دعت أحزاب تونسية عديدة إلى انتخابات رئاسية مبكرة لتكون خطوة أولى في مسار إصلاحي، بعدما "أدارت غالبية الشعب التونسي ظهرها لمسار قيس سعيّد إثر نتائج الانتخابات التشريعية الضعيفة جداً".
وعقدت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس ندوة صحافية، الأحد، إثر إعلان هيئة الانتخابات التونسية عن نتائج المشاركة في الجولة الثانية، للانتخابات التشريعية، والتي أشارت إلى أنّ نسبة المشاركة في التصويت بلغت 11.15% فقط، بعد وقت وجيز من إغلاق صناديق الاقتراع.
وقال رئيس "الخلاص الوطني" أحمد نجيب الشابي، إنّ الجبهة "تشكك في نسبة المشاركة في الانتخابات التي أعلنتها الهيئة"، مؤكداً أنّ "حوالي 90% من الشعب قاطع هذا المسار".
وحذر الشابي من أنّ "تونس تعيش محنة ونحن على عتبة الإفلاس، لكن سلطة قيس سعيّد لا تكترث إلا بتشديد قبضتها على الحكم".
ودعا المنظمات المدنية (اتحاد الشغل ورابطة حقوق الإنسان وهيئة المحامين) إلى "الانتباه للأزمة السياسية، والكف عن تقسيم التونسيين بين أحزاب ومجتمع مدني".
ووجه الشابي رسالة إلى مكونات الساحة لـ"إنهاء الانقلاب والتعجيل بإنقاذ تونس"، مؤكداً أنّ هناك خطوات في هذا الاتجاه للتقارب ولكنه لا يزال بعيداً، داعياً إلى "رحيل قيس سعيّد وتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة تكون خطوة أولى لمسار إصلاحي كامل".
من جهتها، قالت نائبة رئيس البرلمان المنحل سميرة الشواشي، إنّ "الشعب التونسي أصدر اليوم حكمه الاستئنافي النهائي، بعد الحكم الابتدائي في الدور الأول من الانتخابات في 17 ديسمبر/كانون الأول، بإنهاء ما سمي بمسار 25 يوليو/تموز، وتأكيد شرعية البرلمان المنتخب في 2019، الذي لن يسلّم العهدة إلا لبرلمان منتخب في انتخابات ديمقراطية وشفافة".
بدوره، شدد رئيس حزب العمل والإنجاز عبد اللطيف المكي، على "ضرورة التعجيل بإنقاذ تونس من الأزمة المالية الخانقة التي تسبب فيها قيس سعيّد، وضرورة التسامي فوق الانتماءات والأحزاب، والتفكير كمواطنين لإخراج تونس من وضعها الصعب".
واعتبرت الأمينة العامة لحزب حراك تونس الإرادة، لمياء الخميري، أنّ "قيس سعيّد اليوم فقد نهائياً مشروعيته الشعبية بعدما فقد الشرعية منذ انقلابه"، موجهةً تحية إلى "شعب المواطنين الذي حسم في هذا المسار خياراته بمقاطعته الواسعة للانتخابات للمرة الثانية على التوالي".
وفي بيان مشترك، أكدت خمسة أحزاب تونسية هي "الجمهوري" و"العمال" و"التكتل" و"التيار الديمقراطي" و"القطب"، أنّ "الشعب يسقط قيس سعيّد ومساره رغم التعتيم والتزوير".
وجاء في البيان: "في ظل مناخ اجتماعي واقتصادي وسياسي متأزم، ورغم مقاطعة 90% من التونسيات والتونسيين للدور الأول، أصرّت سلطة الانقلاب على تنظيم الدور الثاني من المهزلة الانتخابية، كما عمدت الهيئة المنصبة للانتخابات إلى التضييق على وسائل الإعلام والمنظمات المهتمة بمراقبة الانتخابات، عبر منع التواصل مع رؤساء مكاتب الاقتراع والتعتيم على نسب المشاركة في كل مكتب، مما يهيئ للتلاعب بالنتائج وتزييفها".
وأضاف البيان: "بعد إعلان السلطة عن أرقامها الخاصة لنسبة المشاركة، تعلن أحزاب التيار الديمقراطي والعمال والقطب والجمهوري والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، تحيتها لمقاطعة التونسيات والتونسيين الواسعة لهذا العبث، في خطة مثلت رفضاً مدنياً سلمياً لهذا المسار المشوه، ونزعاً حاسماً لكل شرعية عن قيس سعيّد ودكتاتوريته الرثة".
كما عبّرت الأحزاب عن "إدانتها للمناخ المشبوه التي تمّت فيه الانتخابات في غياب واضح لقواعد التنافس النزيه، وفي تعتيم كبير على ما يدور داخل مكاتب الاقتراع، تمهيداً لإصدار نتائج على مقاس السلطة".
