حكاية هروب نتنياهو من المحكمة إلى جبل الشيخ السوري

18 ديسمبر 2024
نتنياهو وكاتس على قمة جبل الشيخ المحتل، 17 ديسمبر 2024 (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- زيارة نتنياهو لجبل الشيخ المحتل أثارت جدلاً، حيث اعتبرها البعض تهرباً من جلسة المحكمة المتعلقة بقضايا الفساد، ورافقه وزير الأمن وقيادات عسكرية.
- تصريحات نتنياهو وكاتس حول البقاء في الأراضي السورية لاقت انتقادات من الصحافيين الإسرائيليين، الذين حذروا من أنها قد تضر بالمصلحة الإسرائيلية وتستفز الدول العربية.
- اعتبر المحللون الزيارة محاولة لخلق صورة انتصار لنتنياهو ووسيلة للتهرب من المحاكمة، مشيرين إلى أنها لم تكن ضرورية ولم تقدم جديداً لأمن إسرائيل.

راجت شائعات كثيرة وتكهنات أمس الثلاثاء، حول مكان وجود رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وما إذا كان قد توجه إلى العاصمة المصرية القاهرة، ليتبيّن لاحقاً وجوده في "رحلة" إلى الجزء المُحتل حديثاً من جبل الشيخ السوري، رفقة وزير الأمن يسرائيل كاتس وقيادات عسكرية وأمنية، هارباً ومتهرباً من جلسة المحكمة التي كانت مقررة في ذات اليوم للإدلاء بشهادته بقضايا الفساد ضده، قبل إرجائها إلى اليوم بناء على طلبه.

وأثارت زيارة نتنياهو سخرية البعض، فيما لمح صحافيون ومعلّقون إسرائيليون إلى عدم وجود حجة معقوله تبرر إرجاء الجلسة من أجل زيارة جبل الشيخ، والإدلاء بتصريحات من هناك، حول الإبقاء على احتلال أراض سورية إلى أجل غير معلوم. وحذّرت مصادر في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، من جهة أخرى، من أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بشأن البقاء في سورية يتعارض مع المصلحة الإسرائيلية.

ومع استئناف محكمة نتنياهو اليوم، قال القضاة إن التأجيل جاء لاعتبارات أمنية وأخرى تتعلق بحالة الطقس لا يمكنهم الخوض فيها. وكتب القضاة في بيانهم "في هذه المرحلة، بعد انتهاء الحدث ونشره، يمكننا أن نضيف أن المناقشة التي جرت في مكتبنا تتعلق بالحاجة إلى القيام بالجولة المذكورة في 17 ديسمبر (كانون الأول) تحديداً. لا يمكننا تفصيل الاعتبارات المقدّمة بهذا الشأن، والتي تتعلق باعتبارات سياسية وأمنية. نضيف أيضاً أنه تم تقديم مبرر يتعلق بالطقس المتوقّع في المكان في وقت لاحق من الأسبوع".

بسترات عسكرية واقية، ظهر نتنياهو ووزير أمنه يسرائيل كاتس، ورئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي، ورئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" رونين بار وغيرهم، وحرصوا على التقاط الصور في المكان. ومن على قمة الجبل قال نتنياهو: "نحن هنا لتقييم الوضع واتخاذ قرار بشأن استعدادات إسرائيل في هذا المكان المهم حتى يتم العثور على ترتيب آخر يضمن أمن إسرائيل ... المكان لم يتغيّر، هو نفس المكان، لكن أهميته لأمن إسرائيل ازدادت في السنوات الأخيرة، وخاصة في الأسابيع الأخيرة مع الأحداث الدراماتيكية التي تحدث هنا تحتنا في سورية. سنحدد الترتيب الأفضل الذي يضمن أمننا".

وقال وزير الأمن كاتس "قمة جبل الشيخ هي عيون دولة إسرائيل لرصد التهديدات القريبة والبعيدة. نحن نراقب هنا عن اليمين حزب الله في لبنان، وعن اليسار دمشق، وأمامنا نرى إسرائيل. الجيش الإسرائيلي موجود هنا لحماية بلدات هضبة الجولان ومواطني دولة إسرائيل من أي تهديد، ومن المكان الأكثر أهمية للقيام بذلك. سنبقى هنا لأي فترة زمنية مطلوبة. وجودنا هنا في قمة جبل الشيخ يعزز الأمن ويضيف أيضاً بُعداً من المراقبة والردع على معاقل حزب الله في البقاع في لبنان، وكذلك الردع ضد المتمرّدين (فصائل المعارضة التي قادت الثورة السورية) في دمشق، الذين يدّعون الاعتدال ولكنهم ينتمون إلى التيارات الإسلامية الأكثر تطرفاً"، على حد زعمه.

