وصل رئيس الحكومة التونسية أحمد الحشاني، مساء الثلاثاء، إلى الجزائر في أول زيارة خارجية له منذ تعيينه في منصبه، في أغسطس/آب الماضي، للإشراف، برفقة نظيره الجزائري أيمن بن عبد الرحمن، على الدورة الـ 22 لاجتماع اللجنة المشتركة، التي تعقد اليوم الأربعاء، لمناقشة عدد من ملفات التعاون الاقتصادي والتجاري، والطاقة والسياحة، والتعليم العالي والاستثمار، والأمن وتنمية المناطق الحدودية، إضافة إلى قضايا واتفاقات قنصلية.
وبدأ، الثلاثاء، منتدى الأعمال الجزائري التونسي، الذي يشارك فيه رجال الأعمال ومديرو الشركات الاقتصادية، لبحث مجالات التعاون التجاري والاستثمارات، ومناقشة المشكلات التي تعيق رفع مستوى المبادلات التجارية.
وقال رئيس الحكومة الجزائرية، في افتتاح المنتدى، إن "الجزائر أكبر شريك اقتصادي لتونس في أفريقيا والعالم العربي، إذ ارتفعت المبادلات التجارية بين البلدين خلال الأشهر السبعة الأخيرة بنسبة 54 %، خارج المحروقات"، مشيراً الى أن "عدد المشاريع الاستثمارية التونسية النشطة في الجزائر، بلغ 42 مشروعاً في قطاعات الزراعة والبناء والخدمات، بقيمة 140 مليون يورو".
من جهته قال رئيس الحكومة التونسية أحمد الحشاني إنه "يتعين على البلدين بلوغ مرحلة الشراكة الاستراتيجية"، داعياً إلى ضرورة "الإسراع بتكوين فريق العمل المشترك المكلف بالنظر في تحيين الاتفاق التجاري التفاضلي، الذي يعقد أولى اجتماعاته قبل نهاية السنة الجارية، وعقد الاجتماع الفني لفريق العمل الجزائري التونسي لدراسة إقامة منطقة حرة على المستوى الشريط الحدودي بين البلدين".
وتركز مناقشات اللجنة المشتركة بين البلدين، خلال السنوات الأخيرة، على مسألة تنمية المناطق الحدودية، والتي تعاني من الفقر والبطالة، وانتشار ظاهرة تهريب السلع والمواد التموينية والوقود، وعانت سابقاً من مشكلات أمنية بسبب تمركز بعض المجموعات الإرهابية المسلحة قبل القضاء عليها، لكن الخطط المشتركة لخلق منوال للتنمية والاقتصاد في هذه المناطق فشلت حتى الآن في تحقيق تقدم على صعيد تحسين مستوى معيشة السكان، خاصة في الجانب التونسي.
وسبق انعقاد اجتماع اللجنة المشتركة، الأربعاء، إجراء محادثات سياسية بين رئيسي حكومة البلدين، تناولت مناقشة واقع العلاقات الجزائرية-التونسية، ومسعى تحقيق المزيد من التكامل الاستراتيجي والتنمية المتضامنة والمندمجة بين البلدين، خاصة بالنسبة للمناطق الحدودية، وتم التوافق على ضرورة متابعة مختلف المشاريع المشتركة وتعزيز المبادلات الاقتصادية، وتنسيق السياسات، و إجراء تقييم منتظم لمختلف أنشطة التعاون، وفق آليات فعالة ومستمرة.
وهذه هي الزيارة الأولى من نوعها لرئيس الحكومة التونسية الحشاني إلى خارج البلاد، منذ تعيينه في منصبه، خلفاً لنجلاء بودن، وهو تقليد سياسي جرى العمل به بين البلدين منذ عقود، حيث تكون أول زيارة لرؤساء الحكومات في تونس بعد تعيينهم إلى الجزائر، بحكم العلاقات السياسية والروابط التاريخية القائمة بين البلدين.
ويرافق رئيس الحكومة التونسية فريق وزاري، يضم وزير الشؤون الخارجية نبيل عمار، ووزير الداخلية كمال الفقي، وعدداً من مسؤولي المؤسسات الهامة، بينها شركة الكهرباء والغاز التونسية.
وأجرى مدير شركة الكهرباء التونسية فيصل طريفة، محادثات مع مدير شركة الكهرباء والغاز الجزائرية مراد عجال، حول التعاون في مجال الامدادات بالطاقة، وقال عجال عقب اللقاء، إن "الشركة الجزائرية ملتزمة وفقاً لتوجيهات السلطات العليا، بمرافقة ومساندة الأشقاء في تونس، حيث كانت الجزائر قد أمدت تونس عبر خط الربط الكهربائي المغاربي بـ 800 ميغاواط قبل أسبوعين، لنجدتها في أعقاب العطب الذي أصاب الكامل منظومة الكهرباء في تونس".
وبحسب البيانات الرسمية، تبلغ قيمة المبادلات التجارية بين البلدين أكثر من 1.2 مليار دولار سنوياً، وتشهد منذ عام 2020، نسقاً متزايداً، خاصة في مجال توريد المواد الغذائية والسلع والمنتجات الإلكترونية من الجزائر إلى تونس، التي تستفيد من إمدادات الطاقة من الجزائر عبر اتفاق بأسعار تفضيلية. كما تعد تونس وجهة مهمة لآلاف من السواح الجزائريين، بلغ عددهم عام 2019 نحو مليوني سائح، لكنها تراجعت هذا العام إلى أقل من 980 ألف سائح.
وتشهد العلاقات بين البلدين مستوى جيداً من التنسيق السياسي في القضايا الثنائية، وفي أزمات المنطقة كالأزمة في ليبيا، منذ زيارة الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى الجزائر في فبراير 2020، وزيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى تونس في ديسمبر/كانون الأول 2020، والزيارة الأخيرة للرئيس قيس سعيد الى الجزائر في يوليو/تموز 2022، على الرغم من حدوث فترات من البرودة السياسية نتيجة مشكلات متعددة تخص ارتدادات الوضع الداخلي في تونس، ومخاوف الجزائر من انجرار تونس إلى مسارات التطبيع.