لمسألة الدفاع ضد التهديدات الجوية.
وأضاف لوكالة "فرانس برس": "سيجري الحديث كثيراً عن قدرات إنتاج الصواريخ. إنه بلا شك القطاع الأسرع نمواً في القطاع، ومع ذلك لا يستطيع المصنعون مواكبته".
وأدى غياب التهديدات وسيطرة الغربيين على السماء منذ نهاية الحرب الباردة، إلى تخليهم كثيراً عن منظومات الدفاع الجوي القوية التي كانت تحمي الوحدات التابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) من الطيران السوفييتي.
وبالتالي، حلّت فرنسا ثمانية من أفواجها التسعة للمدفعية الأرض جوية، كما ذكرت النائبة ناتاليا بوزريف وجان-لوي تيريو في تقرير حديث.
وفي السنوات الأخيرة، بدأت الدول الأعضاء في "الناتو" اكتساب القوة مجدداً من خلال استحصال عدد متزايد منها على صواريخ كروز أو صواريخ بالستية قصيرة المدى أو مسيّرات، وفق مارك كانسيان، الخبير في المركز الأميركي للدراسات الاستراتيجية والدولية.
وأوضح لوكالة "فرانس برس": "لقد شرعوا في ذلك، لكنهم لم يقطعوا شوطاً طويلاً. في غضون خمس سنوات، سيكون هناك المزيد، لكن ذلك لا يساعد أوكرانيا في الوقت الحالي".
وتطالب أوكرانيا الغرب بتسليمها منظومات مضادة للطيران وصواريخ.
وتسعى برلين لتخصيص خمسة من 100 مليار يورو من صندوقها الخاص للدفاع الجوي، فيما خصصت باريس المبلغ نفسه للفترة الممتدة من 2024 إلى 2030.
ووقّعت شركة "إم بي دي إيه" الأوروبية المصنعة للصواريخ عقداً بقيمة نحو مليارَي يورو مع باريس وروما في الأشهر الأخيرة لتزويدهما بـ700 صاروخ من طراز "أستر" و2,2 مليار يورو أخرى مع بولندا لتزويدها بـ44 قاذفة صواريخ والعديد من صواريخ CAMM.
"درع السماء"
ويحاول الأوروبيون تنظيم صفوفهم. وأطلق المستشار الألماني أولاف شولتز مبادرة "درع السماء" الأوروبية (سكاي شيلد) في أكتوبر/ تشرين الأول، جمعت حتى الآن 17 بلداً أوروبياً. لكن لم تنضم إليها فرنسا ولا إيطاليا ولا بولندا.
وتهدف هذه المبادرة إلى الاستحواذ بشكل جماعي على منظومات دفاع جوي، وخصوصاً إيريس-تي الألمانية قصيرة المدى وباتريوت الأميركية متوسطة المدى وآرو-3 الأميركية-الإسرائيلية بعيدة المدى.
وقال ريتشارد أبو العافية إن فكرة هذا التنسيق "حكيمة جداً"، لكنه حذر من أنه "في كل مرة يحاول الناتو توحيد المعايير، ينبغي اتخاذ قرارات كبيرة بشأن من يتولى إدارة الإنتاج والمفهوم".
من جهته، أشار مركز "إس دبليو بي" الألماني إلى أن غياب باريس وروما عن المشروع "يدل على أن اقتراح ألمانيا لا يأخذ في الاعتبار بشكل كاف المصالح الأمنية الأوروبية، وأنه فشل في إقناع شركائها وأنه يترك العديد من الأسئلة دون إجابات حول الخطط الاستراتيجية والعسكرية والصناعية والاقتصادية".
وأضاف أن اختيار منظومات أميركية أو إسرائيلية بدلاً من الأوروبية "يتعارض مع هدف تعزيز القاعدة الصناعية والتكنولوجية الأوروبية للدفاع".
وتنظم باريس مؤتمراً وزارياً حول الموضوع، على هامش معرض بورجيه، في محاولة لتوحيد المواقف.
واعتبر مصدر دبلوماسي فرنسي أن "الألمان اقترحوا اتفاقاً صناعياً، نحن نقترح مبادرة استراتيجية: أن تكون لدينا القدرة على صنع منظومة دفاع جوي أوروبية سيادية، بمعدات أوروبية".
(فرانس برس)