خلاف بين حلفاء أوكرانيا حول ضرب أهداف روسية بأسلحة غربية خوفاً من ردٍ نووي

29 مايو 2024
انفجار صاروخ روسي في حي سكني في مدينة خاركيف الأوكرانية، 10 مايو 2024 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أوكرانيا تطلب استخدام الأسلحة الغربية لضرب أهداف في روسيا، مما يثير انقسامًا بين حلفائها وتحذيرات من خطر التصعيد واستخدام روسيا للسلاح النووي.
- البيت الأبيض يرفض طلب زيلينسكي لرفع القيود على استخدام الأسلحة الأمريكية ضد روسيا، بينما يؤكد ماكرون على ضرورة تحييد القواعد الروسية المهاجمة.
- الاتحاد الأوروبي منقسم حول إرسال مدربين عسكريين لأوكرانيا، بينما يدعم الناتو حق أوكرانيا في الدفاع عن نفسها وتستعد لقمة السلام في سويسرا مع تأكيدات على الدعم من بلجيكا والبرتغال.

فيما تطالب أوكرانيا بإتاحة استخدام الأسلحة التي يقدمها الغرب لضرب أهداف عسكرية في روسيا، تثير القضية انقساماً شديداً بين حلفاء كييف. ومن الدول الأكثر تحفظاً إيطاليا وألمانيا اللتان تحذّران من خطر التصعيد، بالإضافة إلى احتمال لجوء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى استخدام السلاح النووي.

وحذّر بوتين، الثلاثاء، من "عواقب خطيرة" إذا أعطت الدول الغربية موافقتها لأوكرانيا على استخدام أسلحتها لضرب الأراضي الروسية، وهو ما أثار مخاوف من لجوئه إلى استخدام السلاح النووي. واعتبر بوتين أن الأمر يمثل تصعيداً، لأنه حتى لو كان الجيش الأوكراني هو من سينفذ الضربات، إلا أن إعدادها سيتم من قبل الغربيين الذين يزودونه بالأسلحة.

وأوضح أن "المهمة لا يتم إعدادها من قبل الجيش الأوكراني، ولكن من قبل ممثلي دول حلف شمال الأطلسي (ناتو)"، متهماً الغرب بالرغبة في إثارة "نزاع عالمي". وفي مارس/آذار الماضي، حذر بوتين من أنّ بلاده مستعدة من وجهة النظر العسكرية - التقنية لحرب نووية، جازماً في الوقت نفسه بأنّ بلاده لن تلجأ إلى استخدام السلاح النووي إلا في حال نشوب تهديد وجودي لها.

وفي خط أحمر آخر، يدرس حلفاء كييف بشكل مكثف إمكانية إرسال مدربين عسكريين إلى أوكرانيا لمساعدة جيشها الذي يواجه صعوبة في صد القوات الروسية. وإذا كانت بعض الدول، مثل فرنسا، تدرس هذا الأمر وتناقشه مع أوكرانيا، إلا أن دولاً أخرى أبدت تحفّظها.

وأعلنت كييف، الاثنين، أن مدربين فرنسيين سيصلون قريبا إلى البلاد لتدريب القوات الأوكرانية، قبل أن تتراجع لتشير إلى أنها لا تزال تجري محادثات مع باريس وحلفاء آخرين بشأن هذه القضية. ورداً على سؤال حول هذا الملف، أكد بوتين أن هؤلاء المدربين "موجودون هناك" في أوكرانيا "كمرتزقة".

ورفض البيت الأبيض، الثلاثاء، طلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رفع قيود مفروضة على استخدام كييف أسلحة وفّرتها الولايات المتحدة لضرب أراض روسية. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي في مؤتمر صحافي: "لا تغيير في سياستنا في هذه المرحلة. إن استخدام أسلحة وفّرتها الولايات المتحدة لتوجيه ضربات داخل روسيا أمر لا نشجّعه ولا نسمح به".

من جهته، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، على ضرورة السماح لكييف "بتحييد" القواعد العسكرية الروسية التي تطلق منها قوات موسكو الصواريخ على أوكرانيا، في خضمّ نقاش حول استخدام الأسلحة الغربية في روسيا. وفي مؤتمر صحافي مشترك مع المستشار الألماني أولف شولتز عقداه في قصر ميسبيرغ بالقرب من برلين، قال ماكرون: "نعتقد أنه يتعين علينا السماح لهم بتحييد المواقع العسكرية التي تطلَق منها الصواريخ، ومن حيث تتعرض أوكرانيا للهجوم".

وأوضح ماكرون في ختام زيارته إلى ألمانيا "إذا قلنا لهم ليس من حقكم بلوغ النقطة التي تطلق منها الصواريخ، ففي الحقيقة نقول لهم نحن نسلمكم الأسلحة لكنكم لا تستطيعون الدفاع عن أنفسكم". وشدد على أنه "يجب ألا نسمح لهم بالتعرض لأهداف أخرى في روسيا، خاصة القدرات المدنية".

وأكد ماكرون "نحن لا نريد التصعيد... ما تغير هو أن روسيا قامت بتعديل ممارساتها بشكل طفيف، وباتت تهاجم أوكرانيا من قواعد في روسيا". من جهته، بدا المستشار الألماني أكثر مراوغة وقال: "لدى أوكرانيا كل الإمكانية للقيام بذلك، بموجب القانون الدولي... يجب أن نقول صراحة إنها تعرضت للهجوم ويمكنها الدفاع عن نفسها".

