- تتضمن مسودة وثيقة هدنة "الستين يوماً" وقف الأعمال الحربية بين حزب الله وإسرائيل، مع شروط إسرائيلية تعتبرها الأوساط اللبنانية غير متوازنة.
- أكد نجيب ميقاتي أن توسيع إسرائيل لعدوانها يعكس رفضها للمساعي الدبلوماسية، داعياً المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته، ومؤكداً على أهمية دور "يونيفيل" في الجنوب اللبناني.
الآمال تتضاءل في لبنان بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار
إسرائيل تناور وتريد كسب الوقت وترتكب مجازر للضغط على لبنان
ميقاتي يبحث مع قائد "يونيفيل" العدوان الإسرائيلي المتمادي
نقلت وكالة رويترز عن مصدر سياسي لبناني كبير ودبلوماسي رفيع المستوى، قولهما إن المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين طلب من لبنان هذا الأسبوع إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد مع إسرائيل، في إطار الجهود الرامية لدفع المفاوضات التي تهدف إلى إنهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان. وقال المصدران إن هوكشتاين نقل المقترح إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
ونفت أوساط ميقاتي لـ"العربي الجديد" طلب الولايات المتحدة من لبنان وفقاً لإطلاق النار من جانب واحد، في وقت قال النائب في البرلمان اللبناني عن كتلة حركة أمل (يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري) قاسم هاشم لـ"العربي الجديد"، إن "كل ما يجري الحديث عنه حول مسودة الهدنة هو مجرد كلام، وفي إطار الإعلام"، مضيفاً أن لبنان لن يسير بهذه الطروحات حكماً، ولن يقبل بأي اعتداء على السيادة اللبنانية أو انتقاص من السيادة وحقوق لبنان وهذا مرفوض من الأصل.
ويأتي هذا في وقت تتراجع الآمال في لبنان بقرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، خصوصاً في ظلّ شروط إسرائيلية تصفها أوساط حكومية بـ"التعجيزية"، يحاول الاحتلال فرضها بقوة النار عبر تكثيف غاراته ومجازره جنوباً وبقاعاً، مستأنفاً فجر اليوم الجمعة قصف الضاحية الجنوبية لبيروت، علماً أن الأوساط لا تزال تعتمد في المقابل على الجهود الدبلوماسية المكثفة للتوصّل إلى هدنة تفضي إلى إطلاق مفاوضات غير مباشرة لإنهاء الحرب.
وزاد منسوب "التشاؤم" عند المسؤولين اللبنانيين مع عدم تحديد هوكشتاين حتى الساعة موعداً لزيارة بيروت، بعدما أنهى جولته في تل أبيب، بحيث كان يُنتظر أن يعود في حال حمل بيده أي تقدّم إيجابي، فيما أصدر مكتب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أمس الخميس، بياناً أشار فيه إلى تمسّكه بضمان تحقيق أمن إسرائيل في أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع حزب الله، متوجهاً إلى الموفدين الأميركيين هوكشتاين وبريت ماكغروك بالقول إنّ "المسألة الرئيسية هي قدرة إسرائيل وتصميمها على فرض احترام الاتفاق، ومنع أي تهديد لأمنها مصدره لبنان".
وأتى استئناف قصف الاحتلال الإسرائيلي للضاحية الجنوبية لبيروت في ساعات منتصف الليل بعد توقف منذ يوم الأحد الماضي، وبالتزامن مع إنهاء هوكشتاين جولته، ما وُضِع في إطار عرقلة كلّ المساعي الدولية، واستمرار تمسّك الاحتلال بفرض حلول سياسية تحت النار، وهو ما يرفضه الجانب اللبناني. وبحسب مسودة وثيقة هدنة "الستّين يوماً" المُسرّبة إعلامياً، فإنّ من أبرز بنود المقترح وقف كامل الأعمال الحربية بين حزب الله والاحتلال، واحتفاظ إسرائيل بحق التحرّك عسكرياً ضد التهديدات، وذلك بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية، وتطبيق القرارات الدولية بما فيها القرار 1701 الذي أنهى حرب يوليو (تموز) 2006، وسحب إسرائيل قواتها من لبنان خلال سبعة أيام من وقف القتال، وحصول الجيش اللبناني على دعم دولي أميركي لتعزيز قدراته للانتشار على الحدود، وتحمّله كامل المسؤولية عن تطبيق الاتفاق في الجنوب، مع انتشاره في النقاط التي ينسحب منها جيش الاحتلال، وغيرها من البنود.
شروط إسرائيلية تعجيزية وغير متوازنة
في الإطار، تقول أوساط حكومية لبنانية لـ"العربي الجديد"، إنّ "لبنان لم يرفض اقتراح الهدنة، وهو لا يزال يطالب بوقف إطلاق النار وإجراء مفاوضات غير مباشرة خلال هذه المدة، لكن هناك شروطاً إسرائيلية لا يمكن القبول بها، فهي ضد المصلحة اللبنانية، وتُعدّ تعجيزية وغير متوازنة". وترى الأوساط أن "إسرائيل تناور وتريد كسب الوقت، وترتكب سلسلة مجازر للضغط على لبنان للقبول بشروطها، لكن ذلك لن يحصل وما زلنا نأمل أن نتوصّل إلى اتفاقٍ لوقف إطلاق النار"، مشددة على أنّ "لبنان متمسك بالقرار 1701 بكل مندرجاته، ووقف إطلاق النار يجب أن يتم من الطرفين، بالإضافة إلى وقف كامل للطلعات الجوية الإسرائيلية".
