حزب الله يبدأ خطة إعادة الإعمار مع ترقّب للخروقات الإسرائيلية

05 ديسمبر 2024
تكلفة العدوان على لبنان بلغت نحو 8.5 مليارات دولار، بيروت 3 أكتوبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- بدأ حزب الله في تنفيذ خطة لإعادة الإعمار في لبنان بعد وقف إطلاق النار مع إسرائيل، مع التركيز على مساعدة المتضررين والنازحين، وتشكيل لجان لتقييم الأضرار وتقديم تعويضات مالية لأصحاب المباني المدمرة.

- الأضرار في لبنان تجاوزت 15 مليار دولار، مع تضرر أكثر من 100 ألف مبنى، وبدأت الدولة في إعادة الإعمار في البنى التحتية وقطاع المياه والكهرباء، مع دعوة المجتمع الدولي لتقديم الدعم المالي.

- تقرير البنك الدولي أشار إلى أضرار مادية وخسائر اقتصادية بلغت 8.5 مليارات دولار، مع تأثير كبير على النمو الاقتصادي، ووزير الطاقة أكد على تحسين جودة الخدمات وضمان استدامتها.

مع دخول قرار وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي باشر حزب الله في وضع خطة لإعادة الإعمار رغم الترقب الحذر لخروقات جيش الاحتلال وإعلان المقاومة الاستعداد للرد على أي تماد في العدوان على الأراضي اللبنانية. وبحسب التقديرات الرسمية الأولية، فإن الخسائر التي لحقت بالقطاعات الأساسية في لبنان تتخطى الـ15 مليار دولار، وشملت الأضرار: بنى تحتية، أراضي زراعية، مؤسسات خاصة وعامة، مستشفيات، مراكز صحية واسعافية، مدارس، دور عبادة، مواقع أثرية تراثية وغيرها من المنشآت، مع تضرر ما يزيد عن 100 ألف مبنى، سواء بشكل كلي أو جزئي.

وفي الإطار، قال مصدر في حزب الله لـ"العربي الجديد" إنه بالإضافة إلى خطة التعويضات الحكومية فإن "المقاومة لا يمكن أن تنتظر خصوصاً مع بدء موسم الشتاء، وهذا يحتم عليها مباشرة خطة إعادة الإعمار رغم استمرار الاعتداءات الإسرائيلية"، مشيراً إلى أن "الأنظار متجهة إلى لجنة المراقبة والإشراف على تنفيذ قرار وقف إطلاق النار والدور الذي ستلعبه لوضع حد لهذه الخروقات التي لا يمكن السكوت عنها طويلاً". ولفت المصدر إلى أن "أيدي مجاهدي المقاومة ستبقى على الزناد، وهم جاهزون للرد على الاعتداءات كما حصل في العملية العسكرية الأولى في حال تمادي العدو. وفي الوقت نفسه عملية مساعدة المتضررين والنازحين بدأت فهي من أولويات حزب الله".

وفي التفاصيل، أضاف المصدر أن "هناك لجانا شُكلت لكل قطاع على مستوى المناطق اللبنانية، سواء الضاحية الجنوبية لبيروت أو الجنوب أو البقاع وبعلبك الهرمل، وتضم أصحاب الاختصاص والمهندسين في إطار آلية وُضعت لإجراء مسح والكشف على الأضرار بهدف إعادة الإعمار وإجراء أعمال الصيانة والترميم والتعويض على مراحل"، مشيراً إلى أن "الخطة تشمل المتضررين سواء من منازل أو مؤسسات أو محال تجارية أو أراض زراعية أو مدارس وغيرها، والأولوية ستكون لإيواء أصحاب البيوت المدمرة بشكلٍ كامل"، لافتاً إلى وجود "استمارات على المتضررين ملؤها للتواصل معهم ومراجعتهم".

وأكد المصدر أن "عملية مسح الأضرار بدأت باستثناء المناطق التي لا تزال عرضة للقصف الإسرائيلي في القرى الحدودية، واللجان بدأت التواصل مع الأهالي لمعاينة الأضرار وتقديرها لاحتساب التعويضات"، مشيراً إلى وجود "مبالغ مالية ستدفع لأصحاب المباني التي دُمرت بالكامل، وتلك التي تُعد متصدعة وغير قابلة للسكن حالياً، تتراوح بين أربعة إلى ثمانية آلاف دولار، وهي تُعد بمثابة بدلات إيجار خلال فترة إعادة الإعمار أو الترميم". وأضاف أن "اللجان بدأت تتواصل مع الأهالي والمتضررين لتقديم المساعدة على صعيد شراء الألواح الزجاجية والأبواب، والألومنيوم وغيرها، وتأمين الكهرباء والمياه وغيرها من أعمال الصيانة المطلوبة للسكن، أو إعطاء فواتير فيها للتعويض عليهم وصرفها لمستحقيها، مع تقديم أسماء بعض أصحاب المصالح والشركات تفادياً للسقوط في فخ مستغلي وتجار الحرب الذين يعمدون إلى رفع الأسعار"، لافتاً إلى أن "حزب الله سيصدر بياناً أو موقفاً يفند تفاصيل عملية إعادة الإعمار والتعويضات".

