دعا رئيس "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية" رئيس اتحاد مساجد فرنسا، محمد موسوي، اليوم الخميس، إلى الالتزام بالخطة التي أعلنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضمن مشروع قانون "النزعات الانفصالية"، مطلع الأسبوع، وأثارت موجة من الانتقادات حول العالم، ما اضطر وزير الداخلية الفرنسية جيرالد درمانان إلى توضيح كلام ماكرون في اليوم التالي لكلمته، والتأكيد على أنّ مشروع القانون ليس موجهاً ضد المسلمين في فرنسا، بل سيشمل كل الديانات.
وفي مقال نشره موسوي في صحيفة "لوموند"، قال إنّ "خطة رئيس الجمهورية تهدف إلى الدفاع عن الجمهورية ضد اعتداءات المتطرفين الذين يريدون أن يفرضوا على المجتمع رؤيتهم المخالفة للقيم الجمهورية، ومن جهة أخرى إعادة حضور الجمهورية"، لكنه أكد، في الوقت نفسه، أنّ المسلمين في فرنسا "يشنّون هذه الحرب ضد التطرف منذ فترة طويلة وهم في الخطوط الأمامية"، متسائلاً "ما الذي يمكن أن يكون أكثر ضرراً وإهانة من رؤية دينك مضللاً ومُستغلاً لإيذاء بلدك ومواطنيها؟".
وطالب موسوي بأن يتم تنفيذ هذه الخطة، التي تتطرق إلى قضايا حساسة مثل حرية تكوين الجمعيات والتعليم، ضمن "إطار قانوني متين"، وبمشاركة خبراء من "مجلس الدولة والمجلس الدستوري وممثلي الجمهورية (..) لإحقاق مبدأ المساواة أمام جميع الأديان". واعتبر أنه سيكون "من غير المجدي، بل والخطير رفض هذه القرارات (..) وهذا من شأنه أن يضعف سلطة الدولة ويعزز الخطاب المتطرف".
وكان ماكرون قد قال إنّ "الإسلام دين يعيش أزمة اليوم في جميع أنحاء العالم"، واعتبر أنّ هناك من يعمل بمبدأ "الانفصالية الإسلامية" في فرنسا، التي أدت إلى "تسرب الأطفال من المدارس، وتطوير ممارسات رياضية وثقافية خاصة بالمسلمين، تتضمن التلقين العقائدي وإنكار مبادئنا على غرار المساواة بين الرجال والنساء".
في هذا السياق، قال موسوي في مقالته، إنّ "المساواة بين الجنسين، وهي نتيجة طبيعية للمساواة في الكرامة الإنسانية، مبدأ أساسي يجب التأكيد عليه بقوة في جميع الظروف". وأضاف "يعد الالتزام بالذهاب إلى المدرسة من سن الثالثة خياراً عملياً في مواجهة صعوبة جعل الالتزام المفروض على الآباء والأمهات لضمان تعليم صحي لأطفالهم أمراً فعالاً".
TRIBUNE | Mohammed Moussaoui, président du Conseil français du culte musulman : « Les réformes de l’organisation du culte musulman sont urgentes, utiles et nécessaires » https://t.co/4qjkBpzpyU
— Le Monde (@lemondefr) October 8, 2020
واعتبر موسوي أن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الدولة الفرنسية، وقال "لكي تنجح هذه الخطة، يجب إعادة الجمهورية إلى جميع المناطق. يجب وضع حد للتمييز في التوظيف والإسكان، ويجب إنهاء العزل. يجب أن تكون السلطات العامة أكثر اهتماماً بخطاب الكراهية ضد المسلمين. لكي تظل الجمهورية ذات مصداقية، يجب ألا تتسامح بعد الآن مع تكرار ارتكاب المخالفين، المدانين بالتحريض على الكراهية العنصرية، والاستمرار في صب كراهيتهم على أجهزة التلفزيون"، في إشارة إلى الكاتب والصحافي المتطرف إريك زمور، الذي حوكم مؤخراً بعد تصريحات معادية للمسلمين، قال فيها "إن النساء المحجبات والرجال الذين يرتدون الجلابة هم بروباغندا لأسلمة الشارع الفرنسي.. لباسهم مثل البدلة العسكرية لجيش احتلال يحاول تذكير المهزوم بخضوعه له".
وتابع موسوي: "بدون يقظة قوات الشرطة والدرك لدينا، كان من الممكن تنفيذ خطط مماثلة لتلك الخاصة بالإرهابي في كرايستشيرش (الذي هاجم مسجدين في 15 مارس/ آذار 2019 وقتل 51 مسلماً) في نيوزيلندا، على ترابنا. يقول هذا الإرهابي إنه استوحى فعلته من الأطروحات التي روجت لها الكتابات الفرنسية".
وأسف موسوي إلى أنّ "هذا المناخ الضار حول الإسلام يعني أنه حتى كلمة "إسلاموية" أصبحت اليوم مرادفاً للتطرف، بينما هي مجرد مصطلح مثل "اليهودية" و"المسيحية"، وفي الحالتين الأخريين يجب أن تشير إلى الأديان والحضارات".
وأكد رئيس "مجلس الديانة الإسلامية" في فرنسا أنّ المسلمين سيكونون شركاء وفي مقدمة المسؤولية لتنفيذ هذه الخطة، لأنها "ستسمح للعبادة الإسلامية بأخذ مكانها الصحيح في المشهد الديني في بلدنا".
وأضاف: "هذه الإصلاحات في تنظيم العبادة الإسلامية عاجلة ومفيدة وضرورية لتمكين المؤسسات من تحمل المسؤولية التي تقع على عاتقها. للقيام بذلك، يجب علينا تعزيز الوحدة بين مكونات الإسلام المختلفة في فرنسا. ولكي تتمتع هذه المؤسسات بالمصداقية والاستماع والدعم، يجب أن تضع المصلحة العامة لبلدنا ومواطنينا فوق كل الاعتبارات الأخرى".
وختم موسوي بالقول: "ولأن هذه السياسة تهدف إلى أن تكون شاملة وتعالج التطرف وأسبابه، فإننا ندعمها. يتماشى هذا التوازن تماماً مع المثل العليا للمسلمين والجمهوريين: إسلامنا متجذر في نفس قيم الحرية والمساواة والأخوة. هذا هو السبب في أننا سنكون شركاء واضحين ومتطلعين ومستقلين، ولكننا دائماً مخلصون للجمهورية".