من جانبه، يقول مصدرٌ نيابيٌّ في حزب الله لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحزب، كما قلنا سابقاً، فوّض الملف السياسي لرئيس البرلمان نبيه بري، وكلنا ثقة بالحراك الذي يقوم به إلى جانب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وهما يعلمان مصلحة لبنان وما تقتضيه السيادة اللبنانية". ويشير المصدر إلى أنّ "حزب الله قال منذ اليوم الأول إنه لا يريد الحرب، ولا يزال على موقفه، ولكنه أكد في المقابل أنه سيردّ على كل استهداف، وهو جاهزٌ وعلى أتمّ استعدادٍ لأي احتمال أو سيناريو، ولا يزال، ويمتلك القدرات العسكرية لذلك، وأشار أيضاً إلى أنّ كل ما تأتي به الوفود الدولية، ولا سيما الأميركية، يصبّ في مصلحة الأجندة الإسرائيلية، ويخدم أهداف العدو، وهذا الأمر يتكرّر عند كل حراك يحصل، واليوم هناك محاولة لفرض شروط إسرائيلية غير متوازنة، فكيف يمكن القبول بإعطاء صلاحية للتدخل الإسرائيلي خلال فترة الهدنة؟".
ويلفت المصدر إلى "أننا لا نثق بالإسرائيلي، ومن خلفه الأميركي، ولكننا لسنا الجهة المعرقلة، بل نتنياهو، ومع ذلك، نحن مستعدون لوقف إطلاق النار ولتفاوض غير مباشر خلال فترة الهدنة، لكننا لن نقبل بما يمسّ مصلحة لبنان، ولن نتفاوض تحت النار".
ميقاتي: عناد إسرائيلي في رفض الحلول
في السياق، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، اليوم الجمعة، إنّ "توسيع العدو الإسرائيلي مجدداً نطاق عدوانه على المناطق اللبنانية وتهديداته المتكرّرة للسكان بإخلاء مدن وقرى بأكملها، واستهداف الضاحية الجنوبية لبيروت مجدداً بغاراتٍ تدميرية، كلّها مؤشرات تؤكد رفضه كل المساعي التي تُبذَل لوقف إطلاق النار تمهيداً لتطبيق القرار 1701 كاملاً". وجدّد "التزام لبنان الدائم بالقرار الأممي ومندرجاته"، معتبراً أنّ "التصريحات الإسرائيلية والمؤشرات الديبلوماسية التي تلقاها لبنان تؤكد العناد الإسرائيلي في رفض الحلول المقترحة والإصرار على نهج القتل والتدمير، مما يضع المجتمع الدولي برمته أمام مسؤولياته التاريخية والأخلاقية في وقف هذا العدوان".
وبحث ميقاتي مع القائد العام للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) الجنرال أرولدو لازارو، اليوم، العدوان الإسرائيلي المتمادي على لبنان والصعوبات والتهديدات التي تواجهها القوة الأممية في مهامها. وجدّد رئيس الحكومة خلال الاجتماع، "التعبير عن تقدير لبنان للجهود الشاقة التي تبذلها يونيفيل في هذه المرحلة الصعبة، والتمسك بدورها وبقائها في الجنوب وبعدم المسّ بالمهام وقواعد العمل التي أنيطت بها والذي تنفذه بالتعاون الوثيق مع الجيش".
وعبّر رئيس الحكومة "عن إدانته للاعتداءات الإسرائيلية على يونيفيل والتهديدات التي توجه إليها"، مقدّراً "إصرار العديد من الدول الصديقة للبنان على استمرار يونيفيل في عملها في الجنوب". من جهته، قال مصدرٌ في "يونيفيل" لـ"العربي الجديد"، إننا "نأمل أن يتوصّل الأطراف جميعاً إلى حلٍّ في أقرب وقتٍ ممكنٍ، لأن كلّ تأخيرٍ لن يكون مفيداً وستكون له تأثيرات على المنطقة ككلّ"، مشدداً على أنّ "الحلّ الدبلوماسي السياسي لا يزال ممكناً، وهو المسار الوحيد للاستقرار وإنهاء الحرب"، معبّراً عن "قلقٍ بالغٍ إزاء التطورات العسكرية، ما يحتّم وقف إطلاق النار من دون أي تأخير".
وكان ميقاتي قد قال، الأربعاء الماضي، إن هوكشتاين أوحى له بإمكانية الوصول إلى أمور إيجابية على صعيد وقف إطلاق النار قبل 5 نوفمبر/ تشرين الثاني المُقبل موعد الانتخابات الأميركية. وبانتظار نتائج الحراك الأخير، تشهد المواجهات بين حزب الله والاحتلال تصاعداً عنيفاً، سواء على مستوى الاشتباكات البرية على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، أو استهدافات المقاومة لمواقع وتجمّعات عسكرية في العمق الإسرائيلي، أو لناحية تكثيف الاحتلال غاراته على البلدات والقرى سواء جنوباً أو في البقاع وبعلبك الهرمل، حيث يرتكب مجازر يومية تؤدي إلى سقوط العديد من الشهداء، ومعاودته فجر اليوم قصف الضاحية، مع تسجيل دمار هائل وتهجير واسع، طاول أمس مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين في صور، بعد إصدار أمر بإخلائه.