حملة الانتخابات الجزائرية: أسبوع حاسم أمام الأحزاب والمستقلين

28 مايو 2021
تخوض أكثر من ألف قائمة الحملة (العربي الجديد)
+ الخط -

تدخل حملة الدعاية للانتخابات البرلمانية المبكرة في الجزائر أسبوعها الثاني والحاسم، قبل اختتامها في السابع يونيو/ حزيران المقبل. وتخوض أكثر من ألف قائمة الحملة لإقناع الناخبين ببرامجهما ومرشحيها، في ظل ظروف سياسية واجتماعية، صعبت بعض الشيء من مهمة المرشحين في مخاطبة الناخبين، على الرغم من التفاؤل الكبير الذي يبديه المرشحون وقادة الأحزاب السياسية بشأن مستوى التجاوب الشعبي، والتوقعات بأن يؤدي ذلك إلى ارتفاع في نسبة التصويت والمشاركة، مقارنة مع النسبة الضئيلة التي شهدها استفتاء تعديل الدستور في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.  

واجتازت الأحزاب السياسية والقوائم المستقلة المتنافسة في الانتخابات الجزائرية أسبوعها الأول بسلام، بعد سلسلة طويلة من التجمعات واللقاءات الحوارية مع الناخبين، بلغت أكثر من ألف تجمع ونشاط  انتخابي بحسب اللجنة المستقلة للانتخابات. وإذا كان هذا الرقم يعكس نشاطاً حثيثاً للأحزاب والمرشحين، فإنّه لا يعني بالضرورة وجود تجاوب شعبي مع المرشحين، وهو تجاوب يبقى متفاوتاً بين الأحزاب الكبيرة ذات الانتشار والإمكانات المادية، وبين القوى الفتية، وكذا بين المرشحين المستقلين الذين يتنافسون على مقاعد الولايات.

ولم تسجل خلال الأسبوع الأول لحملة الدعاية للانتخابات الجزائرية سجالات سياسية بين الأحزاب والمرشحين، إذ التزمت الأحزاب والقوائم المستقلة بالميثاق الانتخابي الذي كانت وقعت عليه في 19 مايو/ أيار الماضي، عشية بدء الحملة، كما غابت النقاشات السياسية الساخنة بين المرشحين وقادة الأحزاب في القنوات التلفزيونية ووسائل الإعلام، إذ تجنب الأخيرة إثارة وتنظيم نقاشات في السياق الانتخابي، تجنباً لملاحظات هيئة الانتخابات التي فرضت قيوداً على استغلال وسائل الإعلام في الدعاية الانتخابية، وهو ما فسره مراقبون على أنه نقطة سلبية في هذه الانتخابات.

 

ووصف الكاتب والمحلل السياسي عبد الحميد عثماني، الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية بأنه كان "هادئاً وخالياً من السجال السياسي"، وقال، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجزء الأول من الحملة مر بهدوء مجتمعي، لم يكن هناك استقطاب تنافسي، قياساً على التوترات التي شهدتها رئاسيات ديسمبر/ كانون الأول 2019 حيث كانت الأجواء مشحونة بين المؤيدين والرافضين للمسار الانتخابي".

ورأى أنّ "اللافت في خطاب الأحزاب تحديداً هو تركيزها على إقناع المواطنين بخيار الصندوق أكثر من عرضها لرؤى وبرامج محددة، وظهر أن أغلبها لا يملك أصلاً تصورات موضوعية دقيقة يقدمها للجمهور، لذلك طغت تصريحات شعبوية وحتى شاذة شكلت مادة دسمة للتهكم الإعلامي والتنكيت الشعبي".

وأضاف عثماني أنّ "صدى الحملة في الشارع الجزائري يبدو متفاوتًا بين الأحزاب التقليدية ذات الانتشار والتشكيلات الفتية، ويتركز أساساً في المناطق الداخلية بعيداً عن المراكز الحضرية الكبرى التي لا تزال غير مكترثة بالانتخاب، مع بروز التعبئة القبلية والعشائرية في بعض المناطق خاصة في ظل كثرة القوائم المستقلة".

