دعوات من مؤسسات وأحزاب دنماركية لفرض عقوبات على الاحتلال الإسرائيلي

24 يوليو 2024
تظاهرات في الدنمارك تضامناً مع غزة (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- منظمات غير حكومية وأحزاب دنماركية تطالب حكومة ميتا فريدركسن بإنهاء المعاملة التفضيلية ووقف تجارة الأسلحة مع إسرائيل، استناداً إلى حكم محكمة العدل الدولية.
- مؤسسة التعاون الدولي بين الشعوب تؤكد على ضرورة تفاعل الحكومة الدنماركية بشكل أكبر لمنع انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني بعد العطلة الصيفية.
- أحزاب اليسار ويسار الوسط تضغط على الحكومة للامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية، بينما يعارض اليمين القومي المتشدد فرض عقوبات على إسرائيل.

دعت منظمات غير حكومية وأحزاب دنماركية، اليوم الأربعاء، حكومة ميتا فريدركسن، إلى انتهاج سياسة أخرى مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ومن بينها إنهاء المعاملة التفضيلية ووقف تجارة الأسلحة على المستوى الوطني والأوروبي. ويطالب هؤلاء بما يسمونه "تشديد الخناق على إسرائيل"، وذلك على أرضية التقييم الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، يوم الجمعة الماضي، باعتبار الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني. وأشار أمين عام منظمة أوكسفام الدنمارك، لارس كوك، في تصريحات للتلفزيون الدنماركي، إلى أنها المرة الأولى التي تحكم فيها محكمة العدل الدولية بأن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني. وشدد كوك على اعتقاد منظمة أوكسفام بأن قرار العدل الدولية يجب أن تكون له عواقب "ونتوقع رد فعل واضحا وقويا من الحكومة الدنماركية، وأن يتم استخدام القرار لمعاقبة انتهاكات حقوق الإنسان التي تشير إليها المحكمة". أوكسفام، من بين منظمات أخرى كثيرة، كررت القول إن جميع الدول ملزمة باتخاذ مواقف عملية بشأن التمييز المنهجي ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. وأن على دولة إسرائيل دفع ثمن الدمار الذي سببه احتلال المناطق الفلسطينية.

من ناحية أخرى، أشارت مؤسسة التعاون الدولي بين الشعوب، وهي منظمة تحظى باحترام محلي، إلى أن الحكومة الدنماركية لم تكن متقدمة كثيرا في سياق منع انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني. وشددت المؤسسة على ضرورة "أن تنهض الحكومة (الدنماركية) من على الكرسي وتتفاعل مع الأمر بعد العطلة الصيفية". ووصف مدير المؤسسة تيم وايت بأن ما جرى في لاهاي هو "حكم تاريخي، وعلى بلدنا تحمّل عواقبه والالتزام بما جاء في القرار، لوضع حد لهذه اللاشرعية (الاحتلال الإسرائيلي والضم)". ويعتقد وايت أنه وقبل أي شيء "يجب وقف كافة أشكال تجارة الأسلحة مع إسرائيل".

المواقف الداعية إلى انتهاج سياسات أخرى مع الاحتلال الإسرائيلي تأتي في ظل غياب مواقف رسمية من وزير الخارجية لارس لوكا راسموسن (من يمين الوسط الليبرالي). وتقول الخارجية في معرض الرد على سؤال "العربي الجديد"، عن موقفها من دعوة محكمة العدل الدولية إلى تحمّل الدول مسؤوليتها بشأن الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني، إنها "بصدد دراسة محتوى بيان العدل الدولية".

من ناحيته، أكد كبير المتخصصين في القانون الدولي والأمن القومي في جامعة كوبنهاغن، مارك شاك، أنه "من الصعب أن تجد وزنا أكبر في عالم القانون لما نصت عليه محكمة العدل الدولية". وعقّب شاك في تصريحات متلفزة لهيئة البث العام دي آر قائلا إن إعلان لاهاي يفرض عددا من الالتزامات الملقاة على الحكومة الدنماركية، وبأنها "التزامات أصبحت أكثر وضوحا الآن، ما يستوجب الالتزام بها".

