قال نائب رئيس مجلس السيادة السوداني قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، "حميدتي"، إن السجال الدائر بينهم كعسكرين مع المدنيين هدفه، من جانبهم، تصحيح المسار وإتاحة الفرصة لجميع القوى السياسية للمشاركة في المرحلة الانتقالية.
ونفى حميدتي، أثناء مخاطبته تجمعاً لقواته بمنطقة أم درمان، وجود رغبة عند العسكريين بالانقلاب على التحول الديمقراطي في البلاد، مجدداً حرصهم على التحول الديمقراطي، والوصول إلى صناديق الاقتراع، ليختار الشعب السوداني من يحكمه.
وأشار حميدتي إلى أن المكون المدني يريد منهم الصمت عن حالة فشل الحكومة التنفيذية، خصوصاً في إدارة الاقتصاد وحياة الناس، لافتاً إلى أن لديهم إحصاءات بأن كثيرا من السودانيين لا يأكلون إلا وجبة واحدة في اليوم نتيجة الظروف الاقتصادية الحالية.
وتعهد حميدتي بتنفيذ الترتيبات الأمنية الواردة في اتفاق جوبا للسلام بين الحكومة والحركات المسلحة، وتشكيل قوة خاصة بحماية المدنيين في دارفور، طبقاً لما جاء في الاتفاق، موضحاً أن المخرج من الأزمة الحالية هو توسيع مشاركة القوى السياسية في الفترة الانتقالية من دون فرز، باستثناء المؤتمر الوطني المحظور، حزب عمر البشير، منتقداً تشبث أحزاب الحرية والتغيير بالحكم.
من جهته، دعا رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم إلى وقف التصعيد بين المكون العسكري والمكون المدني، ووقف التراشق الإعلامي والعمل معاً من أجل العبور بالسودان إلى بر الأمان.
وحذر إبراهيم، الذي يشغل منصب وزير المالية في حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، من مغبة تعديل المعادلة السياسية الحالية بين العسكر والمدنيين، مشدداً على أهمية الإبقاء عليها لحين انتهاء الفترة الانتقالية.
إلى ذلك، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية دعمها عملية التحول الديمقراطي في السودان، مشيدة بحملات "وقف التغول" على الانتقال الديمقراطي.
جاء ذلك على لسان مساعد وزير الخارجية الأميركي بالإنابة بريان هنت، الذي وصل إلى الخرطوم اليوم الثلاثاء، في خضم توتر العلاقة بين المكون المدني والمكون العسكري داخل السلطة الانتقالية في السودان.
وأوضح هنت، عقب اجتماعه مع وزيرة ديوان الحكم الاتحادي بثينة دينار، أن واشنطن سعيدة بالخطوات التي قامت بها الجهات المختلفة لإيقاف العملية التي تستهدف التغول على الانتقال الديمقراطي في السودان أخيراً، مؤكداً أن الوثيقة الدستورية واتفاق جوبا لسلام السودان يمثلان مساراً ناجحاً لعملية التحول الديمقراطي، وطالب بتضافر جهود الجميع لدعم وإنجاح العملية الديمقراطية.
وأضاف أن واشنطن تدعم تطلعات الشعب السوداني وقضية الحريات في السودان. ومن جهتها، قالت دينار إن زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي بالإنابة تأتي في إطار دعم الولايات المتحدة الأميركية التحول الديمقراطي في السودان.
وأضافت أن اجتماعها معه وقف على تنفيذ اتفاق السلام وفق الوثيقة الدستورية، كما ناقش التعقيدات في شرق السودان وجهود الحكومة لحل القضية وإقامة مؤتمر الحكم فيه، مشددة على أنه لن يتحقق ذلك من دون تعاون شركاء الحكم في السودان وتخطيهم المشكلات التي تواجه الانتقال.
بدوره، قال رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان فولكر بيرتس إنه اتفق، خلال اجتماعه مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، على ضرورة التركيز على المهام الانتقالية والتقدم في المسار الانتقالي من خلال التعاون والحوار بين كافة الأطراف والمكونات، بما في ذلك المكونان العسكري والمدني وحركات الكفاح المسلح، لإنجاز مهام الفترة الانتقالية في السودان.
وأوضح بيرتس أن الاجتماع كان إيجابياً وبناءاً وتطرق إلى العديد من القضايا العالقة، إضافة إلى تطورات الوضع الراهن بعد إفشال المحاولة الانقلابية قبل أيام.
وأشاد بيرتس، حسب بيان من مجلس السيادة، بالتقدم الكبير الذي أحرز في السودان خلال العامين الماضيين، لافتاً إلى التقدم الملموس في المسار الانتقالي نحو الديمقراطية والسلم والاستقرار والعدالة، معربا عن أمله ألا يضيع هذا التوافق الذي أدى إلى التقدم في هذا المسار.
وأضاف أن مكتب الأمم المتحدة بالسودان هدفه مساعدة الشعب السوداني وكل المكونات لإنجاز الانتقال السياسي ودعم مفاوضات السلام وتطبيق اتفاق جوبا لسلام السودان، والعمل على بناء وترسيخ دعائم السلام في المناطق التي تأثرت بالحرب والحصول على معونات وموارد خارجية لدعم وإنجاز مهمة البعثة. وشدد على أن ذلك يتوقف إلى حد كبير على التوافق والمشاركة بين الأطراف السودانية.
ومنذ الثلاثاء الماضي، توترت العلاقات بين المكون العسكري والمكون المدني في السلطة الانتقالية، عقب محاولة انقلابية فاشلة، تبادل الطرفان تحميل مسؤوليتها، في حين يتهم المكون المدني نظيره المكون العسكري بالسعي نحو تصدر المشهد السياسي، وقلب الطاولة بإشراك قوى وتنظيمات يعتبرها موالية له.
وأمس الاثنين، تعهدت الأمم المتحدة بالتدخل لتشجيع الأطراف على الحوار البناء من أجل إنجاح عملية السلام والتحول الديمقراطي، كما أرسلت فرنسا مبعوثها إلى السودان السفير جان ميشيل دومند لتأكيد دعم فرنسا السودان.
وشدد دومند، في تصريحات صحافية عقب لقائه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، على ضرورة استمرار التعاون الذي صمد عامين بين المكونين المدني والعسكري، مؤكداً أهمية استمرار جميع القوى السياسية في التعاون على أساس النوايا الحسنة، وذلك لدعم الجهود التي تقوم بها الحكومة في سعيها لتحسين أوضاع مواطنيها بالبلاد.
وأضاف السفير أن اللقاء مع حمدوك تناول الطرق التي يمكن أن تدعم بها فرنسا "العملية الانتقالية المهمة جداً للسودان وبقية العالم، خاصة الجداول الزمنية المهمة التي تشمل الإعداد للدستور المستقبلي، وكذلك الإحصاء السكاني والسلام العادل وإصلاح القطاع الأمني الذي يبدأ بإصلاح الشرطة، وجميعها عمليات تتطلب وقتاً طويلاً"، مشدداً على أن كل هذه الأهداف مهمة للمستقبل.