اللافت في خطاب الأحزاب تحديداً هو تركيزها على إقناع المواطنين بخيار الصندوق أكثر من عرضها لرؤى وبرامج محددة

 

لكن بعض المرشحين يبدون ارتياحاً نسبياً لمستويات الإقبال والتجاوب الشعبي في الحملة الانتخابية. وأكد أستاذ القانون الدستوري نصر الدين معمري، وهو مرشح في قائمة "التحديات" المستقلة بولاية سطيف شرقي الجزائر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية كان فترة لجس نبض الشارع، والاحتكاك مع المواطنين، بعد فترة إرهاق سياسي نتيجة الحراك الشعبي وتداعياته"، مشيداً "بتجاوب المواطنين مع المرشحين، على خلفية وجود خطاب جديد ومرشحين شباب والمناخ السياسي الجديد ووجود هيئة مستقلة، وهو الأمر الذي سمح بتقلص كبير لكثير من الممارسات السابقة التي كانت تضر بمصداقية الانتخابات. 

وقال: "على ضوء ما لمسناه من تجاوب جماهيري سواء في العمل الجواري أو الإقبال على المداومات الانتخابية التي فتحناها في أول أسبوع، إضافة إلى التنافس الكبير بين القوائم، على سبيل المثال في ولايتنا سطيف والتي بلغ عددها 47 قائمة 21 منها لأحزاب و26 قائمة مستقلة، وهذا كله سيسهم في ارتفاع في نسبة المشاركة في اعتقادي، ودفع لتوجه فئات عريضة من الناخبين الى صناديق الاقتراع"، مضيفاً "أعتقد أنّ هناك عاملاً مهماً سيساهم في رفع نسبة المشاركة، وهو وجود وجوه جديدة قدمت خطاباً جديداً بديلاً عن الخطابات الانتخابية في الاستحقاقات السابقة".

 

وكان لافتاً خلال الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية غياب أي مظاهر للاحتجاج على المرشحين أو التشويش على التجمعات الانتخابية أو منعها من قبل الناشطين في الحراك الشعبي والمقاطعين للانتخابات، مثلما كان يحدث في الاستحقاقين الانتخابيين السابقين: الانتخابات الرئاسية التي جرت في ديسمبر/ كانون الأول 2019، والاستفتاء على الدستور الجديد في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إذ جرت التجمعات الانتخابية وحملات الدعاية في ظروف جيدة، خاصة بعد فرض السلطات إجراءات أمنية مشددة لردع المشوشين على التجمعات، وكذا التهديد بعقوبات مشددة والسجن في حق كل من يتورط في ما تصفه السلطات بأنه جرائم انتخابية أو تعطيل للانتخابات.

ومع بداية الأسبوع الثاني للحملة الانتخابية، وهو الحاسم، ترجح كل التوقعات ارتفاعاً كبيراً في نسق الحملة والأنشطة الدعائية وتصاعدا في المنافسة الانتخابية، قبل بداية الصمت الانتخابي بعد السابع من يونيو/ حزيران المقبل، تمهيداً لإجراء الانتخابات في 12 من الشهر. 

وفي هذا السياق، يقول الإعلامي نور الدين بلهواري، وهو مرشح في قائمة "حركة مجتمع السلم" بولاية تلمسان غربي الجزائر، إنّ الفترة الأولى من الحملة الانتخابية "كانت باهتة وبمثابة جس لنبض الشارع أكثر من كونه منافسة سياسية بين الأحزاب والقوائم الحرة، خوفاً من كتلة العزوف وتيار المقاطعة، في الأسبوع الأول لم تكن هناك أنشطة انتخابية كثيفة، لكن الآن تحركت الحملة خاصة مع بدء تحرك عدد من القوائم المستقلة، و مع بداية الأسبوع الثاني قد يرتفع نسق التنافس والسباق بين الأحزاب التقليدية التي تملك انتشاراً في الهياكل والمناضلين".