بدت حركة المقاومة الإسلامية، "حماس"، مصدومة من القرار الذي أصدرته محكمة القاهرة للأمور المستعجلة باعتبار ذراعها العسكري، "كتائب القسام"، جماعة "إرهابية"، إذ لم تكن تتخيّل أو تتوقع أنّ تصل العلاقة بينها وبين النظام المصري الحالي إلى هذه النقطة.
ومع ازدياد الضغط على "حماس"، الذي يتزامن مع تأخر الإعمار واستمرار الاغلاق والحصار المطبق على القطاع والقرار المصري الجديد، باتت الحركة تستشعر خطراً قادماً إليها هذه المرة من بلد عربي لا يزال إعلامه يتهم "حماس" وكتائبها بأحداث لم يقدّم عليها أي دليل.
ومنذ مجيء النظام المصري الحالي، لم تتوقع "حماس" أنّ يكون التعامل معها قاسياً إلى هذا الحد، وقدمت الكثير من القرابين إلى مصر، عبر تسليمها القاهرة وساطة المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل في العدوان الأخير على القطاع، لكنّ ذلك لم يجد نفعاً في العلاقة التي انقلبت رأساً على عقب بين ليلة وضحاها.
وسيّرت "حماس" عدداً من المسيرات في القطاع، خلال الأيام الماضية، رفضاً للقرار القضائي المصري، الذي تعتبره قراراً مسيّساً، إلى جانب إصدارها عدداً من البيانات والتصريحات الإعلامية التي تدعو مصر إلى إلغاء القرار، الذي قالت إنه لا يفيد إلا الاحتلال.
وأدى الآلاف من عناصر "حماس" وقياداتها ومؤيديها، أمس الجمعة، الصلاة أمام مقر السفارة المصرية المغلق منذ أحداث الانقسام في مدينة غزة. وتحدث خطيب الجمعة، القيادي في الحركة مروان أبو راس، عن دور مصر التاريخي في نصرة القضية الفلسطينية.
أما القيادي في "حماس"، صلاح البردويل، فتلى بياناً تحدث فيه عن شعور حركته بالغضب من القرار المصري القاضي بوضع القسام على لائحة "الإرهاب"، مجدداً التأكيد على أنّ حركته لا علاقة لها بما يجري في مصر، ولم تتدخل سابقاً ولن تتدخل في أي وقت بأي شأن داخلي لمصر أو لغيرها من الدول.
وشدد البردويل على أنّ كل الضغوط التي تُمارس من البعيد والقريب، لن تثني "القسام" والمقاومة الفلسطينية عن دربها وخيارها، حتى تحرير المقدسات ودحر الاحتلال كاملاً، مشيراً إلى أنّ "حماس" وقوى المقاومة والشعب الفلسطيني، لم يفكروا يوماً بإيذاء مصر وأمنها وشعبها.
وجدّد البردويل مطالبة السلطات المصرية بملاحقة إسرائيل، المستفيدة من حالة العداء التي صنعتها وسائل الإعلام المصرية تجاه المقاومة وغزة، والتي تستبيح، وفق قوله، الأراضي المصرية وتتدخل في الشأن الداخلي لمصر.
في هذه الأثناء، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة في غزة، عدنان أبو عامر، لـ"العربي الجديد"، إنّ "حماس" ترى أنّ الحكم القضائي المصري، ليس حكماً إجرائيا قانونياً، بقدر ما هو سياسة متّبعة من أعلى مستويات السلطة في مصر تجاهها وتجاه القطاع.
ويشير أبو عامر إلى أنّ "حماس"، التي تنتظر في الأيام المقبلة حكماً قضائياً مصرياً بوصفها حركة "إرهابية"، تتوقع أنّ يكون القرار تمهيداً لاتخاذ خطوات ميدانية عملية ضد القطاع من قبل السلطات المصرية، لذلك تسعى إلى تحشيد العنصر الشعبي والجماهيري تجاه أي خطوة غير متوقعة.
ويلفت أبو عامر إلى أنّ لهجة "حماس" ومسيراتها ومؤتمراتها وتصريحاتها الإعلامية، تأتي في محاولة لكبح جماح أي سلوك مصري مرتقب ضد غزة، مؤكداً أنّ الحركة تدرك أنّ العلاقة مع مصر في أسوأ مراحلها، وهذا بدا واضحاً في معظم التصريحات القيادية في الأيام الأخيرة. ويبيّن أبو عامر أنّ التواصل بين "حماس" ومصر بات مقطوعاً بصورة كبيرة جداً، وهو ما من شأنه أنّ يجعل الحركة الإسلامية تترقّب وتتحسّب لأي توتر يأخذ الصبغة العملياتية ضدها وضد القطاع، إلى جانب التصعيد الاعلامي والسياسي تجاهها.
ويوضح أستاذ العلوم السياسية أنّ القراءة الواقعية السياسية للعلاقة بين غزة و"حماس" ومصر، تستبعد أي سلوك مصري عملياتي ضد القطاع، لكن واقع الأمر أنّ السياسة المصرية تجاه غزة عموماً ليس لها علاقة بالقراءة الواقعية بالمطلق، لذلك من الممكن أن يجري إسقاط الخلافات السياسية ميدانياً على القطاع، وهو ما يدفع لتوقّع الأسوأ.