وصل رئيس الحكومة الإيطالية ماريو دراغي، اليوم الإثنين، إلى الجزائر للمشاركة في اجتماع اللجنة المشتركة العليا، مع رئيس الحكومة الجزائرية أيمن بن عبد الرحمن.
ويرافق رئيس الحكومة الإيطالية وزير الخارجية لويجي دي مايو، ووزيرة الداخلية لوتشانا لامور جيزي، إضافة إلى وزراء النقل والعدل والبيئة. وتعد هذه الزيارة الثانية لدراغي إلى الجزائر منذ إبريل/نيسان الماضي، وتبرز تطوراً لافتًا للعلاقات الجزائرية الإيطالية على الصعيد السياسي والاقتصادي، وخاصة في مجال الطاقة.
واستُقبل دراغي من قبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، لبحث جملة من القضايا السياسية والاقتصادية، وتم على هامش اللقاء توقيع جملة اتفاقات تخصّ قطاع تطوير الصناعة، والصيدلة، والصناعات الدوائية، بالإضافة إلى اتفاق في قطاع المقاولات، ودعم مقاولات الشباب، ويخص الأخير الاستفادة من التجربة الإيطالية في مجال المقاولات والمؤسسات الناشئة، والاتفاق في مجال المؤسسات الناشئة. كما تم التوقيع على اتفاقية تعاون في مجال الأشغال العمومية والبنى التحتية، واتفاق في قطاع تشجيع وجلب الاستثمارات، واتفاق بشأن مكافحة الفساد العابر للحدود، وبروتكول تعاون في المجال القضائي وتسليم المطلوبين والإنابات القضائية، ومذكرة تفاهم في قطاع البيئة، وإعلان نوايا في مجال البحث العلمي.
وعلى الرغم من أن ملفات التعاون الاقتصادي تتصدر في الغالب طاولة الحوار بين البلدين، خصوصاً في الفترة الأخيرة، إلا أن القضايا السياسية والتطورات في منطقة شمال أفريقيا ومنطقة الساحل والمتوسط، وعلى رأسها الأزمة في ليبيا، ستكون حاضرة، حيث تتوافق الجزائر وإيطاليا على المواقف عينها بشأن إخراج المرتزقة والمسلحين، وإجراء انتخابات نيابية ورئاسية في أقرب وقت ممكن. ويفسّر هذا التقارب السياسي توجه الجزائر للارتكاز على إيطاليا كشريك موثوق في الضفة الشمالية للمتوسط، خصوصاً في ظل توتر لافت للعلاقات بين الجزائر وإسبانيا منذ شهر مارس/آذار الماضي.
ويكرّس الطابع الاقتصادي للاتفاقات المبرمة اليوم بين الجزائر وإيطاليا، توجهاً مشتركاً نحو تعزيز الشراكة والتعاون الاقتصادي بينهما، وخصوصاً أن الجزائر باتت تُعدّ الشريك الاقتصادي الأول بالنسبة لإيطاليا في القارة الأفريقية وفي منطقة الشرق الأوسط، حيث يشير تقرير رسمي نشرته وزارة التجارة الجزائرية إلى أن المبادلات التجارية بين البلدين بلغت 8.5 مليارات دولار سنة 2021، بزيادة أكثر من ملياري دولار مقارنة مع العام الذي سبقه، بينها 6.24 مليارات دولار من الصادرات الجزائرية نحو إيطاليا (التي تتمثل خصوصاً في المحروقات)، في حين بلغت واردات الجزائر من هذا البلد (التي تتكون أساساً من الماكينات، والمواد البترولية المكررة، والمواد الكيميائية، والمواد الحديدية)، 2.26 مليار دولار.
وتسيطر الجزائر على سوق الغاز في إيطاليا، ويربط أنبوب الغاز العابر للبحر المتوسط (ترانسماد) بين البلدين منذ سنة 1983، مروراً بتونس، ويسمح هذا الأنبوب للجزائر برفع إجمالي صادراتها من الغاز إلى إيطاليا إلى 25 مليار متر مكعب، بعد اتفاق وُقّع بين مجمع سوناطراك والمجمع الإيطالي إيني في 11 إبريل/نيسان الماضي.
وبحسب وسائل إعلام إيطالية، سيُعقد لقاء بين وزيري خارجية البلدين لبحث عدة ملفات، على رأسها الأزمة في ليبيا، كما سيعقد لقاء بين وزير الداخلية الجزائري كمال بلجود ونظيرته الإيطالية، لبحث ملف التنسيق الأمني والتعاون في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية.
وتأتي زيارة رئيس الحكومة الإيطالية مباشرة بعد إعلان الجزائر، الجمعة الماضي، رفع إجمالي صادراتها من الغاز إلى إيطاليا إلى 25 مليار متر مكعب، بعد اتفاق على زيادة تدفقات الغاز الجزائري إلى إيطاليا أربعة مليارات متر مكعب، على خلفية تحسن كبير للعلاقات الجزائرية الإيطالية، وتعزيز التعاون الجزائري في مجال الطاقة في الفترة الأخيرة بشكل كبير.
ويبرر الجانب الجزائري حماسته لرفع مستويات التعاون مع إيطاليا للأعلى باعتبارات سياسية تخص المواقف الإيطالية المنسجمة مع المواقف الجزائرية في بعض القضايا الإقليمية، ومبررات اقتصادية، لكون الاقتصاد الجزائري يشبه الاقتصاد الإيطالي المبني على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وسعي الجزائر لنقل تجربة إنشاء المؤسسات الصغيرة والناشئة، إضافة إلى أسباب تاريخية تخص وقوف إيطاليا مع الجزائر في الظروف الصعبة.
وكان الرئيس تبون قد أكد في وقت سابق أن إيطاليا هي الدولة الوحيدة التي لم توقف رحلات طائراتها إلى الجزائر خلال الأزمة الأمنية في التسعينيات.