من جانها، نقلت صحيفة "هآرتس" العبرية، أمس، تقديرات مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى، لم تسمّها، أن تصريحات بعض الوزراء والمسؤولين في الحكومة بأن إسرائيل ستبقى لفترة طويلة في سورية وقطاع غزة، قد تضر بشرعية إسرائيل الدولية للعمل في هذه المناطق. 

كما تشير المصادر إلى أن هذه التصريحات قد تُفسر على أنها تحدٍ لعناصر مختلفة تعمل في سورية، والتي تتجنب حتى الآن الاحتكاك مع قوات جيش الاحتلال. ويوضح مسؤولون في المؤسسة الأمنية، أن مثل هذه المواجهات قد تضر بالمهمة الرئيسية للجيش الإسرائيلي في سورية، وهي تدمير الأسلحة وأنظمة الأسلحة التي تركها الجيش السوري تحت قيادة النظام المخلوع برئاسة بشار الأسد والتي تخشى دولة الاحتلال وقوعها في أيدي "منظمات معادية".

"قصر صهيون" على جبل الشيخ والبحث عن صورة انتصار

من جهته، وجّه الصحافي والناقد التلفزيون روغيل ألبير، انتقادات لاذعة لنتنياهو ورفاقه في الجولة. وكتب في "هآرتس"، اليوم، أنه "من الصعب تصديق ذلك، لكن هناك شك معقول بأن يوم الترفيه لكبار الشخصيات في قمة جبل الشيخ السوري، كان (الحدث الأمني) الاستثنائي الذي استدعى إعفاء رئيس الوزراء من الإدلاء بشهادته في المحكمة". وأضاف في رسالة متخيّلة من والد نتنياهو: "إلى القضاة المحترمين، ينتظر ابني بنيامين بفارغ الصبر منذ أسبوعين يوم الترفيه الحكومي في قمة جبل الشيخ السوري. قلبه الصغير سيتحطم إلى شظايا، وأخشى أنه لن يلتئم أبداً إذا استمررتم في رفضكم الحازم للسماح له بالانضمام إلى أصدقائه واستمريتم في تهميشه بشكل منهجي ومثير للغضب. أشكركم على تفهمكم، البروفيسور بن تسيون نتنياهو".

واعتبر الكاتب أن "الصور في جبل الشيخ السوري هي بمثابة استفزاز للدول العربية. إصبع في العين. الرسالة هي أننا وضعنا علماً (اسرائيلياً) هناك، وهذا المكان لنا الآن. متى سننزل (أي عن الجبل)؟ في الوقت الحالي، لن ننزل". وتابع ساخراً، أنه "يمكن مؤقتًا بناء (قصر صهيون) صغير هناك، كبيت عطلات رسمي لعائلة نتنياهو، يشبه نوعاً ما كامب ديفيد الخاص بهم، لاستضافة الضيوف والتزلج".

في صحيفة معاريف كتب محلل ومراسل الشؤون العسكرية آفي أشكنازي، أن إسرائيل كانت بالأمس، "تحت تأثير المنشطات" و"عرض السيرك الذي قدمه نتنياهو لوسائل الإعلام أمس لن يُنسى". أضاف أشكنازي "أمس، على قمة جبل الشيخ السوري، على ارتفاع 2800 متر فوق مستوى سطح البحر، كان بإمكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن يشعر بالنصر الكامل دون أن يقول كلمة. لم يكن هذا انتصاراً عسكرياً، لكنه كان في هذه المرة انتصاراً على وسائل الإعلام، التي وجدت نفسها تمشي نائمة".

وأردف: "كانت إسرائيل بالأمس تحت تأثير المنشطات. مستوى القلق لدى الجمهور ارتفع بعد أحداث السابع من أكتوبر، وبعد عام وشهرين من الحرب، وبعد أربعة أيام من عدم رؤية أو سماع دانيال هغاري (المتحدث باسم الجيش) على الشاشات. الجمهور الإسرائيلي طالب بتفسيرات. لم يكن بإمكانه إدارة حياته اليومية دون معرفة سبب حصول نتنياهو على يوم إجازة من القضاة، وما هو محتوى الملاحظات التي تم تمريرها لرئيس الوزراء خلال جلسات المحكمة".

أما نير كيفنيس، فكتب اليوم في موقع والاه، بعد الكثير من الأسئلة التي انتشرت أمس حول مكان نتنياهو، فإن "حل اللغز الذي استمر نصف يوم كان مخيباً للآمال. لا مفاوضات سرية، لا هيكل عظميا لشخص تم شنقه قبل ما يقرب من 60 عاماً، لا اتفاق لإطلاق سراح المختطفين، ولا حتى هروب بطوليا من إسرائيل. مجرد رحلة إلى جبل الشيخ، كان يمكن أن تحدث في أي يوم آخر، وليس بالضبط شيئاً يعتمد عليه أمن إسرائيل". واعتبر الكاتب أن "رئيس الحكومة المتهم، يبحث عن صورة نصر".

المساهمون