- مصر تعمل على تشديد الإجراءات الأمنية ضد تهريب الأسلحة وتطالب إسرائيل بتسهيل دخول المساعدات إلى غزة، مع رفضها للعملية العسكرية الإسرائيلية المقترحة في رفح.
- خبراء في القانون الدولي يشيرون إلى أن المطالب الإسرائيلية بفرض قيود على الحدود المصرية تثير إشكاليات قانونية تتعارض مع مبادئ السيادة، مؤكدين على ضرورة التنسيق الكامل بين الدول.
كشفت مصادر مصرية مطلعة على تحركات القاهرة بشأن ملف الوضع في قطاع غزة عن اتصالات مصرية إسرائيلية على المستوى الأمني، جرت مطلع الأسبوع الحالي، وتناولت الوضع الأمني على الشريط الحدودي بين قطاع غزة وسيناء، وكذلك محور فيلادلفيا.
وقال مصدر مصري، لـ"العربي الجديد"، إن "الاتصالات جرت في إطار اللجنة العسكرية المشتركة المعنية بالتنسيق الأمني بين الطرفين في ما يتعلق بالوضع الحدودي، سواء في الأراضي المحتلة أو غزة، وتطرقت إلى مطالبات إسرائيلية بضرورة تشديد مصر الرقابة على الشريط الحدودي، لمنع هروب أي من قيادات حركة حماس، أو تهريب أسرى موجودين في قطاع غزة"، على حد تعبير المصدر.
وأوضح المصدر أنه "على الرغم من التأكيدات المصرية المتكررة بشأن ضبط الوضع الأمني على الحدود مع قطاع غزة، إلا أن الجانب الإسرائيلي يصر على بث تقارير استخبارية من وقت إلى آخر، بشأن وجود ثغرات تستغلها فصائل المقاومة لتهريب الأسلحة". وأضاف أن "آخر تلك التقارير كان تقريراً نقلته تل أبيب للإدارة الأميركية، ويشير إلى ثلاث نقاط بطول الشريط الحدودي المقدر بـ14 كيلومتراً مع قطاع غزة، ويزعم أنها مناطق رخوة يمكن استغلالها لهروب مقاتلين من غزة، أو تهريب أسرى إسرائيليين إلى سيناء".
مصدر مصري: القاهرة من جانبها تقوم بتشديد الإجراءات لمنع تهريب الأسلحة عبر الحدود
وأوضح المصدر المصري أن "القاهرة من جانبها، ومن دون انتظار أي ملاحظات، تقوم بتشديد الإجراءات لمنع تهريب الأسلحة، وذلك منذ عمليات مكافحة الإرهاب في سيناء ضد عناصر تنظيم داعش". وأوضح أنه "في المقابل، طالب المسؤولون في القاهرة نظراءهم في الجانب الإسرائيلي بضرورة لعب دور في تسهيل دخول المساعدات المكدسة عند معبر كرم أبو سالم إلى غزة، وذلك للحد من الأزمة الإنسانية، وبالتبعية تفادي الوصول إلى لحظة الانفجار البشري والإنساني في ظل تردي الأوضاع المعيشية".
موعد العملية العسكرية في رفح
وعلى صعيد العملية العسكرية التي تعتزم إسرائيل تنفيذها في رفح، كشف المصدر أن "الجانب الإسرائيلي رفض، خلال محادثات مع المسؤولين في القاهرة، تحديد موعد واضح لبداية توسيع العمليات العسكرية في المنطقة المكتظة بالنازحين". وقال إن "المسؤولين العسكريين في الجانب الإسرائيلي أكدوا أن مثل هذه الخطوة تحتاج إلى قرار من مجلس الحرب الإسرائيلي"، لافتاً إلى أن القاهرة "طلبت وجود تنسيق كامل في تلك الخطوة قبل اتخاذها أو الإقدام عليها، على الرغم من رفضها بشكل قاطع، وتبذل جهوداً واسعة لمنعها نظراً لتداعياتها الوخيمة على المنطقة بالكامل وليس على مصر فقط".
في المقابل، نفى مصدر قيادي في حركة "حماس" "الترويج الإسرائيلي لمحاولات قيادات الحركة في القطاع الخروج منه"، معتبراً أن "مثل تلك الادعاءات هدفها المساس بالروح المعنوية وصمود شعبنا". وشدد في تصريح لـ"العربي الجديد" على أن "قيادة الحركة، سواء السياسية أو العسكرية، موجودة، ولن تغادر غزة تحت أي ظرف، وأي حديث بشأن خروجها ضمن تسويات أو اتفاقات غير حقيقي ولم يجر التطرق إليه".