وأكدت الأحزاب الخمسة أنّ "برلماناً صورياً بلا صلاحيات تشريعية ولا رقابة فعلية، ومكوناً من أفراد معزولين بلا برامج ولا تصورات، لن يكون إلا ديكوراً بلا تأثير على السياسات العامة وعلى واقع التونسيات والتونسيين". وقالت إنّ "البرلمان المنبثق عن هذه المهزلة فاقد للشرعية، بل وعنوان من عناوين الأزمة".
وطالب البيان بـ"الوقف الفوري لمسار الانقلاب وإلغاء الأمر 117 وكل ما ترتب عنه"، داعياً سائر القوى الديمقراطية والتقدمية إلى مواصلة العمل المشترك على الخروج من الأزمة، وتقديم بديل جدي يغير واقع التونسيات والتونسيين".
حركة النهضة تطالب باستقالة سعيّد وفسح المجال لإجراء انتخابات مبكّرة
إلى ذلك، طالبت حركة النهضة، باستقالة الرئيس قيس سعيّد وإفساح المجال أمام الشعب لإجراء انتخابات رئاسية مبكّرة، باعتبارها مدخلا لحل الأزمة الراهنة، وفرصة أخيرة قبل "إعلان الإفلاس والانهيار الذي قاد إليه البلاد".
وأصدرت الحركة بيانا فجر اليوم الإثنين، حول ما وصفته بـ"مهزلة الدور الثاني من الانتخابات" جددت التأكيد فيه على موقفها الثابت والمبدئي برفض مسار 25 يوليو/ تموز والانقلاب على الشرعية والدستور.
وأكدت فشل الرئيس قيس سعيّد في محاولة تأسيس "دكتاتورية" على أنقاض الثورة، وهو ما عززته كما قالت نتائج الانتخابات التشريعية، واصفة إياها بـ"المهزلة". وأشارت إلى أن الانتخابات كانت بمثابة "المسمار الأخير الذي دقه الشعب التونسي في نعش الانقلاب".
ودانت الحركة "ما رافق العملية الانتخابية من إخلالات جسيمة كشفت عنها منظمات المجتمع المدني، من حجبٍ متعمّد للمعطيات المتعلقة بأعداد المقترعين ونسب المشاركة في مختلف المكاتب ومراكز الاقتراع من طرف الهيئة المعينة للانتخابات وغيرها".
وقالت إن هذه الإخلالات تمثل "ضربا صريحا وفاضحا لمبدأ الشفافية ونزاهة الانتخابات، وتعبّر بشكل جليّ عن عبثية العملية الانتخابية والهدر المتعمد للمال العام كانعكاس للعبث بالدولة والمقامرة بمصير التونسيين من طرف قيس سعيّد ومن يقف معه"، بحسب البيان.
واعتبرت النهضة أنّ "برلمان قيس سعيّد لا يعبّر إلا عن أقلية الأقلية، وليس من حقّه أن يمارس السلطة التشريعية باسم الشعب أو باسم الأغلبية وباسم الناخبين"، مشيرة إلى أن "كل ما يصدر عنه لا معنى ولا مشروعية له وسيكون من الأجدر أن يعلن عن حلّ نفسه تمهيدا لحل جذري ينقذ البلاد مما ينتظرها من فوضى في حال مواصلة تعمّد سلطة الانقلاب سياسة الهروب الى الأمام".
وأكدت النهضة أن"مسار قيس سعيّد الانقلابي قد قابله الشعب التونسي بكل فئاته بالتجاهل التامّ والمقاطعة من الاستشارة حتى الانتخابات". وتابعت أيضًا: "لم يعد من حق المنقلب (قيس سعيّد) التحدث باسم الشعب أو ادعاء التعبير عن إرادته التي عبر عنها من خلال العزوف ومقاطعة الانتخابات".
ودعت كافة القوى السياسية والمدنية إلى"الإسراع في توحيد جهودها الوطنية والاتفاق على أرضية مبادرة تُنهي مرحلة العبث بالدولة استجابة لرسالة الشعب في المقاطعة الواسعة للانتخابات، والإسهام بجدية في إنقاذ ما تبقى من أسس الدولة وإنهاء معاناة الشعب وإنقاذ الاقتصاد من الانهيار والأوضاع الاجتماعية من الانفجار".
يذكر أنّ الدور الأول من الانتخابات التي تمت في 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، سجل مشاركة 1,025,418 ناخباً، بنسبة 11.22%. ولم تتحسن نسبة المشاركة، على الرغم من أن مسؤولي هيئة الانتخابات التونسية كانوا متفائلين بإمكانية ارتفاعها إلى أكثر من 20%.
وينتظر الإعلان عن النتائج الأولية للدور الثاني للانتخابات التشريعية في أجلٍ أقصاه 1 فبراير/ شباط المقبل، على أن يتم إعلان النتائج النهائية عقب غلق ملفات الطعون بما لا يتجاوز 4 مارس/ آذار المقبل.