استمع إلى الملخص
- التقارير تشير إلى استمرار الاستهداف والتدخل في القضاء بتونس، مع تأكيدات من جمعية القضاة ونشطاء على أن القضاء يمر بأصعب فتراته، مطالبين باستعادة استقلاليته.
- يُقترح توحيد الجهود بين المنظمات المدنية والنشطاء لتشكيل جبهة موحدة تعمل على إنقاذ القضاء وضمان استقلاليته، مع دعوات لإجراء حوار وطني شامل لإعادة تأسيس الديمقراطية.
دعا قضاة ومنظمات تونسية، اليوم السبت، إلى ضرورة توحيد الجهود لتكوين ائتلاف مدني أو جبهة موسعة تدافع عن القضاء التونسي وعن الحقوق والحريات، مؤكدين أنه لا بد من التمسك بمكاسب الثورة ووضع اليد في اليد للعودة إلى الديمقراطية.
وأكدت المنظمات والقضاة والناشطون بمناسبة مرور العام الثاني على إقالة عشرات القضاة من طرف الرئيس التونسي قيس سعيّد، على ضرورة استقلال القضاء الذي لا يزال مهدداً. وأضافوا في بيان أن إعفاءات القضاة من طرف الرئيس شكلت استهدافاً واضحاً وانتهاكاً صارخاً لحقوق القضاة.
وجاء في البيان أنه "بعد مرور عامين من الإعفاء التعسفي للقضاة والقاضيات، تشهد منظومة العدالة في تونس مؤشرات مفزعة تؤكد الاستهداف المتواصل لاستقلالية القضاء، خاصة مع تصاعد موجة الاعتقالات التي طاولت الصحافيين والصحافيات والمحامين والمحاميات والمعارضين السياسيين والمعارضات والنشطاء والناشطات والمدافعين والمدافعات عن الحقوق الإنسانية".
القضاء التونسي يعيش "محنة كبيرة"
يذكر أن الرئيس سعيد كان أصدر قرارات بإعفاء عشرات القضاة يوم 1 يونيو/ حزيران 2022. وبرغم قرار المحكمة الإدارية في تونس الصادر في أغسطس/آب 2022، والذي يأمر بإعادة 49 من القضاة الذين عُزلوا تعسفيّاً، لم تُعدْ وزارة العدل أيّاً من القضاة إلى مناصبهم حتى اليوم.
وقال رئيس جمعية القضاة التونسيين، أنس الحمايدي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "القضاء المستقل يبحث عن نفسه، فهو يعيش محنة كبيرة في ظل الهجمات المتكررة والإعفاءات المتواصلة بعد حلّ مجلس القضاء الشرعي وتعويضه بمجلس مؤقت". وبيّن الحمايدي أن "السلطة التنفيذية ووزارة العدل وضعتا أياديهم بالكامل على القضاء وعلى المسارات المهنية، ولا بد من عودة استقلالية القضاء".
ولفت إلى أن "القضاء التونسي يعيش أحلك فتراته منذ الاستقلال"، مؤكداً أن "القضاء التونسي أصبح قضاء السلطة، ولم يعد قضاء الدولة، لأن السلطة لا تتوانى عن إصدار التعليمات لاستضعاف نشطاء المجتمع المدني وكل الأصوات الحرة".
ورأى أن "الحل هو وضع الجميع اليد في اليد ومن دون استثناء، سواء المنظمات أو النشطاء السياسيون والمدنيون، والشخصيات الوطنية لبلورة خطة عمل وطني لإنقاذ القضاء الوطني".
من جانبه، قال عضو الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، جابر واجه، إن "هناك دعوة إلى ائتلاف أو جبهة وطنية موسعة تضم الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وعديد المنظمات من أجل بلورة توصيات وخطة عمل تهم الحقوق والحريات والملفات السياسية والاجتماعية وحرية الإعلام".
وأكد واجه في تصريح لـ"العربي الجديد " أنه "سبق أن تمت الدعوة في السابق إلى مثل هذه المبادرة، لكن اليوم هناك نقاش وتساؤلات مطروحة عن أي اتجاه سيتم اختياره؟ خاصة أن الحوار الوطني تم رفضه من رئيس الجمهورية في عدة مناسبات، فهل ينبغي مثلاً طرح حوار منفتح على مختلف التوجهات والحساسيات تشمل كل الملفات المطروحة".
وطرح أمثلة على هذه الملفات، كملف المساجين السياسيين وتجاوز عملية الفرز بينهم، والدفاع عن الجميع من دون استثناء، أو الدفاع عن الحقوق المدنية والسياسية؟
وتابع واجه أنه "بعد الذكرى المؤلمة لمرور سنتين من الإعفاءات التي شملت القضاة وبعد ثلاث سنوات من حالة الاستثناء التي تعيشها البلاد، جرى نسف كل المكتسبات وإفراغ الساحة السياسية والمدنية وضرب الأجسام الوسيطة من جمعيات وفاعلين سياسيين".
لعودة المسار الديمقراطي
وفي السياق، أكد عضو هيئة الدفاع عن القضاة المعفيين والوزير السابق، العياشي الهمامي أن "الاعتداء تم على استقلال القضاء لأغراض سياسية، والإعفاء الذي حصل للقضاة لم يكن لتطهير القضاء كما كانوا يدّعون، وإنما لفتح المجال أمام السلطة التنفيذية لتعيّن من تريد وتضع قضاة موظفين يطبقون التعليمات ولوضع النشطاء السياسيين ومخالفي الرأي في السجون". وبين الهمامي في تصريح لـ"العربي الجديد " أن "السجون مملوءة بالمعارضين من قضاة خضعوا للتعليمات".
لكن القاضي السابق، أحمد صواب في تصريح لـ"العربي الجديد" يرى أن "فكرة الائتلاف المدني كانت حتى قبل الثورة، وكانت تضم عدة منظمات وجمعيات، ولكن في 25 يوليو 2021 حصل انقسام في هذا التكتل، والبعض للأسف شرّع للانقلاب في 26 يوليو، واليوم صحّح موقفه والتدارك ممكن". وقال صواب إن "هناك عدة توازنات تغيّرت، سواء في الاتحاد العام التونسي للشغل أو هيئة المحامين أو جمعية الصحافيين، ولكن الشعلة الحقيقية كانت بتحرك شباب الثورة في مسيرة حاشدة وكان أهم حدث حرّك الشارع الأسبوع الماضي"، مضيفاً أن الحلّ يكمن في نجاح الثورة وعودة المسار الديمقراطي.