وحول الوضع على الشريط الحدودي، كشف عن "تنسيق بين الحركة والقاهرة لضبط الأوضاع الأمنية ومنع اقتحام الحدود"، لافتاً إلى أن هناك "تنسيقاً واسعاً في ما يتعلق بإدارة المخيمات الإغاثية المصرية في مناطق الجنوب".
إشكاليات قانونية للمطالب الإسرائيلية حول الحدود
وفي هذا السياق، قال أستاذ القانون الدولي العام والخبير في النزاعات الدولية محمد محمود مهران، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "المطالب الإسرائيلية التي تريد أن تفرض العديد من القيود على الحدود المصرية بشأن محور فيلادلفيا تثير إشكاليات قانونية عديدة، وتتعارض مع مبادئ السيادة والسلامة الإقليمية للدول". وأضاف: "أي إجراءات أمنية على الحدود يجب أن تتم بالتنسيق والاتفاق الكامل بين الدول المعنية، وفي هذه الحالة بين مصر وقوات الاحتلال الإسرائيلي، من دون أن يكون لطرف الحق في فرض إرادته بشكل أحادي".
وشدد على أن "القانون الدولي يكفل لكل دولة الحق في السيادة الكاملة على أراضيها وحدودها، وأن أي تدابير أمنية أو عسكرية داخل الإقليم الوطني تخضع لسلطتها الحصرية، ولا يجوز التدخل فيها من قبل أي طرف خارجي من دون موافقتها الصريحة"، مشيراً إلى أن "الاتفاقيات الثنائية الموقّعة بين مصر وإسرائيل، بما في ذلك معاهدة السلام واتفاقية ترسيم الحدود، تنظم الترتيبات الأمنية في المناطق الحدودية، وتحدد حقوق والتزامات كل طرف بشكل واضح".
وأوضح الخبير الدولي أنه "في حال رغبت إسرائيل في تعديل هذه الترتيبات أو إضافة إجراءات جديدة، فإن ذلك يتطلب التفاوض والتوصل إلى اتفاق مع الجانب المصري، من دون إملاءات أو ضغوط أحادية الجانب".
كما أكد مهران أن "العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والاتفاقيات الثنائية بين البلدين إذا حصلت، كونها تأتي من دون موافقة مصر، وهي تنتهك القانون والاتفاقيات الموقّعة بين الطرفين". واعتبر مهران أن مصر "لها كامل الحق في رفض المطالب الإسرائيلية وإدانة العملية العسكرية في رفح، كونها تمس سيادتها وتتعارض مع القانون الدولي والاتفاقيات الثنائية"، مشدداً على "أهمية احترام المجتمع الدولي حق مصر في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أراضيها وأمنها القومي".
مهران: العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والاتفاقيات الثنائية
من جهته، قال الباحث في العلوم السياسية والمختص بالشؤون الإسرائيلية مأمون أبو عامر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "هناك حساسية لدى الجانب المصري تجاه سيطرة الاحتلال على محور فيلادلفيا، وربما يكون ذلك تحدياً بالنسبة له، وإشكالية ليست سهلة، وهناك حديث أيضاً عن تعويض عن السيطرة على المحور، بأن تتبنى إحدى الدول بناء جدار أسفل خط الحدود لمنع تهريب ما يسمى بالوسائل القتالية من رفح المصرية إلى قطاع غزة"، مضيفاً: "الجانب المصري سبق أن منع عمليات التهريب وقام بهدم الأنفاق".
ولفت إلى أن "فكرة وجود جدار أسفل الحدود مع مصر، كما هو موجود عند الحدود بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتله، أمر لم يحسم حتى الآن من الناحية العملية، كما لم تحسم مسألة كيفية الذهاب إلى عملية عسكرية، وطبيعة هذه العملية، فالإدارة الأميركية تصر على إخلاء مدينة رفح مسبقاً، كما أن هناك مطالبة بأن تكون العملية محدودة".
وبالنسبة للبدائل التي تُطرح لعملية رفح، قال أبو عامر إن "حديث الإدارة الأميركية يتشابه مع خطة المرحلة الثالثة من العمليات المركزة المحدودة ضد أهداف لحركة حماس، لكن (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتنياهو لا يريد ذلك، فهو لا يريد قتال ما يسمى بالوحدات القتالية أو كتائب حماس الأربع في رفح، إنما يريد تدمير المنطقة بالكامل، كما بقية محافظات غزة التي شهدت قتالاً بين المقاومة والاحتلال، إلا أن القتال لم يكن السبب في هذا الدمار، بل إن آلة الحرب الإسرائيلية كانت تتعمد إحداث الدمار". وأضاف: "لا يزال نتنياهو يصر على النمط الذي يريده في الحرب، وهذا يخالف رغبة الإدارة الأميركية بتخفيف وتيرة المواجهة والتدمير والقتل، وتخفيف استهداف المدنيين، لكن هذا النمط غير مقبول".