خيارات محدودة أمام الجيش العراقي إثر العقوبات الغربية على روسيا

02 مارس 2022
تنتظر القوات العراقية تحديات لتأمين قطع الغيار والذخيرة الخاصة بالأسلحة الروسية(فرانس برس)
+ الخط -

 

تنتظر القوات العراقية التي ما زالت تخوض مواجهات شبه يومية مع جماعات تابعة لتنظيم "داعش"، في شمال البلاد وغربها ووسطها، تحديات جديدة تتعلق بتأمين قطع الغيار والذخيرة الخاصة بالأسلحة والمعدات الروسية، التي تشكل نحو 30 بالمائة من ترسانة الجيش العراقي، في حال مضيّ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بإجراءات صارمة لضمان تطبيق العقوبات، التي فرضتها على موسكو في الأيام الماضية.

في هذا السياق، يؤكد مسؤول عراقي بارز في بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن بلاده ستضطر أيضاً إلى إرجاء خطط شراء منظومة الدفاع الجوي أس 300، وكذلك إلغاء تفاهمات حول برنامج إعادة تأهيل مقاتلات سيخوي 25، ثانية مقاتلات سلاح الجو العراقي من ناحية العدد، بعد طائرات الـ "أف 16"، وكذلك شراء معدات وقطع غيار مختلفة، بُحثَت خلال زيارة أجراها وزير الدفاع العراقي جمعة عناد لموسكو في أغسطس/ آب الماضي.

وفي الوقت الذي يؤكد فيه خبراء عسكريون عراقيون وجود بدائل أخرى للعراق، يمكنه من خلالها تأمين الذخيرة وقطع الغيار للسلاح الروسي المستخدم حالياً، يعوّل آخرون على حصول العراق على استثناءات مماثلة للتي حصل عليها من واشنطن في ما يتعلق بتعاملاته مع إيران، في ظل العقوبات الأميركية المفروضة عليها منذ سنوات.

مساهمة روسية تصل إلى 30%

ورغم توجه العراق في تسليحه بعد الغزو الأميركي عام 2003 إلى الاعتماد على السلاح الأميركي في بناء الجيش الجديد، الذي أُسِّس على أنقاض الجيش السابق، ومولت واشنطن الجيش ببرنامج تسليح واسع بعشرات المليارات من الدولارات خلال الـ 19 عاماً الماضية، إلا أن السلاح الروسي ما زال يشكل رقماً مهماً في التسليح العراقي، بنحو 30 بالمائة، بعد إعادة ترميم ترسانة الجيش السابق وتأهيلها، التي تعود إلى الحقبة السوفييتية، وتوجه العراق بعد عام 2012 خاصة خلال فترة إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، إلى عقد صفقات عديدة مع موسكو في مجال التسليح.

ويستخدم العراق بشكل واسع أنواعاً مختلفة ومتعددة من الأسلحة الروسية، غالبها هجومي، وأبرز أنواع الأسلحة مروحيات "مي 28"، و"مي 35"، الهجومية، إلى جانب دبابات روسية متنوعة، أبرزها "تي 72"، و"تي 90"، و"تي 55"، ومدافع متوسطة المدى من طراز "أم 46"، و"هاوترز 122 ملم"، ومدرعات الـ "أم تي"، والـ "بي تي"، ومنظومات صواريخ "بانستر أس1"، إلى جانب صواريخ غراد وكاتيوشا ومدافع المورتر، وصواريخ الكورنت المضادة للدروع، وصولاً إلى السلاح المتوسط والخفيف.

العراق قد يرجئ إتمام تفاهمات مع روسيا

واليوم الأربعاء، قال مسؤول عسكري عراقي رفيع في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن بلاده قد تُرجئ إتمام تفاهمات مع روسيا حيال نية العراق شراء منظومة صواريخ أس 300 وبرنامج تأهيل سرب مقاتلات سيخوي 25، التي تعاني من مشاكل أغلبها تمنعها من الطيران.

وأضاف المسؤول أن العراق كان يخطط لشراء مروحيات استطلاع ليلية وأسلحة دفاع جوي روسية مختلفة، لكن التطورات الحالية قد تضع العراق في خانة الاصطفاف إذا أتمّ أي تفاهمات عسكرية مع روسيا".

ووفقاً للمسؤول ذاته، الذي طلب عدم ذكر اسمه، فإنّ "من المبكر الحديث عن طبيعة وكيفية تعامل العالم مع الأزمة الحالية، وإلى أي مدى ستصل أضرارها، لكن بالإجابة عن سؤال هل سيمضي العراق بتفاهمات التسليح مع روسيا، يمكن القول إن ذلك بات صعباً الآن".

بالإجابة على سؤال هل سيمضي العراق بتفاهمات التسليح مع روسيا يمكن القول إن ذلك بات صعبا الآن

الخبير بالشأن العسكري العراقي اللواء المتقاعد أحمد عبد الرحمن الآلوسي، قال لـ"العربي الجديد"، إنّ "من المهم أن يدرك العالم أهمية حاجة العراق إلى عدم تعطل أي جانب في ترسانته العسكرية، ووجوب دعم القوات العراقية، سواء في مواجهة الإرهاب أو مواجهة قوى تحاول منافسة الجيش والتقليل من قدرته على مسك الأرض"، على حد تعبيره.

