رئيس التجمع الفلسطيني بإيطاليا محمد حنون: لهذا قرروا إبعادي من ميلانو

19 نوفمبر 2024
محمد حنون خلال تظاهرة في ميلانو، 9 نوفمبر الحالي (العربي الجديد)
+ الخط -

أثار القرار الصادر عن السلطات الأمنية الإيطالية بـ"الإبعاد الإلزامي من مدينة ميلانو" بحق رئيس التجمع الفلسطيني في إيطاليا محمد حنون الذي يحمل وثيقة سفر أردنية ويقيم بمدينة جنوة شمالي غرب إيطاليا، موجة من الغضب والتضامن مع الناشط الفلسطيني من قبل الكيانات والمنظمات الفلسطينية في إيطاليا، فيما روى حنون لـ"العربي الجديد" تفاصيل ما تعرض له. وكانت مديرية أمن ميلانو قد أخطرت حنون رسمياً يوم السبت الماضي ببدء إجراءات إبعاده، مع شاب مصري يبلغ من العمر 25 عاماً، من عاصمة إقليم لومبارديا بعد أن وجّهت لهما تهمة "التحريض على الجريمة" على إثر "تحيته للاعتداءات التي تعرض لها مشجعو فريق مكابي تل أبيب في أمستردام" وذلك خلال تظاهرة مؤيدة لفلسطين احتضنتها ميلانو يوم 9 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي.

أسباب إبعاد محمد حنون من ميلانو

وأوضح محمد حنون في حديث لـ"العربي الجديد" أنه تلقى "مذكرة إبعاد من مدينة ميلانو، ولكن القانون الإيطالي يسمح لي بالتقدّم بطعن خلال 10 أيام من تسلمي المذكرة، وهذا ما حصل بالفعل من خلال فريق محامي ضد هذا القرار الجائر، ومن ثم ستحول القضية إلى القضاء للفصل". وأضاف حنون أن "الاتهام الموجّه لي بالتحريض على الجريمة والإشادة بالاعتداءات على مشجعي فريق مكابي تل أبيب في أمستردام، جاء على وجه التحديد عقب الهتافات الفاشية العنصرية لهؤلاء المشجعين الذين قالوا بالحرف الواحد "الموت للعرب، الموت للفلسطينيين، الموت للمسلمين"، ومزقوا أعلام فلسطين المعلقة على شرفات مواطنين هولنديين من أصول عربية، ثم اعتدوا على مواطنين عرب وأجانب ومسلمين في أمستردام، ما يعني أن هؤلاء ما هم إلا مخربون ومجرمون وإرهابيون، وما حدث من قبل الشبان العرب والمغاربة هناك لم يكن سوى رد على عنصرية واعتداءات المشجعين الإسرائيليين".

محمد حنون: وجّه اتهام لي بالتحريض على الجريمة والإشادة بالاعتداءات على مشجعي فريق مكابي تل أبيب في أمستردام

وأشار محمد حنون إلى أن "السلطات الأمنية الإيطالية اعتبرت تحيتي لما صنعه الشبان العرب في أمستردام تحريضاً على العنف والكراهية، على الرغم من توضيحي أننا ضد العنف من أي جهة كانت"، مشدداً على اقتناعه بأن "حراكنا المستمر منذ أكثر من 410 أيام في القارة العجوز بات يؤثر كثيراً في الدوائر الاجتماعية والثقافية والشعبية الأوروبية، وصار مصدر إزعاج للإعلام المتصهين المنحاز بالكلية للسردية الإسرائيلية، ما يعني أن الحراك واللافتات والخطابات والهتافات في هذه الفعاليات بدأت تؤتي أُكُلها".

ورأى الناشط الفلسطيني أن "الهدف من إصدار هذا القرار هو إسكات الصوت الحر المدافع عن عدالة القضية الفلسطينية، والترهيب والتلويح بأن أمامهم خيارات تصعيدية. وفي هذا السياق، سبق للسلطات الأمنية إصدار أوامر بتوقيف واعتقال شبان في روما وغيرها، وبطرد بعض المواطنين"، معتبراً أن مثل هذه الإجراءات "تعكس سياسة فاشية تنتهجها معظم الحكومات الأوروبية". واستدرك حنون أنه "على الرغم من ذلك، فإننا نثق بالعدالة والقضاء في أوروبا، ونحن على يقين بأن ما نفعله وما فعلناه من حراك في الشارع الأوروبي للمطالبة بوقف العدو والتطهير العرقي والإبادة الجماعية حق، لذا فلا يجب توجيه الاتهام لمحمد حنون أو المتضامن الأوروبي وإنما للحكومات الأوروبية التي تقدم الدعم المادي والعسكري والسياسي والإعلامي لإرهاب الدولة الصهيونية المارقة بحق الشعب الفلسطيني واللبناني. هذه الحكومات ينبغي تقديمها للمحاكمة الشعبية والرسمية مع كل قطعان وجنود الاحتلال في كل مكان لانتهاكاتهم الصارخة لحقوق الإنسان وللقوانين والمواثيق الدولية". وأكد أن "محاولات إسكات الأصوات لن تزعزع ولن توقف الحراك في الشوارع الأوروبية".

