أقر البرلمان الفرنسي بشكل نهائي، اليوم الخميس، مشروع القانون المثير للجدل حول "الأمن الشامل"، بعد أشهر من الاحتجاجات ضده ومعارضة عدد من الأحزاب، لما اعتُبر أنه تقييد لحرية التعبير.
ويحظر قانون "الأمن الشامل" بث صور لعناصر الشرطة على وسائل التواصل الاجتماعي "بهدف إلحاق الأذى بهم"، كما يفرض غرامة مالية قدرها 45 ألف يورو على منتهكي القانون، بالإضافة إلى عقوبة السجن خمس سنوات.
وكان نص مشروع القانون موضوع نزاع حاد بين المدافعين عن الحريات العامة ووزارة الداخلية بشكل خاص، إذ رفض وزير الداخلية جيرالد درمانان أي تعديل في روح القانون، أو سحبه، استجابة لدعوات مؤسسات ومنظمات حقوقية، ووسائل إعلام.
وتمحورت العقدة الرئيسية في الاستقطاب الذي ساد حول المادة 24 منه، والتي تعاقب على "النشر الخبيث لصور عناصر الشرطة"، الأمر الذي دفع حزب الرئيس إيمانويل ماكرون "الجمهورية إلى الأمام" (معد القانون) ووزير الداخلية إلى إجراء تعديلات كثيرة، نصت في النسخة النهائية على أن العقوبة تطبق في حال وجود كشف عن "الهوية (الصورة، الاسم، العنوان) بهدف واضح هو الإضرار بالسلامة الجسدية أو العقلية لضباط الشرطة أو الدرك أو مسؤولي الجمارك".
التعديل الجديد في نص المادة ظل محل انتقاد من قبل المدافعين عن الحريات، إذ اعتبره المحامي في نقابة المحامين في باريس، عضو رابطة حقوق الإنسان، آرييه أليمي، أنه "نص أسوأ بكثير من النص الأصلي" لأنه وسع نطاق التهمة.
وفي مقابلة مع قناة "فرانس انفو" قبل نحو أسبوعين، أوضح أليمي أن النسخة الجديدة تمثل "سلوكاً لمعاقبة بصورة أكثر عمومية وأوسع نطاقاً، أي التسبب في تحديد ضابط شرطة أو درك.
وأضاف "هذا لا يعني الكثير من الناحية القانونية، وسوف يؤدي إلى عدد من مشاكل التفسير. وتتحدث المادة 24 القديمة التي نصت عليها الجمعية الوطنية فقط عن صورة ضابط الشرطة أو الدرك، لكن مع النسخة الجديدة يمكن أن يكون كشف الهوية أي شيء؛ يمكن أن يكون عنواناً، يمكن أن يكون الاسم، ويمكن أن يكون صورة الوجه، لذا فهو أصبح واسعاً جداً".
وبتأييد 75 برلمانياً ومعارضة 33، سيصبح القانون نافذاً بعد عرضه بصورة شكلية على المجلس الدستوري، مر في مجلس النواب من دون توتر يذكر، على غير ما جرت العادة خلال المرات السابقة التي تم نقاش مشروع القانون خلالها، لكن يبقى رد فعل المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام ميزان حرارة الاحتجاجات ضد القانون، ما إذا كانت ستأخذ منحى تصعيديا أم لا، بعد إقراره اليوم.
وبدأت الحركة الاحتجاجية ضد مشروع القانون في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي، عندما تظاهر الآلاف أمام البرلمان بالتزامن مع نقاش المادة 24 من نص القانون؛ ومنذ بدء مجلس النواب النظر في مشروع القانون، تباين عدد المتظاهرين من شهر لآخر.
وكان 28 نوفمبر/ تشرين الثاني، أهم يوم في التعبئة، إذ نزل حينها نحو 500 ألف شخص في عموم البلاد للتظاهر، وفقاً للمنظمين، ثم خمد هذا التحرك بضعة أسابيع، قبل أن يشهد انتعاشة كبيرة بنزول 200 ألف متظاهر في 16 يناير/ كانون الثاني 2021، في تظاهرات أطلق عليها اسم "مسيرات الحرية"، وقالت الشرطة حينها إنّ المشاركين لم يتعدوا 34 ألف شخص.