دوافع ضم إيران لمسار تقارب تركيا ونظام الأسد

02 فبراير 2023
عبد اللهيان وجاووش أوغلو في أنقرة، 17 يناير (آدم ألتان/فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت روسيا عن مشاركة إيران في الجهود التي تبذلها من أجل تحقيق تسوية بين تركيا والنظام السوري، تمهّد الطريق أمام تطبيع بين الطرفين اللذين دخلا في عداء لأكثر من عقد، على خلفية الثورة السورية 2011.

وذكر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي في العاصمة الروسية موسكو أمس الأول الثلاثاء، عقب محادثاته مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن روسيا ترى من المنطقي أن تشارك إيران في اتصالات جديدة بشأن تسوية بين تركيا وسورية. وأكد أنه تم التوصل إلى اتفاق مبدئي بشأن هذه المسألة.

تركيا ترحّب بدور إيران في التقارب مع النظام

وفي السياق، نقلت وكالة "الأناضول" عن المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، قوله الثلاثاء، إن بلاده "ترحب بانضمام إيران إلى المحادثات التي تجريها مع سورية بوساطة روسية". وذكر أن "وجود إيران في المحادثات يسهل القضاء على التهديدات الإرهابية التي تطاول تركيا من الأراضي السورية، وتأمين حدودها، وعودة اللاجئين السوريين إلى بيوتهم وبلدهم بشكل آمن ومشرف وطوعي".

ورجح قالن عقد اجتماع منتظر بين وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، ونظيره في حكومة النظام فيصل المقداد "في غضون الأسابيع القليلة المقبلة"، مضيفاً: "حتى الآن لم يتم تحديد لا المكان ولا التاريخ".


فراس رضوان أوغلو: ليس من العقلانية السياسية تجاوز إيران في سورية

وكان الجانب التركي قد دشّن في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تقارباً مع النظام السوري بدفع مباشر من موسكو، بعد عقد من العداء. وأجرى وزراء دفاع روسيا سيرغي شويغو، وتركيا خلوصي أكار، والنظام السوري علي محمود عباس، محادثات في موسكو، في 28 ديسمبر الماضي، في أول لقاء بين وزير الدفاع التركي ونظيره في النظام السوري منذ عام 2011، وهو ما بدّل الكثير من معطيات الصراع في سورية، إذ كان من المستعبد حدوث هذا التقارب.

وكان وزيرا خارجية البلدين قد أجريا محادثة مقتضبة غير رسمية على هامش اجتماع دول عدم الانحياز ببلغراد، خريف 2021، كما سبق أن أقرت أنقرة بتواصل على مستوى أجهزة الاستخبارات. وكان النظام قد تعامل بـ "برود" مع الانعطافة التركية باتجاهه في إشارة واضحة إلى أن طهران لن تؤدي دوراً إيجابياً في التقارب بين دمشق وأنقرة، ما لم تكن طرفاً في الآلية التي اقترحها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لتسريع هذا التقارب الذي يسبق بأشهر انتخابات شاملة في تركيا.

وتريد إيران التي تتحكم بالكثير من مفاصل القرار في النظام السوري أن تكون جزءاً من أي تسوية بين تركيا والنظام برعاية ودفع روسيين، وهو ما يفسر ربما الجولة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الشهر الماضي، وشملت إضافة إلى دمشق، العاصمة التركية حيث التقى الرئيس التركي في مقر حزب "العدالة والتنمية" في أنقرة، بعيداً عن وسائل الإعلام.

ويبدو أن الإيرانيين يتخوّفون من أي تسوية ثلاثية (روسيا، تركيا، النظام السوري) في سورية على حسابهم، خصوصاً أن طهران تعد الحليف الرئيسي للنظام السوري الذي اعتمد على مليشياتها في استعادة مناطق واسعة في البلاد كانت تحت سيطرة فصائل المعارضة السورية، ما تزال حتى اليوم تحت سيطرة هذه المليشيات.

وعمل الإيرانيون طيلة أكثر من عقد على ترسيخ وجودهم العسكري والاقتصادي والديني في مناطق سيطرة نظام بشار الأسد، ليكونوا جزءاً من أي تسوية سياسية للقضية السورية تبقي على نفوذهم المتزايد في دمشق وريفها وفي حمص وحلب ودير الزور في اقصى الشرق السوري.

ورأى المحلل السياسي التركي فراس رضوان أوغلو، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "تركيا تدرك قوة النفوذ الإيراني في سورية قبل الأحداث التي بدأت في عام 2011 وبعدها"، مضيفاً: "لذلك ليس من العقلانية السياسية تجاوز إيران في سورية". واعتبر أن دخول إيران على خط التقارب التركي مع النظام السوري "يشكل ضغطاً أكبر على الولايات المتحدة"، مضيفاً أن "تعاون إيران مع تركيا في الملف السوري ينسحب على ملفات أخرى، وفق مبدأ تبادل المصالح بين الفرقاء".

وتصطدم الجهود الروسية لردم الهوة بين دمشق وأنقرة برفض واضح من الولايات المتحدة، والتي من المتوقع ان تتصلب أكثر برفضها بعد دخول الإيرانيين على خط التسوية التي تعمل عليها موسكو منذ أواخر العام الماضي.


رشيد حوراني: إيران دفعت النظام للدخول على خط التقارب

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في تصريحات صحافية الثلاثاء، إن واشنطن ترفض أي تطبيع مع نظام الأسد، في إشارة إلى التقارب الحاصل بين تركيا والنظام. ولفت بلينكن إلى أن نظام الأسد رفض الانخراط في أي عملية سياسية من شأنها التوصل إلى حل في سورية.

ضغط إيراني على النظام للانخراط بمسار التقارب

ورأى الباحث في "المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام" رشيد حوراني، في حديث مع "العربي الجديد" أن "روسيا وتركيا عزلتا إيران منذ الجولة 19 من مسار أستانة، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لأسباب تخص الطرفين تتعلق بمصالحهما في سورية، ولأسباب تتعلق بسعي المجتمع الدولي أيضاً لتحجيم دور إيران في سورية".

وأشار إلى أن الاجتماع الذي عقد في موسكو بين وزراء الدفاع في تركيا وروسيا والنظام السوري "عبّر بوضوح عن رغبة الطرفين (تركيا وروسيا) في تهميش إيران"، مضيفاً أن "إيران لا تمتلك أوراق الضغط الكافية على كل منهما لذا ضغطت على النظام للتذكير بها".

وأعرب حوراني عن اعتقاده بأن تصريحات المسؤولين الأتراك عن إشراك إيران في جهود التسوية "ما هي إلا لاحتوائها مؤقتاً خلال فترة اللقاءات إن استمرت"، مضيفاً أن "النظام ليس لديه ما يقدمه أو يتعاون به مع تركيا، واستمرارية اللقاءات التركية الروسية مرهونة بتحقيق التقدم، وهذا التصريح بقبول إيران هو لإرضائها كي لا تدفع النظام باتجاه التعنت وامتناعه عن اللقاءات".