اتهامات أميركية بتمويل "حماس"

يذكر أن الولايات المتحدة أعلنت يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عن عقوبات جديدة استهدفت مجموعة من الكيانات والأفراد الداعمين لحركة حماس في قطاع غزة، حيث زعمت أن العقوبات ركزت على شبكات تمويل متخفية تحت ستار جمعيات خيرية، ومكنت "حماس" من جمع ما يصل إلى 10 ملايين دولار شهريا منذ بداية العام الحالي. ومن بين هؤلاء كان محمد حنون الذي زعمت وزارة الخزانة الأميركية تحويله ملايين الدولارات لـ"حماس".
وحول هذه الاتهامات، قال محمد حنون لـ"العربي الجديد" إن "هذه ليست المرة الأولى التي يوضع اسمي فيها على قوائم الإرهاب، حيث سبق لوزارة الأمن الإسرائيلية بوضع اسمي أكثر من مرة على قوائم الإرهاب واتهامي بتمويل حركة حماس وبأني عضو ناشط فيها في أوروبا وغيرها من الادعاءات التي تعني بالنسبة لي التخبط وأن كل شخص يدعم الحق الفلسطيني أو يؤثر على مجرى تزوير الحقائق حسب السردية الإسرائيلية معرّض لأن يوضع اسمه على قوائم الإرهاب ووصمه بمعاداة السامية، مثلما حدث معي وأنا المنتمي للسامية، كما حدث مع الكثير من الناشطين المؤيدين للقضية الفلسطينية في أوروبا".

وتابع "أنا أقيم في إيطاليا منذ أكثر من 40 سنة من دون أن تفرض عليّ مخالفات مالية أو قانونية، وتخرجت هنا في الجامعة ودرّست فيها وكان لي نشاط مهني أكاديمي، كما أنشأت وأدرت وشاركت في مؤسسات عربية-إسلامية-فلسطينية على مستوى إيطاليا وأوروبا". وأشار إلى أن "الإدارة الأميركية، التي لا تألو جهداً في دعم الاحتلال، تحاول عزل الناشطين الفلسطينيين سواء المسؤولين في حماس أو غيرهم من خلال اتهامهم بتهم واهية (دعم حماس) وأنا أفتخر بمسعاي في إطار جهود إغاثة الشعب الفلسطيني في كل مكان وهذا شرف كبير".
ولفت إلى أن "القضاء الإيطالي، عندما كنت أخضع للمراقبة في الفترة بين 2002 و2009، كان قد برأ ساحتي تماماً من كل التهم الزائفة وأكد أن ما أقدمه من كفالة للفقراء والمرضى والطلاب الفلسطينيين هو عمل مشرّف لإيطاليا"، مضيفاً أنه يعمل "في العلن وبشفافية كاملة وفقاً للقانون الوضعي الإيطالي والأوروبي. وبما أن الأوروبيين هم أكثر أهل الأرض دعماً للفلسطينيين، فنحن أولى بتقديم هذا الدعم، وهكذا أنشأنا الجمعية الخيرية لمناصرة الشعب الفلسطيني هنا في إيطاليا والتي تتبنى وتمول مشاريع وقوافل مساعدات بعشرات الملايين من الدولارات على مدار السنين الماضية وما زلنا مستمرين في العطاء".

حنون: ثمة حرب كونية على الإنسان الفلسطيني والمحتوى الفلسطيني، وباتت المؤسسات بكافة أشكالها ومسمياتها مستعبدة للوبي الصهيوني

واستدرك أنه "على الرغم من ذلك، قررت 7 أو 8 بنوك إيطالية إغلاق حساباتنا منذ عام 2010، أي أننا كمؤسسة لا نملك أي حسابات بنكية أو بريدية وكذا الحسابات أونلاين. وبعد قرار الخزانة الأميركية الشهر الماضي، تعرضت أن وجميع المؤسسات التي أعمل بها لحملات تشويه كبيرة". وأوضح أن "ما أطلق إشارة البدء، في هذا السياق، كانت شركة "إلنت" تحت إدارة وإشراف الموساد، التي اختلقت خريطة تفاعلية لما أسمته إمبراطورية محمد حنون، الذي يدير مؤسسات ويرتبط به العديد من الشخصيات الإيطالية والأوروبية. هذا كله محض عبث لا قيمة له".

وقال إن "قرار الخزانة الأميركية تجميد أموالي في الولايات المتحدة لن يقدّم أو يؤخر ولن يهز لي شعرة، حتى مع إبلاغ البنك لي، بعد هذا القرار، بوقف حسابي الشخصي بشكل فوري"، معتبراً أن "ثمة حرباً كونية على الإنسان الفلسطيني والمحتوى الفلسطيني، وباتت المؤسسات بكافة أشكالها ومسمياتها مستعبدة للوبي الصهيوني". وشدد على أنه يعيش "كأي إنسان عادي ولا أملك الملايين، ولم أسلّم أو أتسلم أموالاً من حماس أو غيرها، وكل ما أتشرف به هو أني أعمل لخدمة أبناء جلدتي وأدعم في العلن وبكل وضوح حق الشعب الفلسطيني في المقاومة بكل أشكالها بما فيها المسلحة من أجل التحرير وأرفض منح الشرعية للاحتلال الصهيوني".

المساهمون