أكد خبراء في كل من "معهد تونس للسياسة" و"شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية"، اليوم الخميس، أنّ الدستور الحالي يكرّس حكم الفرد الواحد، والإقصاء، مشددين على أنّه لا بُدّ من حوار وطني للخروج من الأزمة الخانقة التي تمرّ بها البلاد.
جاء ذلك خلال مؤتمر عقد اليوم لبحث موضوع "حوار وطني حول الدستور، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحريات"، بمشاركة عدة مختصين وخبراء في القانون العام.
وقال مدير "معهد تونس للسياسة" أحمد إدريس، إنّ "هناك عدة فصول في الدستور الجديد تطرح إشكالات، ولا سيما في ما يتعلق بالحقوق السياسية التي أصبحت اليوم مهددة"، مبيّناً أنّ "القانون الانتخابي لا يحترم المبادئ المنصوص عليها، وكذلك الحقوق والحريات، وهناك تراجع اليوم في الحقوق وفي الضمانات الدستورية".
وتابع، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "مؤتمر اليوم مخصص للنظر في الدستور الحالي ومناقشة تأثيراته في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وأنّ تغيير الدستور، في 2022، يعكس تغييرات جديدة لم تكن موجودة في دستور 2014، وتوجهات للتقليص من الضمانات، وتأكيد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بشكل أقل مما كانت عليه"، مشيراً إلى أنّ "الحوار مفقود منذ سنوات".
وأضاف إدريس أنّ "الحوار الذي حصل في 2013 بقيادة الرباعي الراعي للحوار، والذي أخرج تونس من أزمتها، مطلوب اليوم"، مؤكداً أنه "رغم وجود دستور جديد، إلا أنّ ذلك لم يخرج تونس من أزمتها، والمطلوب اليوم حوار بين الفرقاء، لأنه لا مخرج للأزمة إلا بالحوار. لكن للأسف لم نخلق الظروف الملائمة لذلك".
ولفت إدريس إلى أنه "لا بُدّ من وضع التصورات التي تخرج تونس من عنق الزجاجة".
من جهته، قال أستاذ القانون العام عبد الرزاق المختار، إنّ "الدستور الجديد محلّ عديد من الانتقادات، وفي الوقت الذي كان يجب أن يحظى باتفاق واسع، فقد كان محلّ جدل"، محذراً من أنّ "هذه التجربة تبعث على الكثير من الهواجس والتخبط، فما إن نتقدم في مرحلة وفي محطة من المحطات، إلا ونكتشف عيوباً في الدستور وفي القانون الانتخابي".
ولاحظ المختار أنّ "الوثيقة الحالية من الدستور، بدل أن تكون وسيلة لحلّ الإشكاليات، ولصناعة عقد اجتماعي بين الفرقاء، تحوّلت إلى وثيقة لصناعة الأزمات"، مضيفاً أنه "لا بد من صناعة ضغط وفرض حوار للخروج من الأزمة الخانقة التي تعيشها البلاد".
وفي 15 سبتمبر/ أيلول الماضي، أجرى الرئيس التونسي قيس سعيّد تعديلات على القانون الانتخابي الصادر عام 2014، باعتماد طريقة الاقتراع على الأفراد عوضاً عن القوائم واعتماد مبدأ سحب الوكالة وتقليص عدد النواب من 217 إلى 161، منهم 10 نواب عن الجالية بالخارج.
والانتخابات التشريعية المبكرة المقبلة، في 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، أحد إجراءات الرئيس سعيّد الاستثنائية، سبقها حلّ البرلمان ومجلس القضاء وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وإقرار دستور جديد للبلاد عبر استفتاء أُجري في 25 يوليو/ تموز الماضي.
المدير التنفيذي لـ"المعهد العربي لرؤساء المؤسسات" مجدي حسن، أكد أنّ "الإشكال سابقاً وفي أغلب القوانين الموجودة في تونس كان في التنفيذ، فأغلب القوانين لا تنفذ، ولكن اليوم برزت نوعية جديدة من الإشكاليات، وهي الغموض والتباين في القوانين نفسها"، لافتاً إلى أنّ "أي وضع ومأزق يتطلب إصلاحات، ولكن في الظرف الحالي يحتاج الإصلاح لكثير من الوقت، وأن تكون الإصلاحات واقعية، ما يتطلب حواراً ونقاشاً، وليس إقصاءً لمكونات المجتمع المدني والسياسي".
وأكد الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل أنور بن قدور، أنّ "الدستور الحالي يكرّس الحكم الفردي، وأغلب المؤسسات التي تبنى عليها الديمقراطية من مراقبة ومساءلة تم ضربها"، مضيفاً أنّ "القانون الانتخابي يكرّس الإقصاء ويفتح الباب أمام الفساد".
وأشار إلى أنّ هناك "محاولات لضرب الحق النقابي والحق في التظاهر والإضراب"، مبيناً أنه "على مستوى الحقوق والحريات هناك شبه اتفاق على ضرب هذه المكاسب".