ليس فقط المنظمات غير الحكومية وخبراء القانون الدولي من يعتقدون أن على حكومة فريدركسن انتهاج سياسات تتوافق مع مسؤوليتها أمام المحاكم الدولية، بل اعتبرت أحزاب من اليسار ويسار الوسط أنه من الضروري أن تعمل الدنمارك على امتثال إسرائيل الفوري لما صدر عن المحكمة الدولية. وأشار في هذا السياق مقرر السياسات الخارجية في حزب الشعب الاشتراكي (يسار)، كارستن هونغ، في تصريحات صحافية اليوم الأربعاء أن "ختم المحكمة الدولية على عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي هو الأكثر أهمية عالمياً، وبالتالي يجب أن تكون له عواقب". ويرى هونغ أن الدنمارك ملزمة بممارسة ضغط أكبر على إسرائيل، وبأن ذلك يجب أن يشمل أيضا ممارسة الضغوط على المستوى الأوروبي "حيث يجب إخبار إسرائيل أنه ستكون هناك عواقب سياسية وتجارية وغيرها إذا لم تمتثل للقرارات التي اتخذتها المحكمة الدولية".

ومن ذات المعسكر اليساري، يذكر عضو قيادة حزب اللائحة الموحدة جون غراوسغورد لـ"العربي الجديد" أن حكومة فريدركسن "سيتعين عليها الإنصات جيدا لما تقوله الأحزاب والمنظمات غير الحكومية في البلد، خصوصا حين تطرح محكمة العدل الدولية مسؤولية الدول في إنهاء الاحتلال ووقف سياسات الاستيطان والضم، في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة من دون استثناء".

 ويؤمن غراوسغورد بأن العدل الدولية قدمت أساسا قويا لأجل أن تعيد فريدركسن التفكير في مواقف حكومتها. ويُذكر أن ميتا فريدركسن تترأس حكومة ائتلاف بين حزبها عن يسار الوسط، الاجتماعي الديمقراطي، وحزبَي يمين وسط، فينسترا الليبرالي وموداراتا. وقد انتهجت منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي خطابا مؤيدا لدولة الاحتلال، قبل أن تتراجع مواقفها وتؤيد وقفا للحرب بصورة فورية. وتتزايد الضغوط على وزير خارجيتها، لارس لوكا راسموسن، لاتخاذ موقف يمنع تجارة السلاح مع الاحتلال، خصوصا قطع غيار لطائرات إف 35.

ويقول مقرر السياسات الخارجية في حزب "راديكال فينسترا" (يسار وسط) كريستيان فريس باك لـ"العربي الجديد" إنه إذا لم تلتزم إسرائيل بما صدر عن العدل الدولية فلابد أن تكون هناك عواقب. وشدد على أن الدنمارك لا يمكنها التهرب من مواقفها السابقة الداعمة دائما للمحاكم الدولية وحقوق الإنسان. ويشدد على أن العواقب يمكن أن تكون من خلال مراجعة اتفاقية الشراكة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، وعموم السياسات التجارية مع تل أبيب. وتتزايد الضغوط على فريدركسن للنظر مع البرلمان في خطوات تستجيب لالتزاماتها أمام العدل الدولية. وبالطبع، تلك المواقف المعلنة والداعية إلى فرض عقوبات لم ترق لليمين القومي المتشدد في البرلمان الدنماركي. إذ اعتبر حزب "ديمقراطيو الدنمارك" أنه "يجب الحفاظ على دعم إسرائيل". ووصفت المتحدثة باسم الحزب، شارلوت مونك، ما صدر عن العدل الدولية بأنه "عنيف للغاية وخطير جدا". هذا في الوقت الذي يؤيد فيه حزب الشعب الدنماركي اليميني المتشدد دولة الاحتلال على طول الخط.