ويضيف الآلوسي أن "العراق قد يحصل على ما يريده من ذخيرة روسية عبر دول تمتلك خطوط إنتاج حربي لهذا النوع من السلاح، مثل الصين وإيران ومصر، ونتحدث عن ذخيرة المدافع والدبابات والسلاح المتوسط والخفيف وقطع الغيار، لكن هذا لا يشمل الطائرات المروحية التي اشتراها العراق بالسنوات الماضية من موسكو (مي 28 ومي 35)، إضافة إلى منظومة الصواريخ (بانستر أس 1) حيث ما زالت موسكو تحتكر ذلك بنفسها، وهو ما يعني خروج تلك الأسلحة من الخدمة خلال عدة أشهر بعد نفاذ الذخيرة، أو حال احتياجها لقطع غيار أو صيانة عميقة".

ويتابع الآلوسي، قائلاً إن الحديث عن أهمية السلاح الروسي داخل الجيش العراقي الحالي "فيه مبالغة من عدة أوجه، أولها أن القوات العراقية لم تعد بمواجهات مفتوحة ومباشرة كما كانت بين 2014 و2017، والثاني أن الترسانة الأميركية بالمجمل موجودة لدى أركان الجيش العراقي البرية والجوية، بمعنى أنه في حال حدوث تعطيل، سيكون جزئياً ولا يمكن اعتباره خطيراً، لعدم وجود مواجهات مفتوحة أو استهلاك كبير للذخيرة بالوقت الحالي".

وفي عام 2012 وقّع العراق أولى صفقات التسليح الضخمة مع موسكو، بقيمة تجاوزت ملياراً و300 مليون دولار، لشراء 30 طائرة مروحية هجومية من طراز مي 28، و42 منظومة صواريخ أرض جو من طراز "بانتسير إ س 1" المتطورة، إضافة إلى مدرعات وأسلحة ثقيلة وآليات عسكرية أخرى، قبل أن يعقد صفقات تسليح أخرى لشراء مروحيات ومدافع ومنظومات صواريخ مختلفة، فضلاً عن شحنات ذخيرة بلغت ذروتها عام 2015 و2016.

وتوجه وزير الدفاع العراقي جمعة عناد سعدون في أغسطس/ آب الماضي، للمشاركة في معرض عسكري سنوي هناك. وقال في تغريدة على حسابه الرسمي بموقع "تويتر"، إنه ترأس الوفد المشارك في المعرض التقني العسكري الدولي في موسكو، الذي افتتحه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بحضور 17 وزير دفاع و25 رئيس أركان من مختلف دول العالم، وبمشاركة 50 دولة وأكثر من 100 شركة عالمية متخصصة في صناعة الأسلحة والمعدات المتطورة وتكنولوجيا الفضاء.

وأعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في ذلك الوقت عن "استعداد موسكو لتلبية أي طلب ستتلقاه من قبل العراق في مجال التسليح"، وفقاً لتصريحات أدلى بها عقب لقائه نظيره العراقي فؤاد حسين العام الماضي.

امتيازات

الخبير بالشأن السياسي العراقي، أحمد الحمداني، توقع أن يحصل العراق على امتيازات في ما يتعلق باستمرار تعاونه مع موسكو، في ظل العقوبات الدولية التي فرضت عليها.

وقال الحمداني لـ"العربي الجديد"، إنه "يجب أن نتذكر أن هناك ما يعرف بغرفة التنسيق الأمني الرباعي التي تجمع العراق وإيران وروسيا إلى جانب نظام بشار الأسد، والتي تأسست نهاية عام 2014 رداً على تأسيس الولايات المتحدة التحالف الدولي للحرب على الإرهاب، ورغم عدم فاعلية هذا التحالف الرباعي، لكنه نجح في البقاء ضمن إطار تنسيق معين أخذ أخيراً طابعاً سياسياً أكثر من كونه عسكرياً".

ويضيف الحمداني أن الطيران العسكري الروسي استخدم المجال الجوي العراقي الذي تسيطر عليه واشنطن بشكل فعلي خلال السنوات الأخيرة في نقل الإمدادات لقواته إلى سورية، حيث تعبر طائرات الشحن العسكرية من إيران إلى العراق ثم سورية باستمرار".

واعتبر أن العراق قد يجري التعامل معه دولياً على نحو مختلف، بمنحه استثناءً في المجال العسكري والتسليحي، لوجود معرفة أن التعاملات العسكرية بين العراق وموسكو غير مؤثرة مالياً بالعقوبات، ولا يمكنها أن تشكل رقماً مهماً للاقتصاد الروسي، على عكس ما هو الحال عليه بالنسبة إلى إيران بالسنوات السابقة.