بدأت مرحلة العد التنازلي للتحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة في فرنسا، في النصف الأول من العام المقبل، مع عودة الأحزاب من العطلة الصيفية، وهي عودة بدأت سريعاً في صفوف حزبي البيئة واليمين، مع عقد الأول مناظرة بين مرشحيه للانتخابات التمهيدية داخل الحزب، وإقرار الثاني برنامجه الانتخابي من دون الإعلان عن أسماء المرشحين للانتخابات التمهيدية.
وبينما تسيطر حالة الترقب في صفوف اليمين، وعدم اليقين في صفوف أحزاب اليسار، يبدو أنّ الأغلبية البرلمانية المؤلفة من حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، "الجمهورية إلى الأمام"، لن تعاني كثيراً في مسألة الانتخابات الداخلية والصراع بين كبار شخصيات الحزب، نظراً لكون ماكرون المرشح التلقائي للحزب من دون انتخابات تمهيدية.
في مدينة أنجيه غربي فرنسا، اختار "الجمهورية إلى الأمام" أن يجمع صفوفه بعد العطلة، فأعلن كريستوف كاستانير، وزير الداخلية السابق ورئيس الكتلة البرلمانية للحزب "نحن ندخل المرحلة الرئيسية لمدة خمس سنوات (...) لقد أنجزنا مهمتنا. أصلحنا البلد، ويجب أن نخطط للمستقبل الآن".
هذا الإعلان يضرب بعرض الحائط كل ما واجهته البلاد من أزمات في عهد ماكرون، خصوصاً أن شوارع فرنسا لا تخلو كل يوم سبت من المتظاهرين المحتجين على سياسات حكومته، وآخرها الاحتجاجات على الإجراءات الصحية وإلزامية اللقاحات ضد كورونا للعاملين في عدد من القطاعات العامة، حيث تظاهر أكثر من 140 ألفاً للأسبوع الثامن على التوالي.
Première réunion de groupe de la session : ensemble, cette année encore, nous serons au service des Français ! #RentréeMajo pic.twitter.com/oorA0nhZEH
— Christophe Castaner (@CCastaner) September 6, 2021
وكان رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشيه قد حذّر، يوم الأحد الماضي، من أن "فرنسا لم تكن قط منقسمة إلى هذا الحد. يجب أن يكون الرئيس هو أب الأمة التي تحتضن الجميع، وتطمئن وتتواصل". بيد أن قادة الأغلبية البرلمانية لا يرون هذا الانقسام حتى الآن.
في هذا السياق، قال ممثل الأغلبية البرلمانية في الحكومة رئيس الوزراء جان كاستكس، في لقاء أنجيه، إنه "ليس علينا أن نخجل على الإطلاق (..) لم يحن الوقت بعد للتقييم، لكن يجب أن نستعد بالفعل بكل فخر وقناعة للذهاب أمام الفرنسيين لنخبرهم بما ستفعله هذه الأغلبية لهم ولبلدنا"، في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة.
بدورها، قالت النائبة عن حزب ماكرون صوفي بودوان هوبيار في كلمتها: "لا توجد انتخابات أولية هنا. لدينا رفاهية هائلة في معرفة من سيكون بطلنا. ليس هناك صراع داخلي. لذلك سنكون قادرين على التركيز على العمل الذي لا يزال يتعين علينا القيام به".
ويعد هذا الاجتماع ترويجاً من قبل الأغلبية البرلمانية لسجل ماكرون خلال سنوات حكمه الخمس، إذ أعرب كاستكس عن ارتياحه لما فعلته السلطة التنفيذية على الصعيدين الصحي والاقتصادي في الاستجابة للأزمة التي تسببت بها جائحة كورونا.
وكانت عطلة نهاية الأسبوع قد شهدت دعوات لتشكيل حزب رئاسي يدعم ولاية رئاسية جديدة لماكرون؛ الدعوة الأولى صدرت عن ستيفان سيجورني، المستشار السياسي لماكرون، في مقابلة يوم الأحد مع صحيفة "جورنال دو ديمانش"، قال إنه من الضروري تشكيل "حزب ديمقراطي فرنسي كبير" يجمع "بحلول الانتخابات التشريعية" لعام 2022 مختلف مكونات الأغلبية.
دعوة شبيهة أطلقها وزير الاقتصاد برونو لومير، يوم أمس الاثنين، على قناة "بي إف إم"، معبراً عن أمله في تشكيل "حزب رئاسي" لإعادة انتخاب ماكرون رئيساً لفرنسا في عام 2022.
وقال لومير، الجمهوري السابق الذي دارت تكهنات كبيرة حول ترشحه للانتخابات الرئاسية: "أنا أعتبر أنه كلما تضاعف عدد الترشيحات، يجب أن نحشد المزيد من الدعم خلف إيمانويل ماكرون إذا قرر أن يكون مرشحاً. وكلما رأينا عودة الانقسام القديم بين اليمين واليسار، والذي لا يوفر أي حل لمشاكل البلاد، تزداد المسؤولية، على غالبيتنا، في التغلب على هذا الانقسام".
Un niveau d’investissement supérieur à celui d’avant-crise, un niveau de chômage plus faible à celui d’avant-crise, des chiffres de consommation supérieurs à 2019 : tous ces indicateurs positifs nous permettront d’atteindre 6% de croissance d’ici fin 2021 et 4% pour 2022. pic.twitter.com/8syeVvyViK
— Bruno Le Maire (@BrunoLeMaire) September 6, 2021
وبالنسبة إلى لومير، فإنّ "الإطار الأيديولوجي" للحزب الرئاسي سيجمع "أولئك الذين يعتقدون أن اقتصاد السوق يعمل" وأن "البناء الأوروبي ضروري للغاية"، والذين "يلتزمون بضرورة بمكافحة الاحتباس الحراري". ووفق تقديره، فإنّ "ماكرون يحتاج إلى خمس سنوات أخرى" من أجل تحسين أوضاع فرنسا.