في سياق متصل، استأنفت مؤسسة القرض الحسن، التي تُعد الذراع المالية لحزب الله وتعرّضت لجملة اعتداءات إسرائيلية، عملها بمختلف فروعها على الأراضي اللبناني مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، مؤكدة أن "الذهب لم يُمس والتعويضات على أصحاب المنازل المتضررة بدأت". وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإن العديد من المتعاملين مع القرض الحسن راجعوا المؤسسة وطلبوا استرجاع الذهب الخاص بهم الذي أودع لديها، فكان هناك تجاوب حيال هذا الموضوع مع طلب فترة قصيرة لمنحهم ما يريدون. وكان المدير الإعلامي في المؤسسة علي هزيمة أكد أن "كل الذهب والأموال هي بأمان والمؤسسة تمتلك من القدرات المالية والبشرية ما يكفي للنهوض بشكل سريع وأكثر تطوراً"، وتستقبل مؤسسة القرض الحسن المواطنين ضمن دوامها في سبعة فروع في بيروت والضاحية الجنوبية وفرعين في النبطية وصور، وخمسة فروع في بعلبك والهرمل والبقاع الغربي إضافية إلى فرعي سوق الغرب وجبيل.

وأشارت التقديرات الواردة في تقرير صادر عن البنك الدولي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يقيم الأثر الأولي للصراع على اقتصاد لبنان وقطاعاته الرئيسية إلى أنّ تكلفة الأضرار المادية والخسائر الاقتصادية بلغت نحو 8.5 مليارات دولار أميركي. وخلص التقييم الأولي للأضرار والخسائر في لبنان إلى أن الأضرار المادية وحدها بلغت 3.4 مليارات دولار أميركي، وأن الخسائر الاقتصادية بلغت 5.1 مليارات دولار أميركي. وعلى صعيد النمو الاقتصادي، تشير التقديرات إلى أن الصراع أدى إلى خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في لبنان بنسبة 6.6% على الأقل في عام 2024، مما يفاقم الانكماش الاقتصادي الحاد المستمرّ على مدى خمس سنوات والذي تجاوز 34% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.

وتناول التقرير أيضاً أثر الصراع على الشعب في لبنان، حيث تشير التقديرات إلى وجود أكثر من 875 ألف نازح داخلياً، مع تعرض النساء والأطفال والمسنين والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة واللاجئين لأشد المخاطر. كما تشير التقديرات إلى فقدان نحو 166 ألف فرد لوظائفهم، وهو ما يعادل انخفاضاً في المداخيل قدره 168 مليون دولار أميركي. ووفق التقرير، فإن قطاع الإسكان هو الأكثر تضرراً، حيث تضررت نحو 100 ألف وحدة سكنية جزئياً أو كلياً، وبلغت الأضرار والخسائر في القطاع 3.2 مليارات دولار.

بدأت الدولة اللبنانية ورش إعادة الإعمار خصوصاً على صعيد البنى التحتية والطرقات والمعابر وقطاع المياه والكهرباء، وأعلنت وزارة الأشغال العامة أن كلّ طرق لبنان تقريباً باتت سالكة والعمل الآن على المعابر الشمالية، بعدما أصبح معبر المصنع سالكاً، إذ قام العدو الاسرائيلي بقصف جسور على الأنهر عند الحدود مع سورية، وهذا الأمر يحتاج الى وقت وجهد مضاعف. وتعمل ورش وزارة الأشغال في بعض المناطق ولا سيما في النبطية وفي محافظة الجنوب، مع مباشرة العمل أيضاً في منطقة الضاحية الجنوبية وفي محافظة بعلبك - الهرمل والبقاع الغربي.

من جهتها، أعلنت وزارة الطاقة أن كل مؤسسة استثمارية للمياه قدمت تقريراً أولياً عرضت فيه حجم الدمار الذي أصاب المباني الإدارية، وشبكات المياه، ومحطات الضخّ، والآبار العامة، وخطوط الدفع، والخزانات، وأنظمة الطاقة الشمسية في المناطق المستهدفة بالعدوان والكلفة التقديرية لإعادة الإعمار، والتي تخطّت بتقدير أولي الـ 200 مليون دولار أميركي، إضافة إلى الكسب الفائت، جراء تدني الجباية والمقدّر بـ20 مليون دولار.

واعتبر وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض أنّ "عملية إعادة الإعمار ستشكّل فرصة لتأمين خدمات بجودة أفضل مع ضمان استدامتها، وذلك من خلال إدخال تقنيات حديثة وترشيد الانفاق وخفض الهدر الفني والتعديات وعبر تعزيز التعاون مع الوزارات والمؤسسات الأخرى لضمان إصلاح الأضرار في أسرع وقت ممكن". ودعا "المجتمع الدولي والمنظمات المانحة إلى تحمل مسؤولياتهما تجاه الشعب اللبناني الذي يعاني تداعيات هذا العدوان الاسرائيلي الغاشم من خلال تأمين التمويل اللازم لإعادة تأهيل البنى التحتية المتضررة".