إلى ذلك، كشف منسق الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الثلاثاء، أن الدول الأوروبية منقسمة بشأن إرسال مدربين عسكريين إلى أوكرانيا. وقامت دول الاتحاد الأوروبي بتدريب 50 ألف جندي أوكراني على أراضيها في إطار مهمة تشكلت عام 2022.

وقال بوريل إن وزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي الذين اجتمعوا في بروكسل الثلاثاء، ناقشوا نقل جزء من برنامج التدريب الخاص بالتكتل إلى الأراضي الأوكرانية. وأضاف بوريل بعد المحادثات "كان هناك نقاش، لكن لا يوجد موقف أوروبي مشترك واضح بشأن ذلك"، مردفا "ليس هناك إجماع".

وأشار بوريل إلى أن المؤيدين اعتبروا أن إرسال مدربين إلى أوكرانيا سيجعل التدريب أقرب إلى "سيناريو حرب". وفي المقابل، قال المعارضون إن هناك مخاطر كبيرة قد تنجم عن إرسال قوات عسكرية إلى أوكرانيا، وفق ما نقل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي. وأضاف بوريل "أنتم تعلمون أن هناك وجهات نظر مختلفة في الدول الـ27 (في الاتحاد الأوروبي)"، متابعاً "لكن الأمور تتغير".

في موازاة ذلك، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، ينس ستولتنبرغ، تأييده لأن تستخدم أوكرانيا الأسلحة المقدمة من الدول الحليفة في ضرب أهداف في الأراضي الروسية. وفي تصريحه للصحافيين قبل اجتماع وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، قال ستولتنبرغ: "هاجمت روسيا قارة أخرى واحتلت دولة أخرى، ولأوكرانيا أيضا الحق في الدفاع عن النفس، وفقا للقانون الوطني، وهذا يشمل حقوقها بضرب أهداف عسكرية في روسيا".

وأضاف ستولتنبرغ: "إذا لم يتمكنوا (الأوكرانيون) من ضرب الأهداف العسكرية على الجانب الآخر من الحدود، فسيكون من الصعب الدفاع عن أنفسهم". وأشار إلى أن السماح باستخدام الأسلحة المورّدة من الدول الحليفة لضرب الأراضي الروسية تقرره الدول التي قدمت السلاح.

وأكد أن بعض الحلفاء يفرضون قيودا على استخدام الأسلحة بهذا الصدد، والبعض الآخر لا يفعل ذلك، وأنه ينبغي إعادة النظر في هذه القيود. وأثار تصريح ستولتنبرغ الذي "يطلب فيه من الدول الحليفة التي تزود أوكرانيا بالأسلحة التراجع عن قراراتها بعدم استخدام أسلحة (ناتو) لضرب أهداف عسكرية في روسيا" جدلا بين الدول الحليفة. وأكد الأمين العام أن (ناتو) ليس جزءا من الحرب في أوكرانيا، وإنما هدفه الوقوف بجانب أوكرانيا في الدفاع عن نفسها.

وقبل ثلاثة أسابيع من قمة للسلام حول أوكرانيا تستضيفها سويسرا يومي 15 و16 يونيو/حزيران المقبل، حضّ الرئيس فولوديمير زيلينسكي نظيره الأميركي جو بايدن على المشاركة فيها. وقال الرئيس الأوكراني عن بايدن إن "غيابه سيكون بمثابة دعم لبوتين". وأكدت حوالي 90 دولة مشاركتها في القمة.

وخلال زيارته الخاطفة لبروكسل بعد توقّف الاثنين في مدريد، وقّع زيلينسكي ورئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو بالأحرف الأولى على اتفاقية ثنائية تنص على تسليم بلجيكا كييف 30 مقاتلة اف-16 بحلول 2028. وأعلن زيلينسكي أن اتفاقية المساعدة العسكرية "طويلة الأجل" تتضمن مساعدة من بلجيكا في تأمين الأسلحة والذخيرة والمدرعات بقيمة 977 مليون يورو في عام 2024 وحده. وقال أيضا إن أول طائرة من طائرات اف-16 الثلاثين الموعودة ستسلم "هذا العام".

وقالت الحكومة البلجيكية التي لا تزال تنتظر تسلّم مقاتلات اف-35 التي طلبتها لتستبدل تدريجيا أسطولها القديم من طائرات اف-16، إنها تأمل في تسليم كييف أول مقاتلة "إذا أمكن قبل نهاية العام". وفي براغ، أكد رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا أن أوكرانيا ستتسلم خلال الأيام المقبلة أولى القذائف من عيار 155 ملم التي تم شراؤها من خارج أوروبا كجزء من برنامج دولي تم تنفيذه بمبادرة من جمهورية التشيك، بقيمة 1.6 مليار يورو. وأوضح أن أوكرانيا ستتسلم عشرات الآلاف من هذه القذائف في يونيو/حزيران المقبل.

وتوجّه بعد ذلك زيلينسكي إلى لشبونة؛ حيث وقّع اتفاقا للتعاون الثنائي يتضمن مساعدة عسكرية برتغالية لعام 2024 بقيمة 126 مليون يورو. ومن لشبونة حذّر المجتمع الدولي من أنه "من المهم للغاية بالنسبة للأوكرانيين ألا يكلّ العالم" من هذه الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.

وفي 24 فبراير/شباط 2022، أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا وتشترط لإنهائها "تخلّي" كييف عن خطط الانضمام إلى كيانات عسكرية، ما دفع عواصم في مقدمتها واشنطن إلى فرض عقوبات اقتصادية شديدة على موسكو، وسط مخاوف دائمة من استخدام موسكو السلاح النووي في الحرب على أوكرانيا.

(فرانس برس، الأناضول